سماح عبدالحليم الغريمة لا أعرف من أين أبدأ كلماتي فالموضوع شائك وقد تتهمونني بالعقوق والشذوذ وخاصة أنني سأبدأ قصتي بقولي: أكره أمي!!
الغريمة
لا أعرف من أين أبدأ كلماتي فالموضوع شائك وقد تتهمونني بالعقوق والشذوذ وخاصة أنني سأبدأ قصتي بقولي: أكره أمي!!
نعم أكرهها رغم أنها لم تتعمد الإساءة لي ولا ذنب لها في أسباب كراهيتي ورغم ذلك أصبحت أبغضُها وأتمنى العيش بعيدًا عنها، وحتى لا أترككم مع حيرتكم طويلًا سأشرع في كتابة التفاصيل.
لإنها كانت جميلة جدًا كانت محطَ الأنظار ومطمعً للكثيير من الأثرياء وذوي الشهادات العُليا رغم صِغر سنها لذا كثُرَ الطَّرقُ على أبواب والديها حتى وافقا على تزويجها لأحد الأثرياء المثقفين الذي هو والدي قبل اتمامها دراستها في مرحلة الثانوية العامة رغم ذكائها وتفوقها ولكن قلة تعليم جدي وفقره دفعاه للموافقة ظنًا منه أنها فرصة لن تُعوَّض، عاشتْ أمي حياة مُدلَّلة ومنعمة وأغدق عليها أبي كل حبه وماله وهي كانت نعم الزوجة المطيعة والمخلصة ولإنها كما قلتُ سابقًا ذكية فقد أحسنت استغلال ثرة أبي في توطيد معرفتها بالعالم الخارجي فكثرت سفرياتهما للخارج وتعددتْ أنواع الأجهزة الإليكترونية الحديثة في منزلنا وخاصة أجهزة الحاسوب بأحدث إصداراتها والتي أتقنت التعامل معها واتخذتها وسيلة لتعويض ما فقدته من دراسة نتيجة الزواج المبكر وكانت المحصلة النهائية امرأة ناضجة في غاية الجمال والثراء والحيوية ونسيتُ أن أضيف لكم أهم صفة تتمتع بها وهي اللياقة البدنية فأمي تعشق ممارسة الرياضة في النوادي الاجتماعية وفي منزلنا على أجهزةٍ غالية الثمن أقنعت والدي بشرائها،
أعلم أنكم تتساءلون عن موقفي وأين أنا من هذه الأحداث؟ ولهذا سأوفر عليكم المزيد من الانتظار وأبدأ الحوار عن نفسي، من سوء حظي أنني لم أرث عن أمي أي من صفاتها وجئتُ نسخةً من أبي قمحية اللون،متوسطة الجمال، ومتوسطة الذكاء أيضًا، قليلة الطموح؛ فوالدي ورث ثروته عن أبيه ولم يجتهد لتحصيلها، ورغم محاولات أمي الحثيثة لاصطحابي معها إلى عوالمها المتنوعة إلا أنني كنت أُحجم عن مرافقتها في المناسبات الاجتماعية والرحلات الجماعية التي تكون سببًا في مزيد من كراهيتي لأمي ومزيد من التقوقع الداخلي، فلم أعد أتحمل نظرات المقارنة بين ملامحي وملامح أمي الفاتنة ولا بين قوامي العادي وقوامها المتناسق الرشيق ولم أعد قادرة على تقبل نكات البعض السخيفة حول حيرته بيننا حول من الأم ومن الابنة كمجاملة لأمي بغض النظر عن وقع تلك الكلمات على نفسيتي المعذبة، ومع مرور السنوات والتحاقي بالجامعة استطعت الابتعاد عن أمي والاستقلال بنفسي قليلًا وأصبح الحوار بيننا نادرًا ولا أُنكر أنها لم تدَّخِر وسعًا في التواصل معي ومصادقتي بكل الوسائل ولكن كثرة المواقف المحرجة التي كان جمالها وذكاؤها الاجتماعي سببًا فيها جعلني أكره مصاحبتها في أي مكان، ولا أعطي الفرصة لأحد من أصدقائي كي يراها برفقتي لهذا كنت أرفض اصطحابهم لمنزلي كي لا أستمع لتلك التعليقات المكررة المستفزة حول جمال امي وحيويتها وأنها تبدو أصغر مني، وازدادَ الأمرُ سوءًا بعد وفاة والدي وترك كل أمواله بين يديها لثقته التامة في حكمتها الإدارية وأصبحت أمي من بعدها هدفًا ومطمع لمئات الرجال داخل العائلة وخارجها وأصبحت محاولات التودد لها تصيبني بالغيرة الشديدة والغضب المتصاعد ولم أعد أستطيع التفرقة بين أسباب هذه المشاعر هل لإنها أمي وأخاف عليها ام لإنني لم اجد مثل هذا الاهتمام من أي رجل من قبل؟!!
