كتبت هاجر بو عبيد --المرأة السعودية وأدب الرواية!. شرفة لامرأة واحدة لمؤلفتها مريم الحسن.
ترددت كثيرا في نشر هذا المقال وكتابته إلا أني حسمت الأمر في لحظة من اللحظات، ولست أدري لماذا؟
لطالما كنت مهتمة ولا زلت بالأدب العالمي وفي التفكير عن السبل التي ستجعلنا يوما ما نصل بالأدب العربي (الرواية)
إلى هذا المستوى من التقنية والحرفية العالمية، إلا أني مؤخرا تطرقت لقراءة الروايات العربية المغربية وغيرها،
وحينما توجهت إلى الأدب السعودي للإطلاع على الرواية الحديثة كنت حريصة جدا لأن أقرأ لامرأة،
المرأة السعودية وأدب الرواية!.
شرفة لامرأة واحدة لمؤلفتها مريم الحسن.
تتسم الرواية عموما بالطابع الرومانسي ذات اللغة التصويرية الذي يعتمد على وظائف الوصف إما إخبارية لنقل المعلومات وأخبار النص الحكائي وشخصياته، وإما لتشخيص حالة معينة، وتقييم لحالة الموصوف بصفاته وحسناته داخل إطار زمني ومكاني معين.
وبلغة سلسة بعيدة عن الألفاظ المركبة والدلالية حاولت الكتابة تقريب القارئ من المجتمع السعودي من خلال مجموعة من الشخصيات والأحداث داخل النص الروائي.
تحكي الرواية قصة زوجين عاشقين لم يرزقا بطفل، مما جعل أسرة البطل (وليد) المتجسدة في الأم إجبار ابنها على الزواج مرة أخرى من ابنة أختها لتقر عينها بالحفيد إلا أن تصاعد الأحداث حالت دون ذلك، ومع الكثير من الحب والصبر والتضحية عادت الأمور إلى نصابها وحظت البطلة الرئيسية (سوسن) بحياة مستقرة وهانئة مع زوجها.
كان العنوان بمثابة ملخص وجيز للرواية في ثلاث كلمات “شرفة لامرأة واحدة” والشرفة هي مكان مرتفع يطل على العامة يعتبر هذا اللفظ بمثابة مدلول مجازي يحيل إلى قلب الرجل ذاك المكان المرتفع والذي لا يقوى إلا على حمل امرأة واحدة فهل الرواية صرخة من صرخات المرأة السعودية، هل ترفض الكاتبة (المرأة) التعدد في مجتمع يقبله وتقبله؟
أم أن الكاتبة ترسم لنا المرأة بضوابطها الخاصة ومميزاتها السامية والتي لا تشوبها شائبة فلا أدري هل تصف لنا المرأة
التي لا تصلح للتعدد أم أنها تحكي لنا قصص أسر سعودية ترفض شرفة لامرأتين؟
عالجت الرواية قضية اجتماعية يعاني منها المجتمع السعودي بطريقة أو بأخرى وكانت عبارة عن محاكاة للواقع بشقيه الخيِّر والشرير وقد ألقت الضوء على بطلتها الجميلة والتي تحمل كل المواصفات التي يمكن أن يحلم بها الرجل العربي، لدرجة أنها تغاضت النظر تماما عن مساوئ هذه الشخصية، لقد كانت محبوبة الكاتبة فلم تسمح لها برؤية كاملة لطبيعة الإنسان البشري فلا فيه خير مطلق ولا شر مطلق، ولا أعلم حقا هل تغاضت النظر عنها أم أنها تعمدت عدم تشويه هذه الشخصية الملائكية بأي خطأ يذكر، في حين أنها ركزت على الشخصية الثانية في الرواية والتي ترمز إلى الشر فاعتمدت على المقاربة بين الشخصيتين بأسلوب التضاد وجعلت كل ما هو سيئ من صفات يخص هذه البطلة (بلقيس).
