×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

أبرز المحطات الفنية لـ «ساحر» السينما المصرية

أبرز المحطات الفنية لـ «ساحر» السينما المصرية
 شيعت مصر الفنان المصري محمود عبدالعزيز الذي فارق الحياة عن عمر ناهز 70 عاما، بعد حياة فنية حافلة اشتهر خلالها في مصر والعالم العربي بأدواره التمثيلية، ولاسيما دور البطولة في مسلسل «رأفت الهجان». وأقيمت صلاة الجنازة على الراحل ـ الذي كان يلقب بساحر السينما المصرية ـ في مسجد الشرطة بمدينة السادس من أكتوبر جنوب القاهرة، بحضور عدد من الفنانين والإعلاميين، ونقل جثمانه إلى مسقط رأسه في مدينة الإسكندرية، حيث دفن هناك في مقبرة العائلة. النجم الراحل قدم قرابة 90 فيلما وتسعة مسلسلات ومسرحيتين هما خشب الورد و727، وكان اخر افلامه «ابراهيم الأبيض» حدثا؛ لانه قدم شخصية البلطجي العجوز بتفاصيل أعطت للفيلم بريقا ووهجا منقطع النظير وبحسب صحيفة الشرق الاوسط، يبقى أحد أهم الأدوار التي قام بها الفنان الذي رحل عن 70 سنة بعد حياة زاخرة بالأعمال السينمائية وبعض التلفزيونية. ولو قيد لتظاهرة سينمائية حول أفلامه أن تحشد بعض أعماله الأفضل لكان «القبطان» خير افتتاح لها نظرا لأن الممثل، وكان بلغ من النضج ما أهّله لتجسيد الدور جيدا، يمنح الشخصية لغزها العميق وانعكاساتها الداخلية على محياه ومن خلال تصرفاته. شاهدناه كذلك في «الكيت كات» (1991) وفي «نهر الخوف» (1988) و«الجوع» (1986) و«العار» (1982) و«البحر بيضحك ليه» (1994) ونحو 100 فيلم آخر آخرها «إبراهيم الأبيض» (2009). لم يعنِ ذلك أنه توقف عن التمثيل في ذلك العام بل هو أكمل العمل في مسلسلات تلفزيونية كان آخرها «رأس الغول» هذه السنة. لكن ما يعنيه هو أن الأدوار التي تليق به والأفلام التي تناسب تاريخه وسنّه لم تعد متوفرة. وهذا كان شأن آخرين كثيرين من أترابه الذين آثروا اللجوء إلى الشاشة الصغيرة طالما أن هناك أدوارا مناسبة فيها ومن بينهم يحيى الفخراني وحسين فهمي ومحمود ياسين من بين كثيرين. حالة من الطموح ولد محمود عبدالعزيز في عام 1946 في مدينة الإسكندرية. حين أصبح شابا درس ليكون مهندسا زراعيا لكنه دلف إلى التلفزيون ممثلا فظهر في «الدوّامة» سنة 1973 وفي العام التالي ظهر في «غابة من السيقان» لاعبا دورا ثانويا أمام محمود ياسين. أمام نور الشريف لعب دورا مساندا في «الحفيد» (1974) ثم دورا مساندا آخر في «يوم الأحد الدامي» (1975). لكن رحلته في الأدوار المساندة انتهت سريعا ففي سنة 1976 قام ببطولة «حتى آخر العمر» للمخرج أشرف فهمي (عن رواية يوسف السباعي) وشاركته البطولة نجوى إبراهيم. وعندما سنحت له فرصة تمثيل دور سجين هارب يسعى لإثبات براءته في «طائر الليل الحزين» ليحيى العلمي لم يتأخر. هذا القالب البوليسي تناوب مع النوع الدرامي، بمستوييه العاطفي والخفيف، على تشكيل سيرة حياة محمود عبدالعزيز الفنية في السبعينات. صحيح أنه ظهر أيضا في أدوار خلف ممثلين آخرين، كما الحال في «ابنتي والذئب» و«كفاني يا قلب»، إلا أن طريقه كانت قد شيدت لانطلاقة كبيرة في «البنت الحلوة الكدابة» و«حبي وأشواقي» و«وادي الذكريات». هذه الأفلام لم يشهد لها بالاختلاف عن السائد في ذلك الحين باستثناء «حتى آخر العمر» بسبب الاختيار الدقيق الذي مارسه المخرج الراحل أشرف فهمي لما يود توقيع اسمه عليه من أعمال. والواضح لمن يشاهد هذه الأفلام الخفيفة التي أداها محمود عبدالعزيز في تلك الفترة من بدايته، أن أهم ملامحه وصفاته على الشاشة يعود إلى مزجه الخفّة بالمرح وبحضوره البدني. كان طويل القامة يميل إلى الامتلاء لكنه سريع الحركة ومثير للمتابعة في آن