ربما كان من الممكن التعايش مع هذا الأمر عند هذا المستوى من الكراهية لأمي ولكنه لم يعد محتملًا بعدما تطورت الأحداث لمستوياتٍ أعلى لم أدرِ كيف ستكون ردود أفعالي بعدها؟!
في ظل محاولاتي للإندماج في الوسط الجامعي وقضائي أغلب اليوم برفقة أصدقائي هروبًا من التواجد مع أمي في مكانٍ واحد توطدت علاقتي العاطفية بأحد الأصدقاء وبدأت مشاعر الأنثى المحرومة بداخلي في التدفق وإغراقه بها، كان شابًا وسيمًا له قوامٌ رياضي قوي وخفة ظل هي أول ماجذبني إليه، ولفرط سعادتي ودهشتي وجدته يبادلني نفس نظرات الاعجاب، وبدأنا مشوار الحب من أوله ولإنني كنت كالعطشان في جوف الصحراء ألقيت بقلبي الذابل في هذا النهر من المشاعر العذبة وأسرفت في النهل، وفي العام النهائي من الدراسة تفاجأت به يطلب مني زيارتنا في المنزل للتعرف على أمي لإنه يعلم بوفاة أبي وأعلن عن رغبته بتوطيد العلاقات الأسرية فيما بيننا؛ وعندها تنازعتني الكثيير من المشاعر المتضاربة مابين فرحة بجديته في علاقتنا وبين خوفٍ خفي غير منطقي يراودني ...لم تلبث الأحداث أن أكدت صحة مخاوفي عندما جاء حبيبي لزيارة منزلنا واستقبلته أمي بلباقتها ورقتها المعهودة ورغم عدم تصنعها وتلقائيتها إلا أنني تمنيتُ أن تكون أقلَّ رقة ولباقة حتى لا تبهتْ صورتي بجوارها في نظر الشخص الوحيد الذي أحببته وعلى استعداد لقتال العالم بأسره من أجل الاحتفاظ به حتى لو كانت أمي جزء من هذا العالم، وكما توقعت بدأت نظراتُ الانبهار والإعجاب تلمع في عينيه وبدأ ينشغل بالحوار مع امي تدريجيًا متناسيًا وجودي وعلى الرغم من محاولات أمي إشراكي في الحوار وعدم لفت نظر حبيبي إليها بطريقة متعمدة حفاظًا على مشاعري إلا أن محاولاتها باءت بالفشل فانسحبتْ هي قليلًا بدعوى تجهيز الغداء وإعداد بعض المشروب لنا، انتظرتُ بداية الحوار بيننا رغم أنني أحفظ كلماتها المعتادة وتمنيتُ أن يخيب ظني ويفاجئني بأي كلمات عدا تغزُّلِه في شياكة أمي وحسن بيانها وجمال خِلقتها وخُلُقها إلا أن أمنيتي لم تطأ أرض الواقع وتشبثت بعالمها الخيالي، حاولت الحفاظ على أعصابي قدر المستطاع وأنا أرد على ملاحظاته بهدوء ظاهري وأشكره على إعجابه بأمي التي لم يتوقف حواره عنها قرابة النصف ساعة التي تركتنا أمي خلالها في حديقة منزلنا، قاومتُ رغبةً متوحشة بداخلي تدفعني للصراخ في وجههه ليكف عن ذكرها وأن يتذكر الهدف الذي جاء إلى منزلنا من أجلِه وأن أصرخ أيضًا في وجه أمي بأنني أكرهها وأتمنى موت إحدانا حتى أستريح من عذاب الضمير والنفس الذي