×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

الأديبة السورية جمال عبيد لمجلة أزهار الحرف حاورتها من مصر مي خالد

الأديبة السورية جمال عبيد لمجلة أزهار الحرف حاورتها من مصر مي خالد
 من قلب سوريا، أصل العروبة وأم اللغة العربية، تُطل علينا الأديبة الدمشقية جمال عبيد..

الكاتبة جمال عبيد أديبة وشاعرة وقاصة وأستاذة للغة العربية. حاصلة على ليسانس اللغة العربية من جامعة بيروت العربية. الأديبة المُتميزة، التي تتعمقت وتألقت في فن الكتابة الأدبية شعرا ونثرا، فأصبحت من عملاقة الأدب. أحبَّت اللغة العربية وأتقنتها وكتبت بها واتخذتها أداة لإبداعها وتميزها. وليس هناك ما هو أجمل و أسمى مِن لغة القرآن الكريم.
في حوارنا مع الأديبة جمال عبيد نعيد إلى الأذهان أهمية اللغة العربية واللغة الأدبية التي اتخذتها الأديبة جمال عبيد للتعبير عن أفكارها ورؤاها الثاقبة.
جمال عبيد، بشهادة الجميع، تميزت كتاباتها بالسلاسة والسهولة، فهي تلك المُبدعة التي استطاعت أن تلمس مشاعر ووجدان القارئ البسيط بِلُغتها الفصيحة السلسة.. هي تِلك الكاتبة التي بَرعت في شتى ألوان الأدب العربي: المقالات، الومضات، الشعر، القصة، النصوص.
صدر لها حديثا (نقوش من الذاكرة) الذي يضم مجموعة من المقالات حول تجربتها، مع قصائد نثرية تثْبِت أنها تجوب آفاق الأدب بِقُدرة واقتدار .ومن هنا كان لمجلة “أزهار الحرف” حوارٌ معها لنغوص في عالمها الأدبي والثقافي.
حاورتها من مصر (مي خالد)

الأسئلة:

