قصة كسر القيد نادية المحمداوي
قصة كسر القيد
نادية المحمداوي
أحست بزوجها وهو يدلف تحت الفراش مثقلا بالشراب, تغطي رائحته المكان, لامس جسدها البض, فانتفضت, وأضاءت النور, وألقت بالأغطية, وتركته وذهبت لغرفة أولادها لتكمل نومتها استفاقت في الساعة السابعة من النوم, غسلت وجهها, وغيرت ملابسها, ودخلت المطبخ لتهيىء للأطفال طعام الفطور الصباحي.
بعد ذهاب أولادها للمدرسة اتخذت من زاوية الصوفة متكئا لها في صالة بيتها الكبير الأنيق, واعدت فنجانا من القهوة وجلست ترتشفه وهي تتأمل حياتها عرضا وطولا.
هي ابنة وحيدة لعائلة المكونة من ثلاثة اخوة الكل متزوجين ويسكنون جميعا في بيت والدهم, ويجمعهم بعمل في شركته التي أسسسها قبل أكثر من أربعون عاما, وهي عبارة عن شركة مقاولات وبناء والمتاجرة ببيع الجرانيت والحصى , وهي أحب الناس لوالدها, لا أحد يتحدث معها ولا يكدر خاطرها من قبلهم, وهي إنسانة رقيقة حنونة على ابيها بعد أن توفيت والدتها.
تزوجت فور تخرجها من كلية الهندسة من رجل تقدم إليها عن طريق أصدقاء لهم, وتمت الموافقة عليه من قبل عائلتها كونه يحمل مواصفات الرجل الشجاع الكريم, بعد زواجهم بفترة قصيرة من الزمن أيقنت تماما من أن هذا الرجل ليس هو الذي تتمناه رغم وسامته, يغيب عنه الكرم, وظلت على هذه المعاناة زمنا طويلا, أنجبت منه ابنها الأول وبعد ثلاثة أعوام أنجبت الابن الثاني, حينها قررت أن تتركه إلى غير رجعة وتأخذ أولادها للعيش في بيت والدها .
خلال فترة سبع سنوات, لم تترك سوسن بيت زوجها, وكانت تتحمل منه أنواعا من الكلام والتعنيف, وإضافة لهذا كان بخيلا عليها وعلى أولادها بابسط الأشياء, ولكن والدها أراد لها أن تكون بخير, ولا تحتاج هي وأولادها شيئا منه فمنحها راتبا شهريا لها ولأولادها كهدية يرسله أليها عند أول كل شهر.
لم تشرح لأبيها واخوانها أي شيءٍ من الذي يحصل لها, بل بالعكس كانت تأتي لأهلها وهي سعيدة محملة بالهدايا, وكأنها تعيش بنعيم
في صباح اليوم الفائت, جلست مع زوجها وتطرقت بهدوء لحياتهما وكل مايتعلق بها وطلبت منه أن يطلقها مقابل أن تتنازل عن مهرها البالغ كيلو ذهب, وخمس دونمات أرض , واتفقت معه أنها سوف تمنح أولادها حياة أفضل فيما لو وافق أن يعطيها الوصاية عليهما مع إكمال جوازاتهما ومنحهم موافقة السفر , استعدل زوجها بجلسته وأخذ يفكر طويلا بكل الذي قالته, ولم يتكلم, وقام من جوارها استبدل ملابسه وذهب إلى أصدقائه للسهر معهم.
ومنذ تلك اللحظة التي غادرت فيها غرفة النوم يروح في نوم عميق, فتقوم من ركنها, وتلقي نظرة على السماء من خلال الشرفة, تجد النهار قد انتصف وزوجها لم يستيقظ من النوم , تجاهلت أمره, وأعدت الطعام لأولادها, وانتظرتهم بحديقة البيت بموعد مجيئهم وهي تتصفح إحدى الروايات التي أهداها إليها صديقها الكاتب الكبير .
استيقظ زوجها من النوم بعد العصر, ودخل المطبخ, وغرف من قدور الطعام الذي أعدته بصحن كبير, وجلس على طاولة الطعام بلا صوت يتناول طعامه وحين انتهائه من الطعام أخذ كوبا من الشاي المعد سلفا وتوجه لصالة الجلوس, وجلس قبالتها ووضع كوبه أمامه على الطاولة الصغيرة, ورفع نظره إليها وبادرها بالسؤال:
ـ لماذا تطلبين الطلاق ؟؟
ـ أنا وأنت لا نستطيع اكمال مشوارنا هذا واذا كنت تريد أولادك خذهم بشرط حمايتهم وتربيتهم بالأخير هم أولادنا ولا نريد أن نؤذيهم وأنت عسكري وهذا لا يتلائم وتربية طفلين هم بأمس الحاجة لوالدتهم وليس لوالدهم ..
كل هذا الوقت كان يتابع حركاتها بهدوء ومحبة .ثم بادرها بالكلام :
ـ سيكون لك ماتريدين وعلى اتفاقنا.
وقفت مبتسمة ابتسامة رضى وتوجهت بعد أن رمى يمين الطلاق عليها ثلاث مرات, صعدت لغرفتها وجمعت حقائبها وحقائب الأطفال, ووضعت بهما ماتحتاجه من مستلزماتهما, وطلبت من أخيها أن يأتي إليها ليأخذها مع الاطفال لبيت ابيها .
وهي خارجة تنفست بعمق, ومضت في اتجاه السيارة من دون أن تلقي ولو نظرة وداع إلى البيت, حتى وأخوها يطلب منها هذا, رفضت, وقالت له:
ـ السجين حينما يغادر سجنه, لا يلتفت إلى سجانه.
