الحج في الفلكلور الشعبي قناة دروب الفضائية إعداد / وسيلة الحلبي
الحج في الفلكلور الشعبي
قناة دروب الفضائية إعداد / وسيلة الحلبي
الحج هذه الفريضة العظيمة التي يستعد لها المسلمون كل عام في كل أنحاء العالم الإسلامي.. يصطحبه في المجتمعات الإسلامية احتفالية دينية كبرى، لأن المسلم بعد أدائه الفريضة وعودته إلى بلاده وبيته وأسرته يسمى (الحاج فلان) و(الحاجة فلانة)، وهو لقب بالغ الأهمية دينياً واجتماعياً ويصبح الحاج من أرباب الخبرة والمعرفة فيؤخذ برأيه عندئذ في الكثير من قضايا مجمعة المحلي خاصة بعد أن تطهر بالحج.. وتغير سلوكه نحو الأمثل أخلاقياً كما هو مفترض بعد أن تغيرت النظرة إليه نحو الأفضل والأرقى اجتماعياً.
ويشير الكاتب محمد رجب النجار في كتابه (فولكلور الحج - الأغنية الشعبية نموذجاً) إلى أن علم الفولكلور أو المأثورات الشعبية عامة خمسة مجالات يمكن تطبيقها في فولكلور الحج. ويقصد بالأدب الشعبي هنا النص الإبداعي المرتبط موضوعياً وثقافياً وجمالياً وفنياً، باحتفالية الحج وبوظائفها الثقافية والدينية والتعبيرية في المجتمعات التقليدية أو الشعبية أو المحلية.
وهذا النص الشعبي غني بأنماطه الفنية وأشكاله التعبيرية التي تتردد شفهياً أو تنشد غنائياً أثناء هذه الاحتفالية التي تبلغ ذروتها عند سفر الحاج للديار المقدسة وعند العودة منها أي وداعاً واستقبالاً.
والأهازيج الشعبية التي تنشد للحاج تؤديها المجتمعات الشعبية احتفالاً واحتفاء بخروج بعض رجالها ونسائها لأداء فريضة الحج. وهي جزء من احتفالية كبرى تقام بهذه المناسبة، وتشكل طقساً شعبياً موازياً ومعبراً عن الفرحة بأداء هذه الشعيرة الإسلامية المقدسة، شعيرة الحج التي كانت تتحقق في الأزمنة الماضية مرة واحدة في العمر تقريباً.
ومن تلك الأهازيج ما يسمى (بالتعليلة).. حيث يسهر الحاج مع أفراد العائلة جميعهم في بيته وهو جالس في صدر المجلس والجميع من حوله ينشدون:
الحجي نزل البحر بإيده خياره
يا رب يرجع سالم لأهل الحارة
والحجي نزل البحر بإيده خسة
يا رب يرجع سالم للخمسة
والحجي نزل البحر بعباته
يا رب يرجع سالم لأولاده
والحجي نزل البحر بإيده كيلة
يا رب يرجع سالم للعيلة
وتبكي النساء فرحةً بذهاب أحد أبنائها أو أفرادها وتستمر هذه (التعليلات) سبعة أيام كاملة قبل سفر الحاج إلى الحج وسبعة بعد عودته وتزين البيوت بالأعلام المكتوب عليها حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وتجارة لن تبور.
ومن الأهازيج الشعبية المتداولة أيضاً ما يردده أهل الحاج قبل سفره أثناء اجتماعاتهم فيقولون:
ع طريق النبي صفوا الكراسي
ع طريق النبي صفوا الكراسي
وبمحبة النبي قلبي متولع
ومش ناسي
قلبي متولع ومش ناسي
ويردد الآخرون هذا النشيد مبتهجين فرحين بذهاب أحدهم إلى الحج. وعند عودة الحاج سالماً غانماً تذبح له الذبائح احتفاء بعودته سالماً ويلقب ب(الحاج) ويأتي الجميع ليسلم عليه ويهنئونه بإتمام حجه وبأن الله أكرمه بهذه الفريضة العظيمة، ويقدّم بدوره للمهنين المسابح وسجاجيد الصلاة وطاسات الرغبة (وهي من النحاس المنقوش) والطواقي البيضاء. والعود والبخور والمكاحل النحاسية وأحجار العقيق، والتمر وكل هذا يشتريه الحاج من مكة المكرمة، والمدينة المