مريم آل ثاني. من بائع الموز الى رجل يشهد له التاريخ
مريم آل ثاني.
من بائع الموز الى رجل يشهد له التاريخ
مهاتير محمد الطبيب الذي قاد الأمة الماليزية نحو حضارتها، تولي رئاسة وزراء ماليزيا ثم رسم خريطة لمستقبل ماليزيا حدد فيها الأولويات والأهداف والنتائج التي يجب الوصول إليها خلال 10 سنوات حتى سنة 2020 وكان ذلك في العالم 1981، قرر أن يكون التعليم والبحث العلمي هما الأولوية الأولى على رأس الأجندة، وبالتالي خصص أكبر قسم في ميزانية الدولة ليضخ في التدريب والتأهيل للحرفيين، والتربية والتعليم ومحو الأمية، وتعليم الإنجليزية، والبحوث العلمية، كما أرسل عشرات الآلاف كبعثات للدراسة في أفضل الجامعات الأجنبية، لم يعطي الجيش الأولوية لأنهم ليسوا في حالة حرب أو تهديد، ولم يهتم بالإسراف على القصور ودواوين الحكومة والفشخرة والتهاني والتعازي والمجاملات والهدايا، وأعلن للشعب بكل شفافية خطته واستراتيجيته، وأطلعهم على النظام المحاسبي الذي يحكمه مبدأ الثواب والعقاب للوصول إلىالنهضة الشاملة، فصدقه الناس ومشوا خلفه ليبدأوا بقطاع الزراعة فغرسوا مليون شتلة نخيل زيت في أول عامين لتصبح ماليزيا أولى دول العالم في إنتاج وتصدير زيت النخيل، وفي قطاع السياحة قرر أن يكون المستهدف في عشر سنوات هو 20 مليار دولار بدلاً من 900 مليون دولار عام 1981، لتصل الآن إلى 33 مليار دولار سنوياً وليحدث ذلك ، قام بتحويل المعسكرات اليابانية التي كانت موجودة من أيام الحرب العالمية الثانية إلى مناطق سياحية تشمل جميع أنواع الأنشطة الترفيهية والمدن الرياضية والمراكز الثقافية والفنية لتصبح ماليزيا مركزاً عالمياً للسباقات الدولية في السيارات، والخيول، والألعاب المائية، والعلاج الطبيعي إلخ وفي قطاع الصناعة، حققوا في عام 1996 طفرة تجاوزت 46% عن العام السابق بفضل المنظومة الشاملة والقفزة الهائلة في الأجهزة الكهربائية، والحاسبات الإلكترونية. وفي النشاط المالي، فتح الباب على مصراعيه بضوابط شفافة أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية لبناء أعلى برجين توأم في العالم بتروناس يضمان 65 مركزاً تجارياً في العاصمة كوالالمبور وحدها، وأنشأ البورصة التي وصل حجم تعاملها اليومي إلى ألفي مليون دولار يومياً وأنشأ أكبر جامعة إسلامية على وجه الأرض، أصبحت ضمن أهم خمسمائة جامعة في العالم يقف أمامها شباب الخليج بالطوابير، كما أنشأ عاصمة إدارية جديدة putrajaya بجانب العاصمة التجارية كوالالمبور التي يقطنها الآن أقل من 2 مليون نسمة، ولكنهم خططوا أن تستوعب 7 ملايين عام 2020، ولهذا بنوا مطارين وعشرات الطرق السريعة تسهيلاً للسائحين والمقيمين والمستثمرين الذين أتوا من الصين والهند والخليج ومن كل بقاع الأرض، يبنون آلاف الفنادق بدءًا من الخمس نجوم حتى الموتيلات بعشرين دولار في الليلة. استطاع الحاج مهاتير من عام 1981 إلى عام 2003 أن يحلق ببلده من أسفل سافلين لتتربع على قمة الدول الناهضة التي يشار إليها بالبنان، بعد أن زاد دخل الفرد من 100 دولار سنوياً في عام 1981 عندما تسلم الحكم إلى 16 ألف دولار سنوياً ، وأن يصل الاحتياطي النقدي من 3 مليارات إلى 98 ملياراً، وأن يصل حجم الصادرات إلى 200 مليار دولار، فلم يتعلل بأنه تسلم الحكم في بلد به 18 ديانة، ولم يعاير شعبه بأنه عندما تسلم الكرسي في عام 1981 كان عددهم 14 مليوناً والآن أصبحوا 28 مليوناً ، ولم يتمسك بالكرسي حتى آخر نفس أو يطمع في توريثه لأبنائه أو