مريم آل ثاني لحظة من فضلك!
مريم آل ثاني
لحظة من فضلك!
قبل أسبوع وجهت السعودية إنذارا شديد اللهجة إلي نظام السيسي، حمله وفد عسكري رسمي برئاسة المستشار الاول للعاهل السعودي، يطالب مصر بتنفيذ الاتفاق فورا، وفي غضون اربعة اسابيع، والا فإن عليها مواجهة عقوبات قاسية وهذا الأمر هو الذي دفع السيسي الى التحرك على جبهتين، الاولى توقيع مجلس الوزراء على الاتفاق واحالته الى البرلمان، للتصديق عليه في محاولة لكسب الوقت، والثانية البحث عن وساطات خليجية لامتصاص الغضب و اطالة مدة تنفيذ الانذار السعودي والتهديدات المرتبطة به، باقي دول الخليج تلتزم الصمت، بل وقررت الانحياز بالكامل للموقف السعودي، وادارت الظهر للحليف المصري، فالوساطة الاماراتية انهارت ونظيرتها الكويتية تبخرت لصالح فتح الاخيرة قنوات حوار مضادة مع ايران، قد تتبلور في حال نجاحها على شكل تهدئة سعودية ايرانية وتأكيد سامح شكري لوكالة الانباء الالمانية علي دعم مصر لبقاء الاسد رسالة واضحة للسعودية، وربما الطلقة الاولى الرسمية في حرب دبلوماسية بين البلدين، ومن غير المستبعد ان تكون ايران الرابح الاكبر كالعادة
كتب كثيرون فى قضية تنازل مصر عن جزيرتى تيران وصنافير للسعودية، وقال البعض إن الجزيرتين سعوديتان، وراحوا يدافعون بكل الوسائل عن آرائهم، إلى درجة التخوين والطعن فى وطنية من يتمسكون بملكية الجزيرتين ويرفضون التخلى عن جزء من ترابهم الوطنى، فى سابقة لم تحدث من قبل فى التاريخ، وقال البعض الآخر إن الحكومة لا تملك حق اتخاذ قرار التنازل عن الجزيرتين، ولا حتى باستفتاء شعبى، لأنه لا استفتاء على السيادة، ولأن الأرض ليست ملكا لهذا الجيل فقط وإنما لكل الأجيال القادمة، وأكدوا أحقية مصر فى الجزيرتين ودعوا نواب الشعب إلى عدم التفريط فيهما، واستندوا فى ذلك إلى حقائق التاريخ
الحقائق تعلو على الآراء مهما كانت وجاهتها، وحقائق التاريخ تقول إنه لا توجد أى وثيقة رسمية تثبت ملكية السعودية لجزيرتى تيران وصنافير، ولم يثبت على الإطلاق ممارسة السعودية لأى عمل من أعمال السيادة على الجزيرتين منذ إعلان تأسيس المملكة فى عام 1932، ولا يوجد أي نص مكتوب وموقع بين مصر والسعودية يثبت أن المملكة قد تنازلت أو سمحت لمصر بموجب ملكيتها للجزيرتين بالوجود العسكرى عليهما، وكما هو معلوم فإن القانون الدولي لا يعترف إلا بالنصوص المكتوبة والموقعة من الطرفين فى مثل هذه الحالات، ومندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة أكد أمام مجلس الأمن الدولى فى عام 1954 أن مصر تفرض سيادتها على جزيرتى تيران وصنافير منذ عام 1906، وهو أمر ثابت تعززه كل الخرائط المصرية الصادرة منذ هذا التاريخ، ولم يبد مندوب السعودية أى اعتراض على تأكيد مندوب مصر أن جزيرتى تيران وصنافير مصريتان كما أن السعودية فى ظل حالة العداء المستعر التى كانت بينها وبين مصر أثناء حرب اليمن فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر، لم تطالب مصر ولو لمرة واحدة باستعادة الجزيرتين، ولم تطلب اللجوء إلى التحكيم الدولي للفصل فى هذا الموضوع
