×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

د.إلهام حمدان القصيدة المُغنـَّاه .. أين نحن منها ؟

د.إلهام حمدان     القصيدة المُغنـَّاه .. أين نحن منها ؟
 د.إلهام حمدان



القصيدة المُغنـَّاه .. أين نحن منها ؟مقالي عدد السبت14/2 بالدستور الورقية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. إلهام سيف الدولة حمدان
تعالوا بنا نتفق ـ على اختلاف مشاربنا وتوجهاتنا ـ أن الموسيقى غذاء الروح .. فنبضات القلب هى موسيقى الحياة ، وعلى دقــَّاته المنتظمة الإيقاع ننام ونصحو وننسب اليه كل خلجات المشاعر والأحاسيس .. فالموسيقى صنو الحياة شئنا أم أبينا .. ولكن أى موسيقى التى نقول عنها أنها غذاء الروح ومصدر استمرارية الحياة بكل الجمال الذى نرجوه ونتمناه لأنفسنا العطشى إلى تلك النغمات الربانية ..والغناء عامة بحاجة الى كلام جميل وقصيدة ترفع مستوى الذوق الفنى .. إذن بالتأكيد هى الموسيقى التى تخاطب العقل والوجدان ولا تخاطب الغرائز الدنيا فى الإنسان .. حبذا لو تردد صداها على أجمل الكلمات التى نتداولها فى مسيرتنا الحياتية ، وهل هناك أجمل من لغتنا العربية ذات اللفظ الجزيل والتعابير التى تترجم بدقة كل خلجات الكائن البشرى من إحساس بالفرح أو حتى الحزن !
وكم تغنـَّينا بالشعر العربى لكبار شعراء العروبة وصدحت به سيدة الغناء العربى السيدة/أم كلثوم ( مصر التى فى خاطرى ) و (أراك عصي الدمع)وموسيقار الأجيال /محمد عبد الوهاب ( الجندول ) و ( الكرنك ) ، ومعاصريهما الأفذاذ فريد الأطرش ( عدت يايوم مولدى )و (يازهرة في خيالي)وعبد الحليم حافظ ( قارئة الفنجان )و (لست أدري) ، ونجاة الصغيرة ( أيظن )و (متي ستعرف كم أهواك) وغيرهم ، وكانت الأذن المصرية والعربية التى تربَّت على أبجديات الجمال ؛ تعشق قصائد الشعرالتى قام بوضع ألحانها أساطين الموسيقا فى عالمنا العربى .. بداية من الموشحات الأندلسية ، وتناهت الينا سيرة عاشق الموسيقا فى بلاط هارون الرشيد وأشهرهم البارع ( زرياب ) الذى حظى برضا سلاطين عصره ، كما انه من أشهر من عرفته بغداد من الموسيقيين فكان له أثر عظيم في تطوير الموسيقا العربية وآلاتها ، وقام بتدريب عشرات المغنيات اللائى تتلمذن على يديه ، وترك كمًا رائعًـا من الأنغام التى أصبحت تراثــَّا خالًدا لإبداعات الموسيقا العربية التى تتغنى بقصائد مشاهيرالشعراء بلغتنا العربية العبقرية .
ولكن تعالوا ننظرفى واقعنا المصرى والعربى ، لنرى إلى أى مدى تردَّى الذوق العام فى المجتمع وفى انتقاءاته السمعية ، لنجد تراجعًا مقيتـًا فى الاعتماد على الكلمات الدارجة بالعامية المحلية ، وليتها انتقاءات فى العامية الراقية ، ولكن انحدر الذوق العام الى استخدام بعض الكلمات المتدنية التي تبغضها السليقة السوية وتحدث لها كراهة في السمع مستقاة من لغة قاع المدينة ، وهذا ليس تقليلًا من شأن ( العامية ) ؛ ولكن مايحزننى هو الابتعاد عن التغنـِّى بالقصائد الرصينة التى ترقى بالذوق العام الى مصاف الروحانيات ، والتى تغنـَّى بها رجل الشارع البسيط ، فعشقنا شعر شوقى فى روائع ( إسلامياته ) بدءًا من ( ولد الهدى ) و ( نهج البردة ) التى تعتبر من الشعر الرصين فى لغتنا العربية-على سبيل المثال- .. ولكن الكل تغنى بها فى سلاسة وعذوبة تفوق التغنـِّى بأغنيات ينشدها فى الأفراح وليالى العرس بكلماتها الشعبية الدارجة .
ويبقى السؤال : هل الإحساس الجمعى الشعبى فى عالمنا العربى وعلى رأسه مصر .. غابت عنه جماليات الإبداع فى الشعر والموسيقا ؟ ولماذا ؟
ولكن هذا موضوع آخر .. يستلزم القيام بعمل دراسة واستقصاء من جانب المشتغلين والمتخصصين والمهتمين بالحقل الفني لمحاولة البحث عن إجابات تشفى غليل الباحث فى أغوار المجتمع المصرى والعربى .
مركز اللغات والترجمة ـ أكاديمية الفنون
image