×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

قم للمعلم وفِّهِ التبجيل

قم للمعلم وفِّهِ التبجيل
الأستاذة / سعاد البيطار لا تقوم الأمم ولا ترتقي ولا تزدهر إلا بالعلم، فهو غذاء العقول المستنيرة التي استطاعت بفضله الخروج من ظلمات الجهل الى نور العلم، ومن الحياة الحيوانية الى الحياة البشرية السامية، وقد حث الإسلام على طلب العلم وشرف أهل العلم في الدينا والآخرة، فكانت أول آية نزلت من القرآن الكريم هي "اقرأ".
تعتبر مهنة التدريس من أشرف المهن التي عرفتها الإنسانية على مر التاريخ، لأنه حجر البناء فبفضله ينشأ في المجتمع الطبيب والمهندس والمحامي وغيرها من المهن، التي لا تستقيم حياة الناس إلا بها، فالمعلم هو أساس العملية التعليمية وهو صاحب الفضل على هؤلاء وغيرهم، ممن تعلموا على يديه سائر العلوم فانتفع الناس بهم.
ان المعلم الفاضل صاحب الفكر التنويري الصحيح، يؤثر في المجمع عن طريق طلبته ، فإذا ما كان قدوة صالحة لهم كانوا هم كذلك والعكس بالعكس، فمهمة المعلم تربية النشأ على الأخلاق الحميدة، وتهذيب الأنفس على القيم المثلى وصقل شخصية المتعلمين، ليكونوا عنصرا فعالا في مجتمعاتهم، فمثله مثل الرسل-عليهم السلام- الذين بعثهم الله للناس هادين ومعلمين للخير.
جاءت نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، متضافرة في بيان قيمة العلم وحملته ،والحض على تبجيل العلماء ورفع منزلتهم ومن ذلك قوله تعالى:
﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ ﱠ.(المجادلة: ١١).
وفي الحديث:" إنه ليستغفر للعالم من في السماوات والأرض، حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء هم ورثة الأنبياء". فياله من فضل عظيم وشرف للمعلم.
نقل لنا التراث الإسلامي صور مشرفة لما كان يلقاه المعلم بين الناس من احترام وتبجيل، ومن ذلك أن زينَ العابدين علي بن الحسين –رضي الله عنهما- كان يذهب إلى زيد بن أسلم، فيجلس إليه، فقيل له: أنت سيد الناس وأفضلهم تذهب إلى هذا العبد فتجلس إليه، فقال: العلم يُتَبع حيث كان ومن كان.
وكان الخلفاء يتسابقون على أبواب العلماء لينالوا شرف تربية أبنائهم وتعليمهم على أيديهم، فكتب من هارون الرشيد لأحد مؤدبي أبنائه قائلاً فيها: " إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه، وثمرة قلبه، فأقرئه القران، وعرفه الآثار والأشعار، وعلّمه السنن، وبصّره مواقع الكلام وبدئه، وامنعه الضحك إلا في أوقاته، ولا تمرنّ بك ساعة إلا وأنت مغتنم فيها فائدة تفيده إياها، من غير أن تخرق به فتميت ذهنه، ولا تمعن في مسامحته فيستحلي الفراغ ويألفه، وقومّه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإنْ أبَاهُما فعليك بالشدّة والغلظة، وبالله توفيقكما).
إن أمة لا تعرف للعلم والعلماء قدرا، لا يمكن أن ترقى بين سائر الأمم ، بل مصيرها التخلف عن ركب الحضارة والنسيان بين طيات التاريخ.
بقلم أ. سعاد البيطار