نادية المحمداوي
أحست بزوجها وهو يدلف تحت الفراش مثقلا بالشراب, تغطي رائحته المكان, لامس جسدها البض, فانتفضت, وأضاءت النور, وألقت بالأغطية, وتركته وذهبت لغرفة أولادها لتكمل نومتها استفاقت في الساعة السابعة من النوم, غسلت وجهها, وغيرت ملابسها, ودخلت المطبخ لتهيىء للأطفال طعام الفطور الصباحي.
بعد ذهاب أولادها للمدرسة اتخذت من زاوية الصوفة متكئا لها في صالة بيتها الكبير الأنيق, واعدت فنجانا من القهوة وجلست ترتشفه وهي تتأمل حياتها عرضا وطولا.
هي ابنة وحيدة لعائلة المكونة من ثلاثة اخوة الكل متزوجين ويسكنون جميعا في بيت والدهم, ويجمعهم بعمل في شركته التي أسسسها قبل أكثر من أربعون عاما, وهي عبارة عن شركة مقاولات وبناء والمتاجرة ببيع الجرانيت والحصى , وهي أحب الناس لوالدها, لا أحد يتحدث معها ولا يكدر خاطرها من قبلهم, وهي إنسانة رقيقة حنونة على ابيها بعد أن توفيت والدتها.
تزوجت فور تخرجها من كلية الهندسة من رجل تقدم إليها عن طريق أصدقاء لهم, وتمت الموافقة عليه من قبل عائلتها كونه يحمل مواصفات الرجل الشجاع الكريم, بعد زواجهم بفترة قصيرة من الزمن أيقنت تماما من أن هذا الرجل ليس هو الذي تتمناه رغم وسامته, يغيب عنه الكرم, وظلت على هذه المعاناة زمنا طويلا, أنجبت منه ابنها الأول وبعد ثلاثة أعوام أنجبت الابن الثاني, حينها قررت أن تتركه إلى غير رجعة وتأخذ أولادها للعيش في بيت والدها .
خلال فترة سبع سنوات, لم تترك سوسن بيت زوجها, وكانت تتحمل منه أنواعا من الكلام والتعنيف, وإضافة لهذا كان بخيلا عليها وعلى أولادها بابسط الأشياء, ولكن والدها أراد لها أن تكون بخير, ولا تحتاج هي وأولادها شيئا منه فمنحها راتبا شهريا لها ولأولادها كهدية يرسله أليها عند أول كل شهر.
لم تشرح لأبيها واخوانها أي شيءٍ من الذي يحصل لها, بل بالعكس كانت تأتي لأهلها وهي سعيدة محملة بالهدايا, وكأنها تعيش بنعيم
في صباح اليوم الفائت, جلست مع زوجها وتطرقت بهدوء لحياتهما وكل مايتعلق بها وطلبت منه أن يطلقها مقابل أن تتنازل عن مهرها البالغ كيلو ذهب, وخمس دونمات أرض , واتفقت معه أنها سوف تمنح أولادها حياة أفضل فيما لو وافق أن يعطيها الوصاية عليهما مع إكمال جوازاتهما ومنحهم موافقة السفر , استعدل زوجها بجلسته وأخذ يفكر طويلا بكل الذي قالته, ولم يتكلم, وقام من جوارها استبدل ملابسه وذهب إلى أصدقائه للسهر معهم.
ومنذ تلك اللحظة التي غادرت فيها غرفة النوم يروح في نوم عميق, فتقوم من ركنها, وتلقي نظرة على السماء من خلال الشرفة, تجد النهار قد انتصف وزوجها لم يستيقظ من النوم , تجاهلت أمره, وأعدت الطعام لأولادها, وانتظرتهم بحديقة البيت بموعد مجيئهم وهي تتصفح إحدى الروايات التي أهداها إليها صديقها الكاتب الكبير .
استيقظ زوجها من النوم بعد العصر, ودخل المطبخ, وغرف من قدور الطعام الذي أعدته بصحن كبير, وجلس على طاولة الطعام بلا صوت يتناول طعامه وحين انتهائه من الطعام أخذ كوبا من الشاي المعد سلفا وتوجه لصالة الجلوس, وجلس قبالتها ووضع كوبه أمامه على الطاولة الصغيرة, ورفع نظره إليها وبادرها بالسؤال:
ـ لماذا تطلبين الطلاق ؟؟
ـ أنا وأنت لا نستطيع اكمال مشوارنا هذا واذا كنت تريد أولادك خذهم بشرط حمايتهم وتربيتهم بالأخير هم أولادنا ولا نريد أن نؤذيهم وأنت عسكري وهذا لا يتلائم وتربية طفلين هم بأمس الحاجة لوالدتهم وليس لوالدهم ..
كل هذا الوقت كان يتابع حركاتها بهدوء ومحبة .ثم بادرها بالكلام :
ـ سيكون لك ماتريدين وعلى اتفاقنا.
وقفت مبتسمة ابتسامة رضى وتوجهت بعد أن رمى يمين الطلاق عليها ثلاث مرات, صعدت لغرفتها وجمعت حقائبها وحقائب الأطفال, ووضعت بهما ماتحتاجه من مستلزماتهما, وطلبت من أخيها أن يأتي إليها ليأخذها مع الاطفال لبيت ابيها .
وهي خارجة تنفست بعمق, ومضت في اتجاه السيارة من دون أن تلقي ولو نظرة وداع إلى البيت, حتى وأخوها يطلب منها هذا, رفضت, وقالت له:
ـ السجين حينما يغادر سجنه, لا يلتفت إلى سجانه.