وعندما عقد الرئيس السادات معاهدة كامب ديفيد عام 1978، واتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979، شملت الترتيبات الأمنية جزيرتى تيران وصنافير باعتبارهما جزيرتين مصريتين طبقا للحدود المصرية المعترف بها دوليا ولدى الأمم المتحدة. وبالتأكيد إذا كان لدى إسرائيل شك ولو بنسبة واحد بالمائة فى أن الجزيرتين سعوديتان، كانت قد رفضت عودتهما للسيادة المصرية، كما فعلت مع طابا، خاصة وأن جزيرة تيران فى غاية الأهمية للأمن القومى الإسرائيلى، فمضيق تيران هو المنفذ الوحيد إلى مضيق العقبة، وبالتالى إلى ميناء إيلات الإسرائيلى الذي تصدر منه إسرائيل ثلث منتجاتها، ولعلنا جميعا نذكر أن غلق المضيق أمام مرور السفن الإسرائيلية فى عام 1967 كان السبب الرئيسي فى اندلاع الحرب وأستشهاد 15 ألف مصري وتدمير 80% من العتاد الحربي وأخيرا عندما احتاجت الجزيرتان الدفاع عنهما وبذل الدماء من أجلهما فى الحرب مع إسرائيل، لم يكن هناك سوى مصر وجنودها الذين دفعوا أرواحهم دفاعا عن الجزيرتين ووثقوا بالدم ملكية مصر لهما، فالأرض لمن يستقر فيها ويرتبط تاريخيا بها ويدافع عنها عندما تتعرض للأخطار والأطماع
إذن التاريخ يقول أن الجزيرتين مصريتان وليستا سعوديتين، ومع ذلك، سأضع تضحيات الجنود المصريين والحقائق التاريخية السابقة جانبا، وأحاول الإجابة عن السؤال المطروح وهو ماذا لو أن جزيرتى تيران وصنافير سعوديتان لا مصريتان؟ وأن السعودية قد تخلت عنهما لمصر لتفادي ما يتطلب الدفاع عنهما من مواجهة مع إسرائيل الطامعة فيهما، وأن لها الحق الآن فى استعادتهما ثانية، فى مثل هذا الوضع، ما الذى يجب أن تفعله مصر تجاه جزيرتين فى غاية الأهمية للأمن القومي المصري؟ ما الذى يجب أن تفعله تجاه جزيرتين من أهم الجزر والمحميات الطبيعية والمناطق السياحية فى مصر؟ هل تتنازل ببساطة عن الجزيرتين لأن والدة رئيس الجمهورية قالت له ذات يوم: ماتطمعش فى اللى فى إيد الناس، اللى عطى الناس بيعطيك أم تحتفظ بسيادتها عليهما، وتحتفظ بأوراق الضغط الجيوسياسية التى تملكها على إسرائيل لو اضطرت الأجيال القادمة إلى الحرب فى صراعها مع العدو الحقيقى والخثم التاريخى لمصر والعرب، وتحتفظ أيضا بالإمكانيات السياحة المتوقعة للمنطقة فى عالم تتحكم فيه المصالح الاقتصادية لا النصائح الأبوية؟
سأحكى لكم عن حرب اندلعت منذ خمسة وثلاثين عاما بين دولتين كبيرتين بسبب النزاع حول أحقية السيادة على جزيرتين أيضا، لعل وقائع هذه الحرب تجيب عن تلك الأسئلة
فى عام 1982، قامت الأرجنتين بغزو جزر فوكلاند البريطانية. وجزر فوكلاند هى أرخبيل يقع فى جنوب المحيط الأطلنطى، ويتكون من جزيرتين كبيرتين ومئات الجزر الصغيرة تغطى مساحة قدرها 12 كيلو متر مربع، ويسكنها حوالى 2900 نسمة، وتتبع التاج البريطانى ولكنها أقرب إلى الأرجنتين جغرافيا، حيث تبعد عن السواحل الأرجنتينية مسافة 400 ميل فقط، بينما تبعد عن السواحل البريطانية مسافة 8000 ميل، ودائما ما كانت الأرجنتين تنظر لتلك الجزر باعتبارها جزءا منها، ولكن قرنين من الإستعمار البريطانى جعل سكان تلك الجزر بريطانيون حتى النخاع، وبعد الحرب العالمية الثانية حينما أرادت بريطانيا تسليم الجزر للأرجنتين رفض سكان الجزر تماما، واحترمت الحكومات البريطانية المتعاقبة رغبة سكان الجزر مما جعل أى تفاهم بين بريطانيا والأرجنتين حول الجزر مستحيلا، وقد استهدف الغزو الأرجنتينى لجزر فوكلاند فى هذا التوقيت، استعادة السيطرة على تلك الجزر وضمها للأرجنتين من ناحية، وتحويل أنظار الشعب عما تعانيه البلاد من أزمات اقتصادية وتزايد معدلات البطالة وتدهور لقيمة العملة تحت حكم العسكر من ناحية أخرى