لأحد من أقاربه،. في عام 2003 وبعد 21 سنة ، قرر بإرادته المنفردة أن يترك الجمل بما حمل ، رغم كل المناشدات ، ليستريح تاركاً لمن يخلفه خريطة طريق وخطة عمل اسمها عشرين، عشرين أي شكل ماليزيا عام 2020 والتي ستصبح رابع قوة اقتصادية في آسيا بعد الصين ، واليابان ، والهند. لهذا سوف يسجل التاريخ أن هذا المسلم وشعبه لم يعترفوا بإسرائيل حتى اليوم ، كما ظل ينتقد نظام العولمة الغربي بشكله الحالي الظالم للدول النامية ، ولم ينتظر معونات أو مساعدات خارجية ، ولكنه اعتمد على الله ، ثم على إرادته ، وعزيمته ، وصدقه ، وراهن على سواعد شعبه وعقول أبنائه ليضع بلده على الخريطة العالمية ، فيحترمه الناس، ويرفعوا له القبعة. وهكذا تفوق الطبيب الجراح بمهارته وحبه الحقيقي لبلده واستطاع أن ينقل ماليزيا التي كانت فأراً إلى أن تصبح نمراً آسيوياً يعمل لها ألف حساب ورغم كل الإنجازات التي تحققت على يديه لماليزيا فهو لم يطلب يوماً من ابناء شعبه أن يقدموا أي ولاء لشخصه ، بل كان يحثهم على العمل و الإنتاج والعلم، طبيعة القيادة الماليزية اتسمت بعلمانية متعدلة وتعاملت بروح إيجابية مع الإسلام والمؤسسات والرموز الدينية، ولذلك لم يكن مستغرباً انتشار الحجاب في أوساط نساء الحزب الحاكم، وظهور المذيعات المحجبات علي شاشة التلفزيون، قبل أى من البلدان الإسلامية، وإنشاء البنوك والشركات الإسلامية، والجامعة الإسلامية العالمية، ووحود المئات من المدارس الدينية في كل مكان في ماليزيا، والتي يؤمها معظم أطفال المسلمين بعد انتهاء دوامهم من المدارس العادية، وصدور قانون للطعام الحلال، وقانون آخر يمنع الخلوة بين الرجل والمرأة المسلمين، وكان من مظاهر اعتدال الحكم، فأن الدولة لم تلجأ إلي قمع التيارات
Mariam AlThani
من بائع الموز الى رجل يشهد له التاريخ
مهاتير محمد الطبيب الذي قاد الأمة الماليزية نحو حضارتها، تولي رئاسة وزراء ماليزيا ثم رسم خريطة لمستقبل ماليزيا حدد فيها الأولويات والأهداف والنتائج التي يجب الوصول إليها خلال 10 سنوات حتى سنة 2020 وكان ذلك في العالم 1981، قرر أن يكون التعليم والبحث العلمي هما الأولوية الأولى على رأس الأجندة، وبالتالي خصص أكبر قسم في ميزانية الدولة ليضخ في التدريب والتأهيل للحرفيين، والتربية والتعليم ومحو الأمية، وتعليم الإنجليزية، والبحوث العلمية، كما أرسل عشرات الآلاف كبعثات للدراسة في أفضل الجامعات الأجنبية، لم يعطي الجيش الأولوية لأنهم ليسوا في حالة حرب أو تهديد، ولم يهتم بالإسراف على القصور ودواوين الحكومة والفشخرة والتهاني والتعازي والمجاملات والهدايا، وأعلن للشعب بكل شفافية خطته واستراتيجيته، وأطلعهم على النظام المحاسبي الذي يحكمه مبدأ الثواب والعقاب للوصول إلىالنهضة الشاملة، فصدقه الناس ومشوا خلفه ليبدأوا بقطاع الزراعة فغرسوا مليون شتلة نخيل زيت في أول عامين لتصبح ماليزيا أولى دول العالم في إنتاج وتصدير زيت النخيل، وفي قطاع السياحة قرر أن يكون المستهدف في عشر سنوات هو 20 مليار دولار بدلاً من 900 مليون دولار عام 1981، لتصل الآن إلى 33 مليار دولار سنوياً وليحدث ذلك ، قام بتحويل المعسكرات اليابانية التي كانت موجودة من أيام الحرب العالمية الثانية إلى مناطق سياحية تشمل جميع أنواع الأنشطة الترفيهية والمدن الرياضية والمراكز الثقافية والفنية لتصبح ماليزيا مركزاً عالمياً للسباقات الدولية في السيارات، والخيول، والألعاب المائية، والعلاج الطبيعي إلخ وفي قطاع