×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

التنمر في المدارس ظاهرة اجتماعية لابد من التوعية بها ومعالجتها "1-3"

التنمر في المدارس ظاهرة اجتماعية لابد من التوعية بها ومعالجتها "1-3"
 بقلم/ الكاتبة وسيلة الحلبي
"التنمر في مدارس البنين والبنات" باتت ظاهرة يشتكي منها العالم كله ويعاني من ويلاتها , ويبحث المهتمون فيه بالعملية التربوية وبنشأة الأجيال سبل علاجها لخطورتها , وذلك منذ وقت طويل , وتلقى تلك الظاهرة اهتماما غير عادي من المهتمين بقضايا ومشكلات التربية والتعليم في جميع أنحاء العالم ، حيث أن هذه المشكلة تعتبر سببا هاما ومؤثرا في تعثر الكثير من الطلاب دراسيا , وقد تدفع بالبعض إلى كُره الدراسة وتركها بالكلية ألا وهي ظاهرة العنف الشديد في المدارس بين الطلاب والذي بلغ حدا من التوحش لدرجة أن العالم تعامل معه باسم توصيفي جديد وسماه "ظاهرة التنمر" , كدلالة على تحول السلوك الإنساني لسلوك مشابه للسلوك الحيواني في التعامل في الغابة , حيث لا بقاء لضعيف ولا احتكام إلا للغة القوة الوحشية دونما مراعاة لخلق قويم أو لسلوك فاضل .
وتعتبر ظاهرة التنمر شكلا من أشكال العنف، والإساءة، والإيذاء، الذي يكون مُوجَّهاً من شخص، أو مجموعة من الأشخاص، إلى شخص آخر، أو مجموعة من الأشخاص الأقلّ قوّة، سواء بدنيّاً، أو نفسيّاً، حيث قد يكون عن طريق الاعتداء البدنيّ، والتحرُّش الفِعليّ، وغيرها من الأساليب العنيفة، ويتَّبع الأشخاص المُتنمِّرين سياسة التخويف، والترهيب، والتهديد، وقد يُمارَس التنمُّر في أكثر من مكان، كالمدرسة، أو العمل، أو غيرها من الأماكن المختلفة.
ويُقسَم التنمُّر الى عدّة أنواع منها التنمُّر اللفظيّ: كالتلفُّظ بألفاظ مُهينة للشخص الآخر، أو مناداته بأسماء سيّئة لا يُحبّذُها الشخص ولا يحبُّها، والسخرية منه، وتهديده.
التنمُّر الجسديّ: وهو إيذاء الشخص، عن طريق ضَرْبه، وإهانته، وايذائه في جسده، ودفعه بقوّة.
التنمُّر الاجتماعيّ: وهو إيذاء الشخص معنويّاً، كتَرْكه وحيداً، ودَفْع الآخرين إلى تَرك صحبته، وإخبارهم بعدم مصادقته، أو التعرُّف إليه.
التنمُّر الجنسيّ: وهو إيذاء الشخص باستخدام الألفاظ، والمُلامَسات غير اللائقة.
التنمُّر في العلاقة الشخصيّة، والعاطفيّة: وهو إيذاء الشخص بنَشْر الأكاذيب، والإشاعات التي تُسيء إليه، وإبعاده، والصدّ عنه.
التنمُّر الإلكتروني: وهو التنمُّر الذي يتمّ عن طريق استخدام المعلومات، ووسائل وتقنيات الاتّصالات، كالرسائل النصّية، والمُدوَّنات، والألعاب على الإنترنت، عن طريق تنفيذ تصرُّف عدائيّ يكون الهدف منه إيذاء الآخرين.
ويُقسَم التنمُّر إلى قسمَين، هما:
التنمُّر المباشر: حيث يتضمَّن الضَّرْب، والدَّفْع، وشَدّ الشَّعر، والطَّعْن، والصَّفْع، والعَضّ، والخَدْش، وغيرها من الأفعال التي تدلُّ على الاعتداء الجسديّ. غير المباشر؛ حيث يتضمَّن تهديد الضحيّة بالعَزْل الاجتماعيّ الذي يتحقَّق بعدّة طُرُق، مثل: التهديد بنَشْر الإشاعات، ورَفْض الاختلاط مع الضحيّة، ومُمارَسة التنمُّر على الأشخاص الذين يختلطون مع الضحيّة، ونَقْد الضحيّة من ناحية الملبس، والعِرق، واللون، والدِّين، والعَجْز، وغيرها.
التنمُّر في المدارس
ولا تقتصر تلك المشكلة على صفوف ومدارس البنين فقط – رغم شيوعها النسبي فيهم – إلا أنها موجودة أيضا في مدارس البنات ولكن بحدة وصورة تناسب شخصياتهن، وتكون فيها الفتاة الضحية أكثر تحملا وأكثر استعدادا لكتم ما تعانيه نظرا للطبيعة الأنثوية الضعيفة في بنات جنسهن جميعا التي حباهن الله بها. ومخطئ من يتناول بحث الظاهرة حول كونها فقط مشكلة للضحية الواقع عليه الضرر فحسب فللمشكلة صورتان مؤثرتان تأثيرا شديدا على المجتمعات فالصورة الأولى -وهي الأَولى بالطبع بالاهتمام وبالعلاج وإيجاد سبل الحل -وهي صورة الضحية التي يقع عليها الفعل الإكراهي المؤلم. لكن الصورة الأخرى وهي صورة الطفل أو مجموعة الطلاب المتنمرين الذين يتخذون صورة العنف سلوكا ثابتا في تعاملاتهم ،إنها صورة ضحية آخري من نوع مغاير ووجوده أشد خطرا على المجتمع من الصورة الأولى, فكلاهما ضحية ، وكلاهما يحتاج للعلاج النفسي والسلوكي ، وكلاهما لابد من تخليصه من ذلك الضرر ، وخاصة أنهما معا يشكلان عنصري بناء الأمة المستقبلي , فالمعتدِي والمعتدَى عليه عضوان أساسيان في كل المجتمعات , وإذا أهملنا الطفل المعتدِي ولم نقومه - تربويا وسلوكيا – سنعرض أطفالا آخرين للوقوع في نفس المشكلة وسيساهم هذا في استشراء تلك الظاهرة بصورة أكبر في المجتمع ،ذلك مع ضرورة صب جل اهتمامنا على الطفل الضحية الذي وقع تحت إهمال الكثيرين ... "يتبع" .

عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين
• عضو اتحاد الكتاب والمثقفين العرب
• سفيرة الإعلام العربي