لنرى ماذا فعلت بريطانيا؟ وماذا قالت رئيسة الوزراء مارجريت تاتشر للشعب البريطانى؟ هل قالت إن أمها أكدت عليها ألا تطمع فى ما يملكه الآخرون؟ كلا، هل قالت المرأة الحديدية إن الجزر أرجنتينية ولا تريد أن تسمع أى كلام آخر فى هذا الموضوع؟ كلا، هل تم تجييش الإعلام البريطانى للدفاع عن حق الأرجنتين فى ملكية الجزر؟ كلا، هل خرجت مظاهرات لمواطنين بريطانيين شرفاء ترفع العلم الأرجنتينى فى قلب العاصمة لندن، تهلل وترقص للتفريط فى الجزر البريطانية؟ كلا، هل تم اعتقال المتظاهرين المطالبين باستمرار السيادة البريطانية على الجزر وجرت محاكمتهم ومعاقبتهم بالسجن لمدد تتراوح من سنتين إلى خمس سنوات؟ كلا، هل طعنت الحكومة فى الحكم الذى أصدرته محكمة القضاء الإدارى البريطانية والذى يقضى باستمرار تبعية الجزر للسيادة البريطانية؟ كلا، إذن ماذا فعلت الحكومة البريطانية؟
اعتبرت بريطانيا ما جرى غزوا ضد أراضيها، وأرسلت أسطولها البحرى مسافة 8000 ميل وحاربت كى تستعيد الجزر، فقد أبحرت من موانئ بريطانيا حاملتان للطائرات، وعلى ظهر كل منها عشرين مقاتلة حربية، وأبحرت أيضا ست مدمرات، وثمان فرقاطات، وأربع سفن إنزال، وأربع غواصات منها اثنتين نوويتين، وأكثر من ستين سفينة قتال وتموين، إلى جانب 2500 جندى من مشاة البحرية، وحوالى 650 من المظليين وجنود الاستطلاع، ودخلت بريطانيا فى حرب ضد الأرجنتين استمرت لمدة 42 يوما، وأدت تلك الحرب إلى مقتل حوالى 260 جنديا بريطانيا وحوالى 650 جنديا أرجنتينيا، وانتهت بهزيمة الأرجنتين هزيمة ساحقة وبقاء جزر فوكلاند تحت السيادة البريطانية
هكذا تتمسك الدول الجديرة بكلمة دولة بالأراضى التى تملكها، وإلى هذه الدرجة تقاتل فى سبيل الدفاع عنها، حتى لو كانت تحتلها أو تسيطر عليها بمنطق السيادة فحسب
أمثلة كثيرة أخرى يمكن أن نقدمها لدول ـ حرفيا ـ تحتل أراضى غيرها وقاتلت عليها بشراسة: إسرائيل رفضت عودة طابا للسيادة المصرية وقاومت حتى آخر نفس، ولم تتنازل عنها إلا بعد لجوء مصر إلى التحكيم الدولى وست سنوات من المرافعات، وتركيا تحتل منذ عام 1939 لواء الإسكندرون السورى، الذى تبلغ مساحته قرابة نصف مساحة لبنان، وترفض التفريط فيه على الرغم من أن معظم سكانه من العرب
هذا هو الأمر الطبيعى الذى يحدث بين الدول حينما تتنازع اثنتان على أراضى بينهما: إما اللجوء إلى التحكيم الدولى وإما اللجوء إلى الحرب، إنما أن تفرط دولة بسهولة شديدة عن أراضى، يشهد التاريخ أنها لها وسالت دماء المئات من جنودها عليها دفاعا عنها، وتستميت كى تتنازل عنها لدولة أخرى، وتنزعج بشدة لأن بعض مواطنيها أقاموا دعوى قضائية لإثبات ملكية هذه الأراضى لبلادهم، وتغضب وتثور لأن محكمة وطنية قضت بأحقية البلاد فى أراضيها، فتطعن قضائيا فى صحة الحكم، بل وتسرع حكومتها وتبعث إلى البرلمان بموافقتها على اتفاقية التنازل ليتم مناقشتها وإقرارها، بينما القضاء لم يصدر بعد حكما باتا ونهائيا فى القضية، فهذا أمر لم يعرفه التاريخ من قبل، ولن يعرفه من بعد، ولا يصدقه عقل ولا يقبله منطق ولا يتصوره خيال أكثر الروائيين جموحا