واحد. الفيلم المميز الثاني الذي لعبه الممثل الراحل كان «شفيقة ومتولي» لعلي بدرخان سنة 1978 بجانب سعاد حسني وأحمد زكي وأحمد مظهر من بين كثيرين أقبلوا على هذه الدراما الاجتماعية الجيدة. لا يمكن تخطئة الممثل على الأدوار التي يختارها إذا ما انطلق، كحال الغالبية، من الطموح للنجاح الشعبي الكبير. هذا شأن معظم الممثلين شرقا وغربا وفي كل مكان ومحمود عبدالعزيز لم يكن ليختلف. ليس أن أفلامه لم تشهد عمله تحت إدارة بعض أفضل السينمائيين المصريين بل، وعلى نحو طبيعي، لم يكن لينتظر تقدم مشاريع هذه النخبة من الممثلين إليه لكي يعمل وآثر أن يرى في المشهد السينمائي ما أفاده لا من حيث كثرة الأفلام التي لعبها فقط، بل من حيث إنها منحته الكثير من الأدوار المختلفة ما طرحه في الأسواق لأدوار كوميدية وأدوار درامية وأخرى تراجيدية على حد سواء. مع مخرجين كبار أما المخرجون المميّزون الذين عمل معهم محمود عبدالعزيز فمن بينهم عاطف الطيب في «البريء» وأشرف فهمي (مرّة أخرى) في «ولا يزال التحقيق مستمرا» وحسين كمال في «العذراء والشعر الأبيض» وداود عبدالسيد في «الكيت كات» الذي أدّى فيه الراحل شخصية شيخ كفيف والذي يعتبره غالبية النقاد أفضل دور قام بتأديته. إنه فيلم جيد والممثل رأى في الشخصية مناسبة لتوسيع دائرة تقمصه لشخصيات الحياة. الرائع هنا، إلى حد بعيد، أن عبدالعزيز اختار الأداء الكوميدي على خلفية اجتماعية جادة، مما خلق تناقضا جيدا وظفه داود عبدالسيد جيدا لصالح الفيلم ومضمونه. عبدالعزيز، بدا تماما كما يجب أن يبدو في هذا الفيلم: رجل يعوض خسارته نعمة البصر بنعمة البصيرة ويكافئ نفسه بمعالجة ما يُطرح أمامه من مسائل، بعضها يتعلق بالحي الذي يعيش فيه أكثر مما يتعلق به شخصيا، على نحو ساخر. تصدّقه في كل ذلك لأن إحدى مهامه خلال رحلته الطويلة هي تقديم شخصيات يمكن تصديقها. في عام 1982 استعان به المخرج علي عبدالخالق لكي يؤدي بطولة «العار» أمام ممثلين من جيله هما نور الشريف وحسين فهمي. بعد خمس سنوات أعاد عبدالخالق الكرّة، تبعا لنجاح ذلك الفيلم، وقدّمه أيضا مع نور الشريف وحسين فهمي في «جري الوحوش». الثمانينات كانت الفترة الأبرز في حياته من حيث عدد الأفلام ونوعياتها. في بدايتها، وإلى جانب فيلم «العار» ظهر في «ليال» لحسن الإمام (مع حسين فهمي وسهير رمزي وتحية كاريوكا) وفي «وكالة البلح» لحسام الدين مصطفى أمام نادية الجندي ومحمود ياسين. و«الخبز المر» لأشرف فهمي مع فريد شوقي وشيريهان وشويكار. ومن بينها أيضا مجموعة كبيرة تضم «درب الهوى» و«لك يوم يا بيه» و«مملكة الهلوسة» و«السادة المرتشون» و«العذراء والشعر الأبيض» و«تزوير في أوراق رسمية» و«عفوا أيها القانون» والكثير سواها. خلال رحلته هذه مثّل فيلما واحدا مع المخرج محمد خان هو «نصف أرنب» سنة 1983. عن سيناريو بشير الديك، رأينا محمود عبدالعزيز يؤدي شخصية موظف المصرف يوسف الذي يشهد حادثة نشل حقيبة يحيى الفخراني المليئة بالمال فيطارد السارق رفاعي (سعيد صالح) غير مدرك أن هذه السرقة مخطط لها. بذلك يورط نفسه في قضية خارج عالمه ثم يتفق مع رفاعي على استحواذ المال فعليا لحسابهما.
يتّكل الفيلم على الحاجة الملحة لشخصيتيه يوسف ورفاعي للمال. إنهما قطعتا شطرنج صغيرتان في لعبة كبيرة وخطرة، لكنهما قد يغلبا الملكة أو هكذا يعتقدان على الأقل. بذلك لا تستطيع إلا أن تلتزم بهما وتتمنى لهما النجاح. كان يمكن لوتيرة العمل في النصف الثاني أن تتحسن، وبالتأكيد من دون قرع طبول، لكن اللافت اختيار المخرج على تمصير السيناريو البوليسي وليس استعارته من سينما أميركية كما يفعل اليوم كثيرون.
image
image
image