شكرمرزوك العبيدي الشاعر الكبير زهير الدجيلي
شكرمرزوك العبيدي
الشاعر الكبير زهير الدجيلي
يا طيور الطايره، امغربين، حسبالى، انحبكم، ينجوى، محطات البارحه، مكاتيب، والقائمة تطول... يمتى تسافر ياكمر.. وسافر هذا القمر… "الناصرية الدجيلي" الذي عمَّدت شاعريته "الشطرة" حيث الولادة والنشأة والصبا والغراف بمائه ومناخاته العفوية التي تحكي فيها شواطئ الشطرة حكايات للحب، ووشمت الناصرية قصائده بطين سومر الخالد، الطين السومري الأحمر.. الأحمر هذه الدلالة التي جسدت الفكر الانساني وتحولت الى معادل موضوعي للفكر الشيوعي، الذي منحه الشاعر كل شبابه مناضلا سجينا شاعرا.. تساقطت أوراق عمره الثوري الانساني خلف قضبان السجون.. لتزهو ثقافته بالفكر الانساني الذي جسده زهير الشاعر والصحفي والانسان، كاتب الدراما التلفزيونية، شاعر لأطفال العالم من خلال سلامتك وافتح يا سمسم وأعماله التلفزيونية، حياة الاسكافي والجيران والمزيد من هذا المنجز الذي يمتد من الفجر الى الفجر ليمنحنا رمزا ثرا..
لهذه النفس المتدفقة كلماتها كالأحاسيس الشفافة، انه أرق من جنح الفراشات واعبق من عبير الورود عندما يناجي حبيبته "والسمه امصحيه وصحيت انه كمر وكلب الحديثه مثل شاطى ونهر ….والقلب جا وين اضمه".
رغم تحدياته الجسام ومرارة السجون .. لكننا كلما نمسك بقصائده نجدها تغني نفسها لأنها اختصرت ما للشطرة والناصرية وسوق الشيوخ من شجن وغناء، وهذا المناخ الدرامي منح زهيرا البعد الجمالي في قصائده المحملة بالفراق، الفراق الذي توجته ثنائية الغربة والاغتراب خلف قضبان 14 سنة في السجون نزفت فيها جراحاته العبقة قصائد رائعة.
"حنيت واترجه .. اترجه دليلي وعيني ….. بلجن عذاب افراكم بهداي من ياذيني بلجن يحن حاديكم.. امغربين وين اهل الهوى والشوك بكليبي دوه …. ليل اليلم طاريكم وانتم جزيره وهيمه
مشيت دنيه اعليكم عاشك يدور ابضيمه".
آه…. آه لهذا الالم الحقيقي….. "بلجن عذاب افراكم بهداي من ياذيني"، يا لهذا التوسل "حنيت واترجه" .. التوسل الانساني، يا لهذا الترجي العاطفي الذي يمنح الكبرياء تواضعا بين يدي الحبيب دون نار الغربة والفراق …. هذا الليل الذي يمتد في حياة الشاعر منتظرا شمس الخلاص .. الحرية … اللقاء … الحب … الوطن … المرأة … الذكريات … الاصدقاء…. كل هذه الكلمات التي تجسد الحب تحمل بكاءها الصامت تحمل ألمها صراخها عذاباتها انتظارها هذا الانتظار الذي أيضا تمثل في ثنائية "اليأس والأمل، الحرية والسجن، الحب والهاجس"، كل شيء يتجلى عندما تكتب معلقاتك الشعرية التي لحنت نفسها وتغنينا بها اخذتنا مع حبيباتنا الى شواطئ العتاب الصادق الى البكاء الصادق الحب الذى يشكل احيانا معادلة الوجود الحياة أو الموت أو اللامبالاة…. كل مضمون، كل صوره شعرية… تحسها ما زالت بمخاض الولادات بدماء الجراح، ملاذات الخوف، بارتعاشات اللقاء الأول… كل حرف كل مناجاة كل ألم يتراكم ... يتناسل ..... يتكاثر، يتحول الى حسابات الى مفهوم كمي ... أو كيفي .. هكذا يحسب الشاعر همومه بالأرقام المتراكمة رغم انها مطلقة لا تخضع الى اية حسابات لكنه يفترض ذلك من خلال تضحيته:
"حسبالي عدينه الوفه والعمر وتراضينه
حسبالي من شفت الفرح بعيونك تراضينه
ثاري اعله ساعة ....
ثاري اعلى ساعة ترجع اتبايعني
محيرني ساعات الصبح شوجنك اتوادعني
وساعات بغياب الشمس ملهوف ومضيعني
محيرني يالبايعني".