كثير لايعرف من هو المستشار أحمد الشاذلي الذي أصدر الحكم اليوم بمصرية الجزريتان كما يثبت التاريخ والوثائق ذلك، وهو أبن عم الفريق سعد الشاذلي مخطط حرب أكتوبر، يعمل كمستشار منتدب للشركة القابضة (إيجاس) من عام 2013 وحتى الآن. وهي الشركة المسؤولة عن بيع الغاز المصري للكيان الصهيوني، وتلك الشركة أسسها حسين سالم والذي كان يعمل بالمخابرات العامة وتورط مع مبارك وأبو غزالة في فضيحة شركة إياسكو المعروفة التي كانت تعمل من الولايات المتحدة بعلم المخابرات الامريكية كغطاء للمبالغ النقدية التي كان يتلقاها المخلوع من المخابرات الأمريكية منذ عهد السادات (ومن بين مؤسسيها منير ثابت شقيق سوزان زوجة المخلوع) والشركة نفسها كانت مرتبطة بعلاقات مع شركة صهيونية يديرها ضابط موساد سابق حسب التحقيق الاستقصائي الذي اجرته الجزيرة منذ فترة
القضية هنا لا تتعلق أبداً بالسعودية ومصر بل أن الهدف الاساسي هو السيطره علي أهم شريان لإسرائيل .. نعم أعني فقد السيطره المصريه علي المضيق، وتحويله لقضيه دوليه، هذا الممر هو الوحيد لإسرائيل علي ميناء إيلات التي تصدر منه ثلثي بضاعتها لذا فهو كان ولازال وسيظل شوكة في حلق إسرائيل
أخيراً : شهداء حرب غلق مضيق تيران ودماؤهم الطاهرة خير دليل على مصرية الارض
لحظة من فضلك!
قبل أسبوع وجهت السعودية إنذارا شديد اللهجة إلي نظام السيسي، حمله وفد عسكري رسمي برئاسة المستشار الاول للعاهل السعودي، يطالب مصر بتنفيذ الاتفاق فورا، وفي غضون اربعة اسابيع، والا فإن عليها مواجهة عقوبات قاسية وهذا الأمر هو الذي دفع السيسي الى التحرك على جبهتين، الاولى توقيع مجلس الوزراء على الاتفاق واحالته الى البرلمان، للتصديق عليه في محاولة لكسب الوقت، والثانية البحث عن وساطات خليجية لامتصاص الغضب و اطالة مدة تنفيذ الانذار السعودي والتهديدات المرتبطة به، باقي دول الخليج تلتزم الصمت، بل وقررت الانحياز بالكامل للموقف السعودي، وادارت الظهر للحليف المصري، فالوساطة الاماراتية انهارت ونظيرتها الكويتية تبخرت لصالح فتح الاخيرة قنوات حوار مضادة مع ايران، قد تتبلور في حال نجاحها على شكل تهدئة سعودية ايرانية وتأكيد سامح شكري لوكالة الانباء الالمانية علي دعم مصر لبقاء الاسد رسالة واضحة للسعودية، وربما الطلقة الاولى الرسمية في حرب دبلوماسية بين البلدين، ومن غير المستبعد ان تكون ايران الرابح الاكبر كالعادة
كتب كثيرون فى قضية تنازل مصر عن جزيرتى تيران وصنافير للسعودية، وقال البعض إن الجزيرتين سعوديتان، وراحوا يدافعون بكل الوسائل عن آرائهم، إلى درجة التخوين والطعن فى وطنية من يتمسكون بملكية الجزيرتين ويرفضون التخلى عن جزء من ترابهم الوطنى، فى سابقة لم تحدث من قبل فى التاريخ، وقال البعض الآخر إن الحكومة لا تملك حق اتخاذ قرار التنازل عن الجزيرتين، ولا حتى باستفتاء شعبى، لأنه لا استفتاء على السيادة، ولأن الأرض ليست ملكا لهذا الجيل فقط وإنما لكل الأجيال القادمة، وأكدوا أحقية مصر فى الجزيرتين ودعوا نواب الشعب إلى عدم التفريط فيهما، واستندوا فى ذلك إلى حقائق التاريخ