وقد تكون الأولى بالمناصفة مع بطلتها سوسن لو أن كاتبتنا لم تستبعد عدة تفاصيل قد تكون مهمة لخدمة السرد الروائي والتحليل النفسي للشخصيات بشكل أعمق وأدق وأكثر مصداقية إذ نرى و للأسف تهميش في المحاكاة النفسية
والاجتماعية للبطلة الثانية مع العلم أن هذه الشخصية تمثل شخصية أحد المرضى بمرض الصرع.
تحمل الرواية قصة رئيسية واحدة وهي معاناة زوج مع امرأتين وقصص صغيرة تصب من هنا وهناك
إلى ذات البحيرة التي تعكَر صفوها بسبب ظل وجه طفل بريء.
في خضم الأحداث التي تعاجلها الرواية أدرجتنا الكاتبة وسط المجتمع السعودي بجمل سهلة وخيال عذب يحمل من النعومة
و الرقة ما تحمله بطلتها سوسن وإن ما دل هذا على شيء إنما يدل على تقارب البطلين الراوي (الكاتبة) والبطل الرئيسي (سوسن).
تحمل الرواية صراعا داخليا بين قوى الخير والشر كما سبق وذكرنا والذي تجلى في صورة البطلة بلقيس التي تريد بأي شكل من الأشكال الاستيلاء على وليد، ثم يضيع هذا البطل الذي لا حول له ولا قوة بين أمه التي تفرض عليه بلقيس لرعايتها وتقبلها كزوجة مريضة بالصرع رغبة في الإنجاب منها وبين سوسن الصابرة الحنونة التي لا ضرر ولا ضرار منها حيث كاد يمزقه صبرها وحبها الساكن له لأنه اعتبرها ضحية ظروف قاسية لم يستطيع فيها أن يكون بقربها على الأقل.
ما لفت انتباهي هو أسلوب المقارنة التي استخدمته الكاتبة فبعدما قارنت أو قارنت بطريقة غير مباشرة بين الشخصيتين الرئيسيين قارنت أيضا بين شخصيتين ثانويتين وهما أم سوسن وأم وليد.
كما قارنت بين الدولتين البحرين والسعودية بطريقة قد أقول عنها حذرة نوعا ما فلما حاولت الكاتبة إخبارنا برأيها حول موضوع قيادة النساء للسيارة صاغت مشهدا موغلا بالشك إذ لا أستطيع أن أقول أنها قدمت لنا رفضا قاطعا في هذا المشهد أو أنها قدمت لنا قبولا ناعما بصيغة مشهدية خفيفة تدل على الذكاء والفطنة.
رفض بلقيس لزوجها بعد موت طفلها كان حلا للعقدة التي عشناها من خلال هذا النص الروائي،
فكانت بمثابة هدية جميلة لسوسن ونهاية قوية وصادمة للألم والعذاب الذي كان يعيشه وليد.
إلا أننا لا نقول عنها إلا أنها نهاية غير متوقعة فقد اعتقدت أنها ستكون عبارة عن نهاية روتينية مملة “ستموت وسينجو الطفل الموعود وسيعيشان في هناء وسعادة معه”.
لكن الفصل الأخير كان على قدر من الذكاء والنضج وتحول فيه رمز الشر بالنسبة للكاتبة إلى شر خير.
ومن ناحية الأسلوب يتنوع الأسلوب المستخدم في هذه الرواية وفق الحدث التي تدور فيه، ففي البداية يسيطر الأسلوب الموضوعي على سياق الرواية لتغمرنا بالتفاصيل التي تساعدنا على فهم الأحداث التي ستجيء تباعا بعد ذلك وفي السياق ينتقل الحديث إلى لسان الشخصيات المتحدثة وبذلك يسيطر الأسلوب الداخلي على السياق.
يعد الإصدار هو العمل الروائي الثالث للكاتبة السعودية “مريم الحسن” منها الضياع وأشرقت الأيام .
وقد تخصصت في العديد من الفنون الأدبية “كتابة الرواية، القصة القصيرة، القصة القصيرة جدا، المقالات، القصة الومضة” إضافة إلى كونها فنانة تشكيلية.