يتآكلني في كل دقيقة أشعر فيها بكراهيتها رغم كونها أمي ولم تتعمد جرح كرامتي يومًا؛ شعرتُ بدوارٍ يكتنفُ رأسي وظلامٌ شديد يزحف على بصري ثم فجاة انقطعت صلتي بماحولي ورأيتني في هذا العالم الساكن المعزول عن أي مؤثرات خارجية، لا أدري كم مكثتُ بداخلة ولا أريد أن أعلم بل ولا أجد رغبة داخلية للخروج منه فهنا أشعر بالراحة بعيدًا عن أي مشاعر سلبية أو صراعات نفسية مؤلمة، خُيَّلَ إليّ أنني سمعتُ صوت أمي الباكي يناديني بين حينٍ وآخر ولكنني كنت أتجاهله مُتعمدةً فأنا لا أريد العودة إلى عالمٍ يجمعنا معًا مرة أخرى بعدما كانت سببًا في ضياع الشخص الوحيد الذي أحببته وتمنيت رفقته في تلك الحياة التي لم تنجح ثروة أبي في جعلها هانئة كما تمنيت، ولكن ماهذا؟!! إنه صوتٌ مألوفٌ حبيبٌ إلى قلبي، هل يعقل أنه يناديني؟! هل لازلت حبيبته التي يريدها؟! ، يجب أن أحصل على إجابات لتساؤلاتي لابد من شحذ إرادتي وعزيمتي لأتخطى الحد الفاصل بين عالمينا فلن أكون أنا سبب فراقنا مهما كان الأمر.
سمعت شهقة فرحٍ غامر تعبرُ حنجرةَ أمي بينما أحسست بأصابع قوية تعتصر راحتي بينهما وصوتٌ عاتبٌ يوبخني على ضعفي ويناديني بالحمقاء الصغيرة
التفتُ بضعفٍ إلى مصدر الصوت الذي كنت أعرف صاحَبه تمامًا ولمحتُ ُ نظرةَ قلقٍٍ يموجُ العشقَ بين دفتيها؛ وتخيلت أنني أهذي أو أنني أصطنع أحداثًا يتمناها عقلي الباطن لذا أعدتُ إغماض عيني مرة أخرى لتصفية ذهني واستعادة تركيزي وانتبهت على لهجة تهديد أعادتني إلى واقعي وجعلتْ البسمةَ تتراقص على شفاهي عندما سمعته يقول : لو أغمضتي عيناك مرةً أخرى فلن أجعلك تشاهدين خاتم الخِطبة وفستان الفرح الذين أحضرتهما لك .
تراقص قلبي فرحًا وأنا أشاهد راحتي تستكين بوداعة بين قبضتيه وقد نمت لحيته بطريقة تنم عن إهمال حلقها لعدة أيام ولكن لم يقلل هذا من وسامة وجههِ كثيرًا وحانت مني التفاتة لموضع أمي التي ترمقني من بين أمواجِ دموعٍ هادرة تضربُ أحداقَها؛ وأحسستُ بالخجلِ من نفسي ومن مشاعري المختلة التي كنتُ أكِنُها لها وشعرتُ بتأنيب الضمير على المشاعر المؤلمة التي كنت أسببها لها بردودي القاسية على دعواتها لاصطحابي في زياراتها وجولاتها فخفضت عيني خجلًا عندما التقطتا بعينيها، وكأنها فهمت مايدور بخُلدي فأسرعت تحتضنني وتربت على رأسي بحنان وهي تقول من بين دموعها أين تريدين أن أقيم حفل زفافك يا ملاكي الصغير؟
لا أعرف من أين أبدأ كلماتي فالموضوع شائك وقد تتهمونني بالعقوق والشذوذ وخاصة أنني سأبدأ قصتي بقولي: أكره أمي!!
نعم أكرهها رغم أنها لم تتعمد الإساءة لي ولا ذنب لها في أسباب كراهيتي ورغم ذلك أصبحت أبغضُها وأتمنى العيش بعيدًا عنها، وحتى لا أترككم مع حيرتكم طويلًا سأشرع في كتابة التفاصيل.
لإنها كانت جميلة جدًا كانت محطَ الأنظار ومطمعً للكثيير من الأثرياء وذوي الشهادات العُليا رغم صِغر سنها لذا كثُرَ الطَّرقُ على أبواب والديها حتى وافقا على تزويجها لأحد الأثرياء المثقفين الذي هو والدي قبل اتمامها دراستها في مرحلة الثانوية العامة رغم ذكائها وتفوقها ولكن قلة تعليم جدي وفقره دفعاه للموافقة ظنًا منه أنها فرصة لن تُعوَّض، عاشتْ أمي حياة مُدلَّلة ومنعمة وأغدق عليها أبي كل حبه وماله وهي كانت نعم الزوجة المطيعة والمخلصة ولإنها كما قلتُ سابقًا ذكية فقد أحسنت استغلال ثرة أبي في توطيد معرفتها بالعالم الخارجي فكثرت سفرياتهما للخارج وتعددتْ أنواع الأجهزة الإليكترونية الحديثة في منزلنا وخاصة أجهزة الحاسوب بأحدث إصداراتها والتي أتقنت التعامل معها واتخذتها وسيلة لتعويض ما فقدته من دراسة نتيجة الزواج المبكر وكانت المحصلة النهائية امرأة ناضجة في غاية الجمال والثراء والحيوية ونسيتُ أن أضيف لكم أهم صفة تتمتع بها وهي اللياقة البدنية فأمي تعشق ممارسة الرياضة في النوادي الاجتماعية وفي منزلنا على أجهزةٍ غالية الثمن أقنعت والدي بشرائها،
أعلم أنكم تتساءلون عن موقفي وأين أنا من هذه الأحداث؟ ولهذا سأوفر عليكم المزيد من الانتظار وأبدأ الحوار عن نفسي، من سوء حظي أنني لم أرث عن أمي أي من صفاتها وجئتُ نسخةً من أبي قمحية اللون،متوسطة الجمال، ومتوسطة الذكاء أيضًا، قليلة الطموح؛ فوالدي ورث ثروته عن أبيه ولم يجتهد لتحصيلها، ورغم محاولات أمي الحثيثة لاصطحابي معها إلى عوالمها المتنوعة إلا أنني كنت أُحجم عن مرافقتها في المناسبات الاجتماعية والرحلات الجماعية التي تكون سببًا في مزيد من كراهيتي لأمي ومزيد من التقوقع الداخلي، فلم أعد أتحمل نظرات المقارنة بين ملامحي وملامح أمي الفاتنة ولا بين قوامي العادي وقوامها المتناسق الرشيق ولم أعد قادرة على تقبل نكات البعض السخيفة حول حيرته بيننا حول من الأم ومن الابنة كمجاملة لأمي بغض النظر عن وقع تلك الكلمات على نفسيتي المعذبة، ومع مرور السنوات والتحاقي بالجامعة استطعت الابتعاد عن أمي والاستقلال بنفسي قليلًا وأصبح الحوار بيننا نادرًا ولا أُنكر أنها لم تدَّخِر وسعًا في التواصل معي ومصادقتي بكل الوسائل ولكن كثرة المواقف المحرجة التي كان جمالها وذكاؤها الاجتماعي سببًا فيها جعلني أكره مصاحبتها في أي مكان، ولا أعطي الفرصة لأحد من أصدقائي كي يراها برفقتي لهذا كنت أرفض اصطحابهم لمنزلي كي لا أستمع لتلك التعليقات المكررة المستفزة حول جمال امي وحيويتها وأنها تبدو أصغر مني، وازدادَ الأمرُ سوءًا بعد وفاة والدي وترك كل أمواله بين يديها لثقته التامة في حكمتها الإدارية وأصبحت أمي من بعدها هدفًا ومطمع لمئات الرجال داخل العائلة وخارجها وأصبحت محاولات التودد لها تصيبني بالغيرة الشديدة والغضب المتصاعد ولم أعد أستطيع التفرقة بين أسباب هذه المشاعر هل لإنها أمي وأخاف عليها ام لإنني لم اجد مثل هذا الاهتمام من أي رجل من قبل؟!!
ربما كان من الممكن التعايش مع هذا الأمر عند هذا المستوى من الكراهية لأمي ولكنه لم يعد محتملًا بعدما تطورت الأحداث لمستوياتٍ أعلى لم أدرِ كيف ستكون ردود أفعالي بعدها؟!
في ظل محاولاتي للإندماج في الوسط الجامعي وقضائي أغلب اليوم برفقة أصدقائي هروبًا من التواجد مع أمي في مكانٍ واحد توطدت علاقتي العاطفية بأحد الأصدقاء وبدأت مشاعر الأنثى المحرومة بداخلي في التدفق وإغراقه بها، كان شابًا وسيمًا له قوامٌ رياضي قوي وخفة ظل هي أول ماجذبني إليه، ولفرط سعادتي ودهشتي وجدته يبادلني نفس نظرات الاعجاب، وبدأنا مشوار الحب من أوله ولإنني كنت كالعطشان في جوف الصحراء ألقيت بقلبي الذابل في هذا النهر من المشاعر العذبة وأسرفت في النهل، وفي العام النهائي من الدراسة تفاجأت به يطلب مني زيارتنا في المنزل للتعرف على أمي لإنه يعلم بوفاة أبي وأعلن عن رغبته بتوطيد العلاقات الأسرية فيما بيننا؛ وعندها تنازعتني الكثيير من المشاعر المتضاربة مابين فرحة بجديته في علاقتنا وبين خوفٍ خفي غير منطقي يراودني ...لم تلبث الأحداث أن أكدت صحة مخاوفي عندما جاء حبيبي لزيارة منزلنا واستقبلته أمي بلباقتها ورقتها المعهودة ورغم عدم تصنعها وتلقائيتها إلا أنني تمنيتُ أن تكون أقلَّ رقة ولباقة حتى لا تبهتْ صورتي بجوارها في نظر الشخص الوحيد الذي أحببته وعلى استعداد لقتال العالم بأسره من أجل الاحتفاظ به حتى لو كانت أمي جزء من هذا العالم، وكما توقعت بدأت نظراتُ الانبهار والإعجاب تلمع في عينيه وبدأ ينشغل بالحوار مع امي تدريجيًا متناسيًا وجودي وعلى الرغم من محاولات أمي إشراكي في الحوار وعدم لفت نظر حبيبي إليها بطريقة متعمدة حفاظًا على مشاعري إلا أن محاولاتها باءت بالفشل فانسحبتْ هي قليلًا بدعوى تجهيز الغداء وإعداد بعض المشروب لنا، انتظرتُ بداية الحوار بيننا رغم أنني أحفظ كلماتها المعتادة وتمنيتُ أن يخيب ظني ويفاجئني بأي كلمات عدا تغزُّلِه في شياكة أمي وحسن بيانها وجمال خِلقتها وخُلُقها إلا أن أمنيتي لم تطأ أرض الواقع وتشبثت بعالمها الخيالي، حاولت الحفاظ على أعصابي قدر المستطاع وأنا أرد على ملاحظاته بهدوء ظاهري وأشكره على إعجابه بأمي التي لم يتوقف حواره عنها قرابة النصف ساعة التي تركتنا أمي خلالها في حديقة منزلنا، قاومتُ رغبةً متوحشة بداخلي تدفعني للصراخ في وجههه ليكف عن ذكرها وأن يتذكر الهدف الذي جاء إلى منزلنا من أجلِه وأن أصرخ أيضًا في وجه أمي بأنني أكرهها