الحقائق تعلو على الآراء مهما كانت وجاهتها، وحقائق التاريخ تقول إنه لا توجد أى وثيقة رسمية تثبت ملكية السعودية لجزيرتى تيران وصنافير، ولم يثبت على الإطلاق ممارسة السعودية لأى عمل من أعمال السيادة على الجزيرتين منذ إعلان تأسيس المملكة فى عام 1932، ولا يوجد أي نص مكتوب وموقع بين مصر والسعودية يثبت أن المملكة قد تنازلت أو سمحت لمصر بموجب ملكيتها للجزيرتين بالوجود العسكرى عليهما، وكما هو معلوم فإن القانون الدولي لا يعترف إلا بالنصوص المكتوبة والموقعة من الطرفين فى مثل هذه الحالات، ومندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة أكد أمام مجلس الأمن الدولى فى عام 1954 أن مصر تفرض سيادتها على جزيرتى تيران وصنافير منذ عام 1906، وهو أمر ثابت تعززه كل الخرائط المصرية الصادرة منذ هذا التاريخ، ولم يبد مندوب السعودية أى اعتراض على تأكيد مندوب مصر أن جزيرتى تيران وصنافير مصريتان كما أن السعودية فى ظل حالة العداء المستعر التى كانت بينها وبين مصر أثناء حرب اليمن فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر، لم تطالب مصر ولو لمرة واحدة باستعادة الجزيرتين، ولم تطلب اللجوء إلى التحكيم الدولي للفصل فى هذا الموضوع
وعندما عقد الرئيس السادات معاهدة كامب ديفيد عام 1978، واتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979، شملت الترتيبات الأمنية جزيرتى تيران وصنافير باعتبارهما جزيرتين مصريتين طبقا للحدود المصرية المعترف بها دوليا ولدى الأمم المتحدة. وبالتأكيد إذا كان لدى إسرائيل شك ولو بنسبة واحد بالمائة فى أن الجزيرتين سعوديتان، كانت قد رفضت عودتهما للسيادة المصرية، كما فعلت مع طابا، خاصة وأن جزيرة تيران فى غاية الأهمية للأمن القومى الإسرائيلى، فمضيق تيران هو المنفذ الوحيد إلى مضيق العقبة، وبالتالى إلى ميناء إيلات الإسرائيلى الذي تصدر منه إسرائيل ثلث منتجاتها، ولعلنا جميعا نذكر أن غلق المضيق أمام مرور السفن الإسرائيلية فى عام 1967 كان السبب الرئيسي فى اندلاع الحرب وأستشهاد 15 ألف مصري وتدمير 80% من العتاد الحربي وأخيرا عندما احتاجت الجزيرتان الدفاع عنهما وبذل الدماء من أجلهما فى الحرب مع إسرائيل، لم يكن هناك سوى مصر وجنودها الذين دفعوا أرواحهم دفاعا عن الجزيرتين ووثقوا بالدم ملكية مصر لهما، فالأرض لمن يستقر فيها ويرتبط تاريخيا بها ويدافع عنها عندما تتعرض للأخطار والأطماع
إذن التاريخ يقول أن الجزيرتين مصريتان وليستا سعوديتين، ومع ذلك، سأضع تضحيات الجنود المصريين والحقائق التاريخية السابقة جانبا، وأحاول الإجابة عن السؤال المطروح وهو ماذا لو أن جزيرتى تيران وصنافير سعوديتان لا مصريتان؟ وأن السعودية قد تخلت عنهما لمصر لتفادي ما يتطلب الدفاع عنهما من مواجهة مع إسرائيل الطامعة فيهما، وأن لها الحق الآن فى استعادتهما ثانية، فى مثل هذا الوضع، ما الذى يجب أن تفعله مصر تجاه جزيرتين فى غاية الأهمية للأمن القومي المصري؟ ما الذى يجب أن تفعله تجاه جزيرتين من أهم الجزر والمحميات الطبيعية والمناطق السياحية فى مصر؟ هل تتنازل ببساطة عن الجزيرتين لأن والدة رئيس الجمهورية قالت له ذات يوم: ماتطمعش فى اللى فى إيد الناس، اللى عطى الناس بيعطيك أم تحتفظ بسيادتها عليهما، وتحتفظ بأوراق الضغط الجيوسياسية التى تملكها على إسرائيل لو اضطرت الأجيال القادمة إلى الحرب فى صراعها مع العدو الحقيقى والخثم التاريخى لمصر والعرب، وتحتفظ أيضا بالإمكانيات السياحة المتوقعة للمنطقة فى عالم تتحكم فيه المصالح الاقتصادية لا النصائح الأبوية؟
سأحكى لكم عن حرب اندلعت منذ خمسة وثلاثين عاما بين دولتين كبيرتين بسبب النزاع حول أحقية السيادة على جزيرتين أيضا، لعل وقائع هذه الحرب تجيب عن تلك الأسئلة
فى عام 1982، قامت الأرجنتين بغزو جزر فوكلاند البريطانية. وجزر فوكلاند هى أرخبيل يقع فى جنوب المحيط الأطلنطى، ويتكون من جزيرتين كبيرتين ومئات الجزر الصغيرة تغطى مساحة قدرها 12 كيلو متر مربع، ويسكنها حوالى 2900 نسمة، وتتبع التاج البريطانى ولكنها أقرب إلى الأرجنتين جغرافيا، حيث تبعد عن السواحل الأرجنتينية مسافة 400 ميل فقط، بينما تبعد عن السواحل البريطانية مسافة 8000 ميل، ودائما ما كانت الأرجنتين تنظر لتلك الجزر باعتبارها جزءا منها، ولكن قرنين من الإستعمار البريطانى جعل سكان تلك الجزر بريطانيون حتى النخاع، وبعد الحرب العالمية الثانية حينما أرادت بريطانيا تسليم الجزر للأرجنتين رفض سكان الجزر تماما، واحترمت الحكومات البريطانية المتعاقبة رغبة سكان الجزر مما جعل أى تفاهم بين بريطانيا والأرجنتين حول الجزر مستحيلا، وقد استهدف الغزو الأرجنتينى لجزر فوكلاند فى هذا التوقيت، استعادة السيطرة على تلك الجزر وضمها للأرجنتين من ناحية، وتحويل أنظار الشعب عما تعانيه البلاد من أزمات اقتصادية وتزايد معدلات البطالة وتدهور لقيمة العملة تحت حكم العسكر من ناحية أخرى
لنرى ماذا فعلت بريطانيا؟ وماذا قالت رئيسة الوزراء مارجريت تاتشر للشعب البريطانى؟ هل قالت إن أمها أكدت عليها ألا تطمع فى ما يملكه الآخرون؟ كلا، هل قالت المرأة الحديدية إن الجزر أرجنتينية ولا تريد أن تسمع أى كلام آخر فى هذا الموضوع؟ كلا، هل تم تجييش الإعلام البريطانى للدفاع عن حق الأرجنتين فى ملكية الجزر؟ كلا، هل خرجت مظاهرات لمواطنين بريطانيين شرفاء ترفع العلم الأرجنتينى فى قلب العاصمة لندن، تهلل وترقص للتفريط فى الجزر البريطانية؟ كلا، هل تم اعتقال المتظاهرين المطالبين باستمرار السيادة البريطانية على الجزر وجرت محاكمتهم ومعاقبتهم بالسجن لمدد تتراوح من سنتين إلى خمس سنوات؟ كلا، هل طعنت الحكومة فى الحكم الذى أصدرته محكمة القضاء الإدارى البريطانية والذى يقضى باستمرار تبعية الجزر للسيادة البريطانية؟ كلا، إذن ماذا فعلت الحكومة البريطانية؟