الصناعة، حققوا في عام 1996 طفرة تجاوزت 46% عن العام السابق بفضل المنظومة الشاملة والقفزة الهائلة في الأجهزة الكهربائية، والحاسبات الإلكترونية. وفي النشاط المالي، فتح الباب على مصراعيه بضوابط شفافة أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية لبناء أعلى برجين توأم في العالم بتروناس يضمان 65 مركزاً تجارياً في العاصمة كوالالمبور وحدها، وأنشأ البورصة التي وصل حجم تعاملها اليومي إلى ألفي مليون دولار يومياً وأنشأ أكبر جامعة إسلامية على وجه الأرض، أصبحت ضمن أهم خمسمائة جامعة في العالم يقف أمامها شباب الخليج بالطوابير، كما أنشأ عاصمة إدارية جديدة putrajaya بجانب العاصمة التجارية كوالالمبور التي يقطنها الآن أقل من 2 مليون نسمة، ولكنهم خططوا أن تستوعب 7 ملايين عام 2020، ولهذا بنوا مطارين وعشرات الطرق السريعة تسهيلاً للسائحين والمقيمين والمستثمرين الذين أتوا من الصين والهند والخليج ومن كل بقاع الأرض، يبنون آلاف الفنادق بدءًا من الخمس نجوم حتى الموتيلات بعشرين دولار في الليلة. استطاع الحاج مهاتير من عام 1981 إلى عام 2003 أن يحلق ببلده من أسفل سافلين لتتربع على قمة الدول الناهضة التي يشار إليها بالبنان، بعد أن زاد دخل الفرد من 100 دولار سنوياً في عام 1981 عندما تسلم الحكم إلى 16 ألف دولار سنوياً ، وأن يصل الاحتياطي النقدي من 3 مليارات إلى 98 ملياراً، وأن يصل حجم الصادرات إلى 200 مليار دولار، فلم يتعلل بأنه تسلم الحكم في بلد به 18 ديانة، ولم يعاير شعبه بأنه عندما تسلم الكرسي في عام 1981 كان عددهم 14 مليوناً والآن أصبحوا 28 مليوناً ، ولم يتمسك بالكرسي حتى آخر نفس أو يطمع في توريثه لأبنائه أو لأحد من أقاربه،. في عام 2003 وبعد 21 سنة ، قرر بإرادته المنفردة أن يترك الجمل بما حمل ، رغم كل المناشدات ، ليستريح تاركاً لمن يخلفه خريطة طريق وخطة عمل اسمها عشرين، عشرين أي شكل ماليزيا عام 2020 والتي ستصبح رابع قوة اقتصادية في آسيا بعد الصين ، واليابان ، والهند. لهذا سوف يسجل التاريخ أن هذا المسلم وشعبه لم يعترفوا بإسرائيل حتى اليوم ، كما ظل ينتقد نظام العولمة الغربي بشكله الحالي الظالم للدول النامية ، ولم ينتظر معونات أو مساعدات خارجية ، ولكنه اعتمد على الله ، ثم على إرادته ، وعزيمته ، وصدقه ، وراهن على سواعد شعبه وعقول أبنائه ليضع بلده على الخريطة العالمية ، فيحترمه الناس، ويرفعوا له القبعة. وهكذا تفوق الطبيب الجراح بمهارته وحبه الحقيقي لبلده واستطاع أن ينقل ماليزيا التي كانت فأراً إلى أن تصبح نمراً آسيوياً يعمل لها ألف حساب ورغم كل الإنجازات التي تحققت على يديه لماليزيا فهو لم يطلب يوماً من ابناء شعبه أن يقدموا أي ولاء لشخصه ، بل كان يحثهم على العمل و الإنتاج والعلم، طبيعة القيادة الماليزية اتسمت بعلمانية متعدلة وتعاملت بروح إيجابية مع الإسلام والمؤسسات والرموز الدينية، ولذلك لم يكن مستغرباً انتشار الحجاب في أوساط نساء الحزب الحاكم، وظهور المذيعات المحجبات علي شاشة التلفزيون، قبل أى من البلدان الإسلامية، وإنشاء البنوك والشركات الإسلامية، والجامعة الإسلامية العالمية، ووحود المئات من المدارس الدينية في كل مكان في ماليزيا، والتي يؤمها معظم أطفال المسلمين بعد انتهاء دوامهم من المدارس العادية، وصدور قانون للطعام الحلال، وقانون آخر يمنع الخلوة بين الرجل والمرأة المسلمين، وكان من مظاهر اعتدال الحكم، فأن الدولة لم تلجأ إلي قمع التيارات
Mariam AlThani