وأتمنى موت إحدانا حتى أستريح من عذاب الضمير والنفس الذي يتآكلني في كل دقيقة أشعر فيها بكراهيتها رغم كونها أمي ولم تتعمد جرح كرامتي يومًا؛ شعرتُ بدوارٍ يكتنفُ رأسي وظلامٌ شديد يزحف على بصري ثم فجاة انقطعت صلتي بماحولي ورأيتني في هذا العالم الساكن المعزول عن أي مؤثرات خارجية، لا أدري كم مكثتُ بداخلة ولا أريد أن أعلم بل ولا أجد رغبة داخلية للخروج منه فهنا أشعر بالراحة بعيدًا عن أي مشاعر سلبية أو صراعات نفسية مؤلمة، خُيَّلَ إليّ أنني سمعتُ صوت أمي الباكي يناديني بين حينٍ وآخر ولكنني كنت أتجاهله مُتعمدةً فأنا لا أريد العودة إلى عالمٍ يجمعنا معًا مرة أخرى بعدما كانت سببًا في ضياع الشخص الوحيد الذي أحببته وتمنيت رفقته في تلك الحياة التي لم تنجح ثروة أبي في جعلها هانئة كما تمنيت، ولكن ماهذا؟!! إنه صوتٌ مألوفٌ حبيبٌ إلى قلبي، هل يعقل أنه يناديني؟! هل لازلت حبيبته التي يريدها؟! ، يجب أن أحصل على إجابات لتساؤلاتي لابد من شحذ إرادتي وعزيمتي لأتخطى الحد الفاصل بين عالمينا فلن أكون أنا سبب فراقنا مهما كان الأمر.
سمعت شهقة فرحٍ غامر تعبرُ حنجرةَ أمي بينما أحسست بأصابع قوية تعتصر راحتي بينهما وصوتٌ عاتبٌ يوبخني على ضعفي ويناديني بالحمقاء الصغيرة
التفتُ بضعفٍ إلى مصدر الصوت الذي كنت أعرف صاحَبه تمامًا ولمحتُ ُ نظرةَ قلقٍٍ يموجُ العشقَ بين دفتيها؛ وتخيلت أنني أهذي أو أنني أصطنع أحداثًا يتمناها عقلي الباطن لذا أعدتُ إغماض عيني مرة أخرى لتصفية ذهني واستعادة تركيزي وانتبهت على لهجة تهديد أعادتني إلى واقعي وجعلتْ البسمةَ تتراقص على شفاهي عندما سمعته يقول : لو أغمضتي عيناك مرةً أخرى فلن أجعلك تشاهدين خاتم الخِطبة وفستان الفرح الذين أحضرتهما لك .
تراقص قلبي فرحًا وأنا أشاهد راحتي تستكين بوداعة بين قبضتيه وقد نمت لحيته بطريقة تنم عن إهمال حلقها لعدة أيام ولكن لم يقلل هذا من وسامة وجههِ كثيرًا وحانت مني التفاتة لموضع أمي التي ترمقني من بين أمواجِ دموعٍ هادرة تضربُ أحداقَها؛ وأحسستُ بالخجلِ من نفسي ومن مشاعري المختلة التي كنتُ أكِنُها لها وشعرتُ بتأنيب الضمير على المشاعر المؤلمة التي كنت أسببها لها بردودي القاسية على دعواتها لاصطحابي في زياراتها وجولاتها فخفضت عيني خجلًا عندما التقطتا بعينيها، وكأنها فهمت مايدور بخُلدي فأسرعت تحتضنني وتربت على رأسي بحنان وهي تقول من بين دموعها أين تريدين أن أقيم حفل زفافك يا ملاكي الصغير؟