اعتبرت بريطانيا ما جرى غزوا ضد أراضيها، وأرسلت أسطولها البحرى مسافة 8000 ميل وحاربت كى تستعيد الجزر، فقد أبحرت من موانئ بريطانيا حاملتان للطائرات، وعلى ظهر كل منها عشرين مقاتلة حربية، وأبحرت أيضا ست مدمرات، وثمان فرقاطات، وأربع سفن إنزال، وأربع غواصات منها اثنتين نوويتين، وأكثر من ستين سفينة قتال وتموين، إلى جانب 2500 جندى من مشاة البحرية، وحوالى 650 من المظليين وجنود الاستطلاع، ودخلت بريطانيا فى حرب ضد الأرجنتين استمرت لمدة 42 يوما، وأدت تلك الحرب إلى مقتل حوالى 260 جنديا بريطانيا وحوالى 650 جنديا أرجنتينيا، وانتهت بهزيمة الأرجنتين هزيمة ساحقة وبقاء جزر فوكلاند تحت السيادة البريطانية
هكذا تتمسك الدول الجديرة بكلمة دولة بالأراضى التى تملكها، وإلى هذه الدرجة تقاتل فى سبيل الدفاع عنها، حتى لو كانت تحتلها أو تسيطر عليها بمنطق السيادة فحسب
أمثلة كثيرة أخرى يمكن أن نقدمها لدول ـ حرفيا ـ تحتل أراضى غيرها وقاتلت عليها بشراسة: إسرائيل رفضت عودة طابا للسيادة المصرية وقاومت حتى آخر نفس، ولم تتنازل عنها إلا بعد لجوء مصر إلى التحكيم الدولى وست سنوات من المرافعات، وتركيا تحتل منذ عام 1939 لواء الإسكندرون السورى، الذى تبلغ مساحته قرابة نصف مساحة لبنان، وترفض التفريط فيه على الرغم من أن معظم سكانه من العرب
هذا هو الأمر الطبيعى الذى يحدث بين الدول حينما تتنازع اثنتان على أراضى بينهما: إما اللجوء إلى التحكيم الدولى وإما اللجوء إلى الحرب، إنما أن تفرط دولة بسهولة شديدة عن أراضى، يشهد التاريخ أنها لها وسالت دماء المئات من جنودها عليها دفاعا عنها، وتستميت كى تتنازل عنها لدولة أخرى، وتنزعج بشدة لأن بعض مواطنيها أقاموا دعوى قضائية لإثبات ملكية هذه الأراضى لبلادهم، وتغضب وتثور لأن محكمة وطنية قضت بأحقية البلاد فى أراضيها، فتطعن قضائيا فى صحة الحكم، بل وتسرع حكومتها وتبعث إلى البرلمان بموافقتها على اتفاقية التنازل ليتم مناقشتها وإقرارها، بينما القضاء لم يصدر بعد حكما باتا ونهائيا فى القضية، فهذا أمر لم يعرفه التاريخ من قبل، ولن يعرفه من بعد، ولا يصدقه عقل ولا يقبله منطق ولا يتصوره خيال أكثر الروائيين جموحا
كثير لايعرف من هو المستشار أحمد الشاذلي الذي أصدر الحكم اليوم بمصرية الجزريتان كما يثبت التاريخ والوثائق ذلك، وهو أبن عم الفريق سعد الشاذلي مخطط حرب أكتوبر، يعمل كمستشار منتدب للشركة القابضة (إيجاس) من عام 2013 وحتى الآن. وهي الشركة المسؤولة عن بيع الغاز المصري للكيان الصهيوني، وتلك الشركة أسسها حسين سالم والذي كان يعمل بالمخابرات العامة وتورط مع مبارك وأبو غزالة في فضيحة شركة إياسكو المعروفة التي كانت تعمل من الولايات المتحدة بعلم المخابرات الامريكية كغطاء للمبالغ النقدية التي كان يتلقاها المخلوع من المخابرات الأمريكية منذ عهد السادات (ومن بين مؤسسيها منير ثابت شقيق سوزان زوجة المخلوع) والشركة نفسها كانت مرتبطة بعلاقات مع شركة صهيونية يديرها ضابط موساد سابق حسب التحقيق الاستقصائي الذي اجرته الجزيرة منذ فترة
القضية هنا لا تتعلق أبداً بالسعودية ومصر بل أن الهدف الاساسي هو السيطره علي أهم شريان لإسرائيل .. نعم أعني فقد السيطره المصريه علي المضيق، وتحويله لقضيه دوليه، هذا الممر هو الوحيد لإسرائيل علي ميناء إيلات التي تصدر منه ثلثي بضاعتها لذا فهو كان ولازال وسيظل شوكة في حلق إسرائيل
أخيراً : شهداء حرب غلق مضيق تيران ودماؤهم الطاهرة خير دليل على مصرية الارض