متى بدأ اهتمامك الكبير باللغة العربية حتى أخذت قرار أن تُكملي مشوارك الأكاديمي والمِهني في تخصص اللغة العربية؟ ألم تشعري يوما ما بالندم على اختيار هذا التخصص بسبب ثقل اللغة العربية؟
بكل رحابة صدر تلقيت أسئلتك الجميلة واللطيفة، ولك ولأخي الشاعر ناصر عبد الحميد رئيس ملتقى الشعراء العرب الفاضل – أدامكما الله – كل المودة والتقدير.
عندما تظهر نتائج الاهتمامات مهما كان نوعها، فلا شك أن لها بذورا دفينة في تربة خصبة تنتظر الفرصة المناسبة للنمو والظهور، فرحلة السبات النسبي هي من صفات الطبيعة. ثم كان لمزاولتي لمهنة تعليم اللغة العربية في سن مبكرة الفضل في ازدياد رغبتي وحبي لها.. لم أشعر أبدا بالندم أو بثقل المادة… والذي لا يتقن لغته لا يستطيع ترجمة باقي اللغات كما يجب، لأن اللغة وطن وهوية و شخصية.
هل شغفك واهتمامك باللغة العربية كان سببا في دخولك عالم الكتابة والأدب، أم العكس هو الصحيح؟ اهتمامك بفن الكتابة أدَّى إلى رغبتكِ في التعمق في اللغة التي تكتُبين بها؟
نعم، هناك علاقة وثيقة بين الشغف باللغة والكتابة المتوجة بنجاحات دائمة، حيث أن مجال التطبيق متاح لي مع الطلاب، فالنتائج فورية. مثلا، الكتابة المسرحية التي تتناسب مع عمر الصف المراد تطبيق العمل عليه تعطي النتائج والصدى الفوري للعمل. وكانت الرغبة دائمة عندي. ولا يخفى علينا أن الإنسان بحاجة إلى التطوير والتحسين لأي عمل يقوم به لأن ديمومة الاستمرار تتطلب ذلك. وكما قيل: “لو بنيت جبلا وهجرته قبل أن أضع الحجر الأخير لاعتبرت نفسي فاشلا.
لقد قُمت بتأليف كِتابيْ “على هامش الحياة” و”نقوش من الذاكرة”، فهل يُمكن أن تُطلعينا على سبب اختيارك لهذين الاسمين؟ وهل تميلين لعناوين الكتب المثيرة الغامضة أم تُفضلين العناوين الواضحة الصريحة التي تُعبر بشكل واضح عما بداخل الكتاب؟
أعتبر أن عنوان الكتاب أشبه شيء بثوب يرتديه الإنسان بحيث يكون مناسبا باللون والحجم وراحة الملبس: فعنوان الكتاب يخضع لهذا القانون .. أحسست أن هذه الذكريات المتراكمة يناسبها هامش الحياة، وكان لشاعرنا المعطاء (ناصر عبد الحميد) مشاركة في الرأي والتأثير.. مع شكري. أما عن العناوين، فأنا حقا أفضل العنوان الواضح الذي يأتي مناسبا في الشكل والمضمون لما هو في داخل الكتاب من مواضيع هامة .. بحيث يعبر بصدق عما في داخله.. وخاصة أن تلميع العناوين بخضع للإعلان التجاري!!
ما هي أهم الأعمال التي ساهمت في تكوين رؤيتك الفكرية والأدبية؟
طبعا كافة المطالعات والقراءات تسهم في تطوير الفكر والملكة الأدبية، إلا أن أكثر ما يحضرني هم الأشخاص بتنوع أعمالهم مثل طه حسين، ومي زيادة، وميخائيل نعيمة، وتوفيق الحكيم، وجلال الدين الرومي في أدبنا العربي، ومثل جان جاك روسو، والشاعر آرثر رامبو في الأدب الغربي.
في رأيك هل الكتابة وسيلة للهروب من الواقع أم وسيلة لتغييره، هل الأدب قادر على تغيير الأفكار والمفاهيم والأحاسيس أم هو فقط مجرد ملهى افتراضي يذهب إليه الكاتب أو القارئ ليلتهي عن واقعه الصعب؟
لو أن الهروب من الكتابة هو هروب من الواقع لما عرفنا الكتابة، خاصة المرء الذي يؤمن بمبدأ “أكون أو لا أكون”. والأدب عينة نيبلة وراقية وهو حضارة يمثل الشعوب ويعكس بيئتهم ويصور مواصفاتهم. فالكتابة بحد ذاتها عنوان المفاهيم والأحاسيس، وهي التي تعطي صورة حية عن وعي الشعوب. والحقيقة أنه إذا كانت الكتابة غير مجدية في تغيير الواقع وتحسينه، فهي عندئذ لسان مشلول لا فائدة منه… والواقع الصعب يحتاج إلى صرخة غضب تخلخل قوامه.