هل عشت يوما عذابات الحب ... هل عشت هذا الاغتراب .. هذا الوهم ... ثنائية الزعل والرضى ... مع الحبيب
هل بكيت يوما لانتظار موعد؟ .... هل نسيت الزاد والماء والنوم ولذت بكؤوس الخمر من الالم الذي يعتصرك؟ .. هل ذقت سنوات الهجر؟ ... هل عشت حالات التمني؟ ... هل حلمت؟ .. حلمت بالمرأة تسرح ضفائرها بأحضانك كالحمامات ... وتلوذ بعطرها كالرغبات ... وتغفو على يديك ... كتمثال ... هل مال شعرها وانعطف؟ .. هل طوقتك بخصلات شعرها؟ … بكت بأحضانك وتذوقت دموعها المالحة، هل مسحت كحلها واختلط الخجل بحرارة الملامح والحياة؟ .. هل فاضت القبلات وذابت القلوب وتعاهدتما ان تكونا غصنين في شجرة واحدة؟
هذه المرأة التي تتثاءب عند زهير الدجيلي فينساب الرضاب من شفتيها أنها دجلة والفرات أو الحمامة، كل شيء يشير إلى حب الوطن "مو بعيدين اليحب يندل دربكم مو بعيدين الكمر حط أبكربكم"، من وصف حييته ان تكون هي "جارة القمر"، هموم زهير تلك القطارات التي اغوت المحطات بان تسير خلفها محطات زهير الدجيلي المفعمة بالتساؤل المزدانة بالغربة المحملة بالبكاء المتراكم عليها غبار النسيان، لا صوت يمسح من بريق أديمها.. محطاته طيور طارت تحمل رسائله من المنفى وشمس الله تحمل تحياته لأهله الطيبين، هل وجدتم شاعرا سخر الشمس لتكون حمامة زاجل لتحمل رسائله إلى الأحبة انه الوطن الذي يغني "زهير الوطن"، الذي خارطته حدودها روح الشاعر، شمس وطيور مسافرة، وكصيبة، وأحدثيه، امرأة شابة كانت، أو في مراحل الدراسة، تحمل الفراشات على ضفائرها، وتكتب اسم حبيبها على غلاف الكتاب المدرسي ..
زهير الإنسانية المتدفقة التي منحت الأطفال أغانيهم ورقصاتهم، كانت حصتهم كبيرة، لأنهم رمز الوجود التدفق، الحياة الاستمرارية.
زهير الدجيلي شاعر جسد كل قيم الإبداع في قصائده ولغته الرائعة المتدفقة كالفرات، زهير حمامة في سماء العراق ونجمة مشعة في تراثنا الخالد، في أغانينا التي نحب، لأنها علمتنا ان نصون حساباتنا، علمتنا الوفاء والصدق والثقافة. توفي في الكويت في 3 مارس 2016)
الشاعر الكبير زهير الدجيلي
يا طيور الطايره، امغربين، حسبالى، انحبكم، ينجوى، محطات البارحه، مكاتيب، والقائمة تطول... يمتى تسافر ياكمر.. وسافر هذا القمر… "الناصرية الدجيلي" الذي عمَّدت شاعريته "الشطرة" حيث الولادة والنشأة والصبا والغراف بمائه ومناخاته العفوية التي تحكي فيها شواطئ الشطرة حكايات للحب، ووشمت الناصرية قصائده بطين سومر الخالد، الطين السومري الأحمر.. الأحمر هذه الدلالة التي جسدت الفكر الانساني وتحولت الى معادل موضوعي للفكر الشيوعي، الذي منحه الشاعر كل شبابه مناضلا سجينا شاعرا.. تساقطت أوراق عمره الثوري الانساني خلف قضبان السجون.. لتزهو ثقافته بالفكر الانساني الذي جسده زهير الشاعر والصحفي والانسان، كاتب الدراما التلفزيونية، شاعر لأطفال العالم من خلال سلامتك وافتح يا سمسم وأعماله التلفزيونية، حياة الاسكافي والجيران والمزيد من هذا المنجز الذي يمتد من الفجر الى الفجر ليمنحنا رمزا ثرا..
لهذه النفس المتدفقة كلماتها كالأحاسيس الشفافة، انه أرق من جنح الفراشات واعبق من عبير الورود عندما يناجي حبيبته "والسمه امصحيه وصحيت انه كمر وكلب الحديثه مثل شاطى ونهر ….والقلب جا وين اضمه".
رغم تحدياته الجسام ومرارة السجون .. لكننا كلما نمسك بقصائده نجدها تغني نفسها لأنها اختصرت ما للشطرة والناصرية وسوق الشيوخ من شجن وغناء، وهذا المناخ الدرامي منح زهيرا البعد الجمالي في قصائده المحملة بالفراق، الفراق الذي توجته ثنائية الغربة والاغتراب خلف قضبان 14 سنة في السجون نزفت فيها جراحاته العبقة قصائد رائعة.
"حنيت واترجه .. اترجه دليلي وعيني ….. بلجن عذاب افراكم بهداي من ياذيني بلجن يحن حاديكم.. امغربين وين اهل الهوى والشوك بكليبي دوه …. ليل اليلم طاريكم وانتم جزيره وهيمه
مشيت دنيه اعليكم عاشك يدور ابضيمه".
