أخبار قناة الشمس

×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

حنان أبو زيد يا قلب لا تحزن ...... !!

حنان أبو زيد يا قلب لا تحزن ...... !!
 حنان أبو زيد
يا قلب لا تحزن ...... !!
قالوا : مرضتِ .. قلت أمر الله وقضاه
يا عزة الله كيف ذاك المرض هو جاه
لعله يمحو الذنب عني و خطاه
و أصبح صحيح الجسد بلا دواء أو آه
تُؤجر يا من صبرت ولم تنسى الله
عسى من شر وقسوة الألم يسلم
كل عزيز و غالي من بلواه.
د. حنان ابو زيد
............................
سأكتب هنا معكم عدة ترنيمات عن بعض تجربتي مع الألم والمرض، والعزل الصحي لبضع ساعات أو أيام أو دهراً :...........
1- في الرخاء نتحدث عن بعض القيم كالصبر والاحتساب، وذلك سهل، ولكنها في أيام البلاء تصبح أعزَّ على النفس من الغراب الأبيض، والكبريت الأحمر.
2- في غرفة العزل كان كل شيء مهيأ ، تلفاز، خزانة ملابس، حمام نظيف، كلَّ يوم مع رعاية مستمرة, ولكن كان ينقصها المهمان: العافية و الحرية.
3- كنت سجينة ، وشعرت بمعاناة السجناء،
وأدركت سذاجتي حين ظننت السجين قادرا بسهولة على التأقلم مع وضعه،
فما أعظم المناضلين الذين قضوا أعمارا خلف القضبان.
4 - كل شيء كان رتيبا :
أصوات الممرضات،
تجديد المغذيات،
فحص الضغط والقلب و الحرارة...
الرتابة أكبر ما يخلق الملل، فجددوا حياتكم دائما ..
5- للتغلب على الوحدة والعزلة كنت أطيل الوقت، فما كان يستغرق خمس دقائق أجعله في ربع ساعة،
ولكني أخفقت في صراعي مع الزمن، خرجت مثخنًة بالملل.
6- كونوا مع السجناء بدعائكم، إن عزلتهم -أكانت بحق أم بغير حق- قاتلة، الوحدة تثير الوساوس، وتفتح نوافذ للكآبة، وقد تورث أمراضا نفسية وعضوية.
7- في عزلتي المرضية حذرتني الممرضة من بعض الحركات التي قد تؤذيني، وأفتت لي بجواز الصلاة على السرير.
8- بياض أغلب الأشياء في المستشفى لم يذكّرني الكفن فقط - كما يقولون بل ذكّرني بالنقاط السود في حياتي وبعضهم الذين تأذيت منهم كثيرا وحرصي على محوهم من ذكراي.
9- في غرفة العزْل الصحي وجدتُ مجالا للتأمل واسعة، فلا أنيسي سوى قلمي ودفتري أبث لهما أوجاعي،
وكتاب الله المقدس،
فلا يصلني سوى صوت المؤذن،
ونداءات الممرضات،
فكلٌّ منا يحتاج إلى ساعات من العزلة والتأمل ، جرّبوا التأمل ..
10- اضطررت في أثناء مراجعاتي للمستشفى إلى أن أكون راكبة لا سائقة، فوجدت لذة في النظر والفرجة وقلّة التوتر.
ونصيحتي للنساء: لا تحرصن على القيادة.
11- كان المرض فرصة لتقليب أوراقي القديمة،
مزقت بعضها، وجددت بعضها،
وفتحت صفحات جديدة ما زلت أكتب فيها.
12- (الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى)
جملة حفظتها وأنا صغيرة وأدركت عمق معناها وأنا كبيرة.
وهل نحتاج إلى قسوة التجارب لندرك الحقائق؟!!
13- بعد كام يوم بلا حركة و بلا أكل، فاقدة للشهية، وكنت أتجرع الماء كارهة .. إن ثمن العافية غالٍ،
فمن ينبّه الأصحاء؟
14- بعض الأمراض مجهولة الأسباب ،
ولكنّ كثيرا منها معروفة أسبابه،
واللبيب من استعان بالله وتجنب أسباب المرض، وبادر إلى المحافظة على صحته.
15- المرض نعمة في بعض جوانبه،
فقد زاد تعلقي بالله، والتمّ حولي عدد من المحبين، وزارني من لم أره منذ فترة طويلة ، وعاد إلى نفسي بعض صفائها، فالحمد لله.
وصيتي لكم اقرؤوها بتمعن لنستشعر كم نحن نتقلب في نعم الله غير مدركين قدرها ..
اللهم أدمها علينا جميعا يارب ..
الصحة نعمة من رب العباد، لا يستشعرها إلا ..
من طرحته الأقدار الربانية على فراش المرض، وقوي القلب والإيمان ومن تتوقد نفسه، أملا وطموحا،ويقينا بالله،
يرى في جانب المرض،أجرا، وابتلاء، وتخفيفا لذنوب لا يعلمها إلا خالقه،
وهو حتى في فراش المرض، تراه، ذاكرا لله صابرا لا يعتريه يأسٌ أو قنوط..
أما ضعيف الإيمان، ومن غمر قلبه اليأس والقنوط فإنه يقع أسيرا، وفريسة للمرض، ولا يرى منه سوى الجانب المظلم، ..
وإذا لزمت الفراش أسبوعا أو بضعة أسابيع لا تحزن ولا تحسب انك سيىء الحظ اعتبرها إجازة إجبارية ترتاح فيها إلى حين من القيود
إن المرض يبصرنا بما كنا نجهله في نفوسنا، وبما ينقصنا في حاضرنا ومستقلبنا كما أنه يجلي لأعيينا الأخطاء التي ارتكبناها في حياتنا الخاصة وفي حق أقاربنا وأصدقائنا وزملائنا ومرؤوسينا وفي رؤسائنا فنعمل على اجتنابها في المستقبل ونعيش بعده أصدق عاطفة وأحكم عقلا وأهدى سبيلا.
وقد يدهش المرء عندما يجد نفسه وهو طريح الفراش قادرا على حل مشكلات عجز عن حلها سنوات وهو متمتع بعافية ولكن الواقع أن غريزة البقاء في الإنسان تقوى وتشتد إبان المرض فتشحذ الهمم والحواس.
لقد صدق من قال : « إن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى» وما أكثر التيجان المماثلة التي نراها حين نمرض بعد أن فاتنا رؤيتها ونحن أصحاء!!...
وهنا أختم كلماتي
المتعثرات الخجلات، الوجِلات، بحمد الله، أن مّنّ علينا بكرم منه وفضل،
وعافانا مما ابتُلي به كثير من الناس..
فلا تجعل المرض يهزمك.. وقلبك لو تعلق بالله سيهزم المرض..
ودراستك الثانوية والجامعية وتخصصاتك وشهرتك كلها ستغدو هباءً من أول ليلة في لحدك !!
ويبقى تلقين الصف الأول ابتدائي :
" من ربك ، مادينك ، من نبيك " !!
وأسأل الله لي ولكم العافية وحسن الخاتمة ...
د. حنان أبو زيد