لمواكبة العصر والأنفتاح الكبير الذي يشهده العالم الآن، نجد بعض الكتاب يميلون إلى الكتابة بالطريقة التي تؤيّد هذا الانفتاح، حتى وإن كان يتعارض مع مبادئهم وأخلاقهم ، فهل تجدين هذا ذكاءً من الكاتب أم هو غباء وجهل، أم تجدين أن التوازن بين مواكبة العصر والمبادئ هو الحل الأمثل؟
هناك فرق كبير بين الانبطاح والانفتاح على الغرب بشكل عشوائي قد لا يتماشى مع واقعنا من عادات وتقاليد ومفاهيم ومتطلبات حياتية تواكب الزمن الذي نحن فيه، وبالمقابل، فإن التغاضي عن مواكبة العصر العلمي والتقني يكلف المجتمع خسارة باهظة. فالنفتاح بهذا المعنى المتوازن ضرورة لتحسين المجتمع ولجعله ذا صلة وثيقة مع الآخرين بحيث يكون التعامل الإنساني يواكب الحضارة الراقية.
متى يسقط الكاتب في نظركِ، ومتى تفقدين احترامك له، ومتى يخسر الكاتب قُرّاءه وجماهيره؟
بالمناسبة كل إنسان يستطيع الكتابة، ولكل شخص الحق في أن يعبر عن ذاته وأحاسيسه وأفكاره والتزاماته، لأن الكاتب يُعتبر صاحبَ مهنة يقوم صاحبها بتأليف وكتابة القصص والمؤلفات والكتب والروايات. وتعتمد كتاباته على الموهبة. فليس كل من يستطيع الكتابة يقال له كاتب. ويجب تدعيم هذه الموهبة بالدراسة والتعليم والتثقيف. فإن كان الكاتب بعيدا عن كل هذا، فإنه يسقط من العين ككاتب وأديب. فالكاتب الحقيقي هو الصورة الواضحة الصادقة التي تعيش في مجتمعها بكل متتطلباته الحياتية.
هل يمكن أن تُخبرينا عن رأيك في الملتقيات الأدبية وخصوصا الملتقيات التي يُقدمها مُلتقي الشعراء العرب؟ وحدثينا عن علاقتك بالشاعر الأستاذ ناصر رمضان رئيس الملتقى؟
إن الملتقيات الأدبية بصورة عامة ضرورة وحاجة اجتماعية هامة، فهي تقوي العلاقات البشرية وتصقلها بمفاهيم إنسانية تعاونية. فالإنسان اجتماعي بفطرته. وملتقى الشعراء العرب هو نموذج حي لهذا، خاصة أنه عام وشامل ومتنوع وذو مستوى عال من الثقافة والعلم. والأستاذ الشاعر المبدع ناصر يتحلى بحيوية أدبية راقية ويملك وسائل تعبير بأجمل الطرق المتنوعة شعرًا ونثرًا وموسيقى. وقد شجع كثيرًا من المواهب على الخلق والإبداع. ندعو له بطول العمر.
هل التأخر في الكتابة سببه الأسرة والأولاد والسفر والغربة أم أنه يعود أيضا لظروف خاصة بالرهبة من الكتابة، وهل وجود المحفز للإبداع يتمثل في العمل الجماعي مثل ملتقى الشعراء العرب؟
الحقيقة أن كل ما ذكرتِ كان له دور في تأخير مبادرة الكتابة والإنتاج الأدبي، ثم إن مزاولة التعليم تطلب وقتا خاصا لها. ورغم ذلك تظل الكتابة لها منزلتها الهامة، خاصة أنها أداة للتعبير عن الذات ولا أرى لها جوانب مرهبة أبدًا، ولو أن حرية التعبير قد تكون مقيدة أحيانا. وبلا شك فإن العمل الجماعي والتشجيع الذي لقيته من ملتقى الشعراء العرب ساهم في مباشرتي للكتابة.
وجود الشعر في كتابك الأخير هل يضعنا أمام تجربة مقبلة تحمل ديوانا خاصا بالأديبة جمال عبيد؟
إن وجود الشعر في كتابي يكرس حبي واهتمامي به، خاصة الزجل والشعر الشعبي، وأملي أن يكون لدي ديوان خاص مستقبلا.
لقد لاحظتُ في كتاباتكِ ومقالاتكِ مدى تقديرك الكبير لوالدتكِ، ففي خاتمة هذا الحوار – ليكون ختامُنا مِسكا – اذكري لنا والدتكِ في جملة؟
سأجيبك بما ذكرته في كتابي (نقوش من الذاكرة): “أمي يا صديقتي قصيدة شعر منزهة، نقية، صافية، من الصعب ترجمتها، إلا أن قراءتها تحتاج لوضوء مسبق من قارئها… ولتبقى حروفها بقدسيتها.”
مع شكري وتقديري لك على هذه الأسئلة.