آه…. آه لهذا الالم الحقيقي….. "بلجن عذاب افراكم بهداي من ياذيني"، يا لهذا التوسل "حنيت واترجه" .. التوسل الانساني، يا لهذا الترجي العاطفي الذي يمنح الكبرياء تواضعا بين يدي الحبيب دون نار الغربة والفراق …. هذا الليل الذي يمتد في حياة الشاعر منتظرا شمس الخلاص .. الحرية … اللقاء … الحب … الوطن … المرأة … الذكريات … الاصدقاء…. كل هذه الكلمات التي تجسد الحب تحمل بكاءها الصامت تحمل ألمها صراخها عذاباتها انتظارها هذا الانتظار الذي أيضا تمثل في ثنائية "اليأس والأمل، الحرية والسجن، الحب والهاجس"، كل شيء يتجلى عندما تكتب معلقاتك الشعرية التي لحنت نفسها وتغنينا بها اخذتنا مع حبيباتنا الى شواطئ العتاب الصادق الى البكاء الصادق الحب الذى يشكل احيانا معادلة الوجود الحياة أو الموت أو اللامبالاة…. كل مضمون، كل صوره شعرية… تحسها ما زالت بمخاض الولادات بدماء الجراح، ملاذات الخوف، بارتعاشات اللقاء الأول… كل حرف كل مناجاة كل ألم يتراكم ... يتناسل ..... يتكاثر، يتحول الى حسابات الى مفهوم كمي ... أو كيفي .. هكذا يحسب الشاعر همومه بالأرقام المتراكمة رغم انها مطلقة لا تخضع الى اية حسابات لكنه يفترض ذلك من خلال تضحيته:
"حسبالي عدينه الوفه والعمر وتراضينه
حسبالي من شفت الفرح بعيونك تراضينه
ثاري اعله ساعة ....
ثاري اعلى ساعة ترجع اتبايعني
محيرني ساعات الصبح شوجنك اتوادعني
وساعات بغياب الشمس ملهوف ومضيعني
محيرني يالبايعني".
هل عشت يوما عذابات الحب ... هل عشت هذا الاغتراب .. هذا الوهم ... ثنائية الزعل والرضى ... مع الحبيب
هل بكيت يوما لانتظار موعد؟ .... هل نسيت الزاد والماء والنوم ولذت بكؤوس الخمر من الالم الذي يعتصرك؟ .. هل ذقت سنوات الهجر؟ ... هل عشت حالات التمني؟ ... هل حلمت؟ .. حلمت بالمرأة تسرح ضفائرها بأحضانك كالحمامات ... وتلوذ بعطرها كالرغبات ... وتغفو على يديك ... كتمثال ... هل مال شعرها وانعطف؟ .. هل طوقتك بخصلات شعرها؟ … بكت بأحضانك وتذوقت دموعها المالحة، هل مسحت كحلها واختلط الخجل بحرارة الملامح والحياة؟ .. هل فاضت القبلات وذابت القلوب وتعاهدتما ان تكونا غصنين في شجرة واحدة؟
هذه المرأة التي تتثاءب عند زهير الدجيلي فينساب الرضاب من شفتيها أنها دجلة والفرات أو الحمامة، كل شيء يشير إلى حب الوطن "مو بعيدين اليحب يندل دربكم مو بعيدين الكمر حط أبكربكم"، من وصف حييته ان تكون هي "جارة القمر"، هموم زهير تلك القطارات التي اغوت المحطات بان تسير خلفها محطات زهير الدجيلي المفعمة بالتساؤل المزدانة بالغربة المحملة بالبكاء المتراكم عليها غبار النسيان، لا صوت يمسح من بريق أديمها.. محطاته طيور طارت تحمل رسائله من المنفى وشمس الله تحمل تحياته لأهله الطيبين، هل وجدتم شاعرا سخر الشمس لتكون حمامة زاجل لتحمل رسائله إلى الأحبة انه الوطن الذي يغني "زهير الوطن"، الذي خارطته حدودها روح الشاعر، شمس وطيور مسافرة، وكصيبة، وأحدثيه، امرأة شابة كانت، أو في مراحل الدراسة، تحمل الفراشات على ضفائرها، وتكتب اسم حبيبها على غلاف الكتاب المدرسي ..
زهير الإنسانية المتدفقة التي منحت الأطفال أغانيهم ورقصاتهم، كانت حصتهم كبيرة، لأنهم رمز الوجود التدفق، الحياة الاستمرارية.
زهير الدجيلي شاعر جسد كل قيم الإبداع في قصائده ولغته الرائعة المتدفقة كالفرات، زهير حمامة في سماء العراق ونجمة مشعة في تراثنا الخالد، في أغانينا التي نحب، لأنها علمتنا ان نصون حساباتنا، علمتنا الوفاء والصدق والثقافة. توفي في الكويت في 3 مارس 2016)