ويعد انتصارها الحقيقي في خروجها من عالمها المستور تحت غطاء العادات والتقاليد إلى العالم العربي من خلال إصدارات وأعمال عربية أدبية وفنية متنوعة ترفع من قيمة المرأة والمجتمع مع الأمل بأن يتطور أدبها السردي
إلى ما هو أفضل وأنضج وأعمق
لطالما كنت مهتمة ولا زلت بالأدب العالمي وفي التفكير عن السبل التي ستجعلنا يوما ما نصل بالأدب العربي (الرواية)
إلى هذا المستوى من التقنية والحرفية العالمية، إلا أني مؤخرا تطرقت لقراءة الروايات العربية المغربية وغيرها،
وحينما توجهت إلى الأدب السعودي للإطلاع على الرواية الحديثة كنت حريصة جدا لأن أقرأ لامرأة،
المرأة السعودية وأدب الرواية!.
شرفة لامرأة واحدة لمؤلفتها مريم الحسن.
تتسم الرواية عموما بالطابع الرومانسي ذات اللغة التصويرية الذي يعتمد على وظائف الوصف إما إخبارية لنقل المعلومات وأخبار النص الحكائي وشخصياته، وإما لتشخيص حالة معينة، وتقييم لحالة الموصوف بصفاته وحسناته داخل إطار زمني ومكاني معين.
وبلغة سلسة بعيدة عن الألفاظ المركبة والدلالية حاولت الكتابة تقريب القارئ من المجتمع السعودي من خلال مجموعة من الشخصيات والأحداث داخل النص الروائي.
تحكي الرواية قصة زوجين عاشقين لم يرزقا بطفل، مما جعل أسرة البطل (وليد) المتجسدة في الأم إجبار ابنها على الزواج مرة أخرى من ابنة أختها لتقر عينها بالحفيد إلا أن تصاعد الأحداث حالت دون ذلك، ومع الكثير من الحب والصبر والتضحية عادت الأمور إلى نصابها وحظت البطلة الرئيسية (سوسن) بحياة مستقرة وهانئة مع زوجها.
كان العنوان بمثابة ملخص وجيز للرواية في ثلاث كلمات “شرفة لامرأة واحدة” والشرفة هي مكان مرتفع يطل على العامة يعتبر هذا اللفظ بمثابة مدلول مجازي يحيل إلى قلب الرجل ذاك المكان المرتفع والذي لا يقوى إلا على حمل امرأة واحدة فهل الرواية صرخة من صرخات المرأة السعودية، هل ترفض الكاتبة (المرأة) التعدد في مجتمع يقبله وتقبله؟
أم أن الكاتبة ترسم لنا المرأة بضوابطها الخاصة ومميزاتها السامية والتي لا تشوبها شائبة فلا أدري هل تصف لنا المرأة
التي لا تصلح للتعدد أم أنها تحكي لنا قصص أسر سعودية ترفض شرفة لامرأتين؟
عالجت الرواية قضية اجتماعية يعاني منها المجتمع السعودي بطريقة أو بأخرى وكانت عبارة عن محاكاة للواقع بشقيه الخيِّر والشرير وقد ألقت الضوء على بطلتها الجميلة والتي تحمل كل المواصفات التي يمكن أن يحلم بها الرجل العربي، لدرجة أنها تغاضت النظر تماما عن مساوئ هذه الشخصية، لقد كانت محبوبة الكاتبة فلم تسمح لها برؤية كاملة لطبيعة الإنسان البشري فلا فيه خير مطلق ولا شر مطلق، ولا أعلم حقا هل تغاضت النظر عنها أم أنها تعمدت عدم تشويه هذه الشخصية الملائكية بأي خطأ يذكر، في حين أنها ركزت على الشخصية الثانية في الرواية والتي ترمز إلى الشر فاعتمدت على المقاربة بين الشخصيتين بأسلوب التضاد وجعلت كل ما هو سيئ من صفات يخص هذه البطلة (بلقيس).
وقد تكون الأولى بالمناصفة مع بطلتها سوسن لو أن كاتبتنا لم تستبعد عدة تفاصيل قد تكون مهمة لخدمة السرد الروائي والتحليل النفسي للشخصيات بشكل أعمق وأدق وأكثر مصداقية إذ نرى و للأسف تهميش في المحاكاة النفسية
والاجتماعية للبطلة الثانية مع العلم أن هذه الشخصية تمثل شخصية أحد المرضى بمرض الصرع.
تحمل الرواية قصة رئيسية واحدة وهي معاناة زوج مع امرأتين وقصص صغيرة تصب من هنا وهناك
إلى ذات البحيرة التي تعكَر صفوها بسبب ظل وجه طفل بريء.
في خضم الأحداث التي تعاجلها الرواية أدرجتنا الكاتبة وسط المجتمع السعودي بجمل سهلة وخيال عذب يحمل من النعومة
و الرقة ما تحمله بطلتها سوسن وإن ما دل هذا على شيء إنما يدل على تقارب البطلين الراوي (الكاتبة) والبطل الرئيسي (سوسن).
تحمل الرواية صراعا داخليا بين قوى الخير والشر كما سبق وذكرنا والذي تجلى في صورة البطلة بلقيس التي تريد بأي شكل من الأشكال الاستيلاء على وليد، ثم يضيع هذا البطل الذي لا حول له ولا قوة بين أمه التي تفرض عليه بلقيس لرعايتها وتقبلها كزوجة مريضة بالصرع رغبة في الإنجاب منها وبين سوسن الصابرة الحنونة التي لا ضرر ولا ضرار منها حيث كاد يمزقه صبرها وحبها الساكن له لأنه اعتبرها ضحية ظروف قاسية لم يستطيع فيها أن يكون بقربها على الأقل.
ما لفت انتباهي هو أسلوب المقارنة التي استخدمته الكاتبة فبعدما قارنت أو قارنت بطريقة غير مباشرة بين الشخصيتين الرئيسيين قارنت أيضا بين شخصيتين ثانويتين وهما أم سوسن وأم وليد.
كما قارنت بين الدولتين البحرين والسعودية بطريقة قد أقول عنها حذرة نوعا ما فلما حاولت الكاتبة إخبارنا برأيها حول موضوع قيادة النساء للسيارة صاغت مشهدا موغلا بالشك إذ لا أستطيع أن أقول أنها قدمت لنا رفضا قاطعا في هذا المشهد أو أنها قدمت لنا قبولا ناعما بصيغة مشهدية خفيفة تدل على الذكاء والفطنة.
رفض بلقيس لزوجها بعد موت طفلها كان حلا للعقدة التي عشناها من خلال هذا النص الروائي،
فكانت بمثابة هدية جميلة لسوسن ونهاية قوية وصادمة للألم والعذاب الذي كان يعيشه وليد.
إلا أننا لا نقول عنها إلا أنها نهاية غير متوقعة فقد اعتقدت أنها ستكون عبارة عن نهاية روتينية مملة “ستموت وسينجو الطفل الموعود وسيعيشان في هناء وسعادة معه”.
لكن الفصل الأخير كان على قدر من الذكاء والنضج وتحول فيه رمز الشر بالنسبة للكاتبة إلى شر خير.
ومن ناحية الأسلوب يتنوع الأسلوب المستخدم في هذه الرواية وفق الحدث التي تدور فيه، ففي البداية يسيطر الأسلوب الموضوعي على سياق الرواية لتغمرنا بالتفاصيل التي تساعدنا على فهم الأحداث التي ستجيء تباعا بعد ذلك وفي السياق ينتقل الحديث إلى لسان الشخصيات المتحدثة وبذلك يسيطر الأسلوب الداخلي على السياق.
يعد الإصدار هو العمل الروائي الثالث للكاتبة السعودية “مريم الحسن” منها الضياع وأشرقت الأيام .
وقد تخصصت في العديد من الفنون الأدبية “كتابة الرواية، القصة القصيرة، القصة القصيرة جدا، المقالات، القصة الومضة” إضافة إلى كونها فنانة تشكيلية.
ويعد انتصارها الحقيقي في خروجها من عالمها المستور تحت غطاء العادات والتقاليد إلى العالم العربي من خلال إصدارات وأعمال عربية أدبية وفنية متنوعة ترفع من قيمة المرأة والمجتمع مع الأمل بأن يتطور أدبها السردي
إلى ما هو أفضل وأنضج وأعمق