أخبار قناة الشمس

×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

بيوتات جنات تأليف : إيمان بازرباشي

بيوتات جنات                                    تأليف : إيمان بازرباشي
 مقالي( بيوتات جنات) منشوراً في مجلة الوعي الإسلامي الكويتية ..وافر التقدير والاحترام لكل القائمين على المجلة الرصينة في زمن التفاهات..
بيوتات جنات تأليف : إيمان بازرباشي
لطالما أكرمها زوجها وعاملها بالحسنى , لكنها دائماً كانت تجد سبباً لخلق النكد والمشاكل! كان يتمنى لو يسمع منها كلمة حلوة , لكنها ما كانت لتحقق له أمنيته, كان كبريائها المبالغ به يمنعها...رغم أنها بلغت من العمر عتيا! أمضى حياته معها نكداً بنكد, رغم أن الله أنعم عليهما بكل شيء , المال والولد والصحة وكل ما يتمناه كل إنسان , كنت أحاول ـ بحكم معرفتي لها ــ أن أنصحها , أقول لها : عيشي حياتك مع زوجك بحب وسعادة بلا مشاكل , الله أنعم عليكما بكل شيء فلم المشاكل لم النكد؟! سامحيه إن هو أخطأ واغفري له إن هو قصر بعض الشيء , لا تنكدي عيشه لأجل أمور تافهة , أسعديه وافسحي له المجال ليسعدك... لا تضني عليه بكلمة حلوة , بقبلة حارة , بضمة حانية , لكنها كانت تسمع نصائحي ثم تضرب بها عرض الحائط , وتمضي في أسلوبها ذاته مع زوجها ,رغم أنها كانت تظهر لي أن نصائحي تعجبها , لكن تغير الطباع ليس بالأمر السهل , الأمر يحتاج إرادة قوية وعزيمة صلبة...
أصيب زوجها بمرض القلب واضطر لعمل جراحة القلب المفتوح ناهيك عن إصابته بمرض ارتفاع التوتر الشرياني جراء نمط الحياة المترع بالنكد الذي يعيشه ومع هذا لم تغير من أسلوبها في الحياة معه! إلى أن حانت تلك الساعة المشؤومة!! أصيب الرجل بجلطة دماغية أفقدته القدرة على الحركة في شقه الأيمن ناهيك عن فقدانه القدرة على النطق وتشتت كبير في الذاكرة!! كانت الصدمة كبيرة عليها ! فالزوج الذي كان يساعدها في أعمال المنزل ويجتهد في إرضائها رحل !و باتت أمام رجل آخر! رجل مشلول شللاً نصفياً يحتاج إلى خدمة وعناية مستمرة! الرجل الذي كان يكلمها كلاماً طيباً بات فاقداً لأي قدرة على الكلام و مهما بكت وندمت لن تسمع منه كلمة واحدة بعد اليوم! فالأطباء أخبروهم أن الجلطة التي أصابته كانت احتشاءً كاملاً, واحتمال الشفاء يكاد يكون ضئيل جداً..
انقلبت حياة المرأة رأساً على عقب وباتت كثيرة البكاء والنحيب والندم على ما فات , وعاشت ما تبقى من عمرها على أمل أن يشفى زوجها ويعود إلى سابق عهده وعاهدت نفسها إن شفي زوجها ألا تعود لسابق عهدها في النكد واختلاق المشاكل , بل ستقدره وتحترمه وتعيش معه بكل ود و محبة...
والسؤال هنا : لم تكون نعم الله حولنا ولا نعرف لها قيمة ثم نندم أشد الندم بعد زوال النعمة؟! لما لا نعيد حساباتنا ونصحح أخطائنا قبل فوات الأوان؟! بالفعل صدق من قال من كان في نعمة فليرعها فإن المعاصي تزيل النعم..
والنعم كلمة كبيرة وتشمل عدداً لا يعد ولا يحصى من العطايا والهبات التي حبانا إياها الله تعالى , لكني آثرت في هذا المقال ألا أتحدث إلا عن نعمة واحدة من هذه النعم , وهي نعمة الزوج الصالح..
العلاقة الزوجية نعمة كبيرة منّ الله تعالى علينا بها , لكن البعض لا يراها كذلك , حتى أن البعض يراها نقمة, فيندم \تندم على اليوم الذي تزوج\ تزوجت فيه , ويعتبر \تعتبر الزوج هو مصدر للشقاء في بعض الأحيان... ربما يكون مرد ذلك هو عدم شكر النعمة كما ينبغي حتى تتحول النعمة إلى نقمة.. كل النعم تحتاج إلى شكر , وشكر هذه النعمة بالذات يكون بالحب والحنان وحسن الرعاية, من كان لها زوج يكرمها يحبها فلتحافظ على هذه النعمة ولتشكر الله تعالى عليها , بأن تفيض عليه من حنانها , اجعلي حياته معك جنة , وحدها المرأة القادرة على أن تجعل البيت جنة أو جحيماً لا يطاق! لا تنتظري فراقه أو مرضه حتى تبكي وتلطمي وتندمي, أحبيه الآن استمتعي بهذه النعمة الآن.. لا تقولي زوجي قاسٍ ولا يستحق , القاسي يلين بكلمة حلوة منك , لا تفسدي علاقتك مع زوجك بالقسوة الغير مبررة , حتى وإن بدر منه مالا يرضيك تجاوزي عنه سامحيه وتخيلي أنك تفقديه أو أن يصيبه ما أصاب الرجل الذي تحدثنا في القصة السالفة, اعتبري بغيرك لا بنفسك , فالسعيد من اتعظ بغيره والتعيس من اتعظ بنفسه ... قد تقول أخت ما اعتدت على الكلام المعسول والجميل مع زوجي, أقول لها تكلفي ذلك , ورويداً رويداً ستجدين نفسك تغيرت وبات الكلام الجميل والعطف والحنان من سجيتك وطبعك, أخرى قد تقول لماذا أبدأ أنا بالكلام الجميل وأنا لا أسمع منه كلمة حلوة؟! لماذا لا يبادر هو بالكلام الجميل, أقول لها الرجل بطبعه عملي وأقل عاطفية من المرأة , لذا بادري أنت بالكلام الجميل ثم سترين أثر ذلك على زوجك وحياتك أسرتك كلها...قد يتأخر بعض الرجال في التجاوب وتبادل الكلام المعسول مع زوجاتهن خاصة إن لم يعتادوا ذلك , لكنك أختي الكريمة لابد ستجدين أثر كلماتك الطيبة والجميلة مع زوجك عاجلاً أم آجلاً وستجنين أطيب الثمار بإذن الله ,ولا تنسي الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة قال تعالى( ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ) ابراهيم ( 24)
كذلك لا ننسى أن نهمس في آذان الأزواج ذات الهمسة : من كان له زوجة صالحة تحبه وتعتني به فليستمتع بهذه النعمة وليداريها ويشكر الله تعالى عليها, فهي خير متاع الدنيا فعن عبد الله بن عمرو أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) قال : الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة ) (رواه مسلم)
وشكر هذه النعمة يكون بأن تسمعها كلمة طيبة , تنعم عليها من مالك ذلك يعزز الود بينكما... العلاقة بين الزوجين آية من آيات الله سبحانه , هو سر سعادتها وهي سر سعادته, لا تظن أن رجلاً يكون سعيداً بخيانته, الخيانة تعاسة لكلا الزوجين , لأن المعصية تورث الندامة وضيق الصدر , وطاعة الله تشرح الصدر والقلب ...
لنسعد بعضنا أزواجاً وزوجات ولتكن بيوتاتنا جنات لا شقاء فيها لننعم بالجنتين قال تعالى ( ولمن خاف مقام ربه جنتان )الرحمن (46) قال بعض المفسرون الجنتان تعني جنة في الدنيا وجنة في الآخرة , من لم يدخل جنة الدنيا لن يدخل جنة الآخرة ... وهذه هي الحقيقة : بيوت المسلمين المطبقين لشرع الله جنات تنضح بالحب والتفاهم والوداد والسعادة...حتى لو كان المال قليلاً , بينما المسلمين اللذين شردوا عن منهج الله وابتعدوا , بيوتهم جحيم لا يطاق حتى لو ملكوا الملايين والحياة تغص بالأمثلة على ذلك.. جعلنا وإياكم ممن تكون بيوتهم جنات يملؤها الحب والود والحنان..
#إيمان_بازرباشي
#مجلة_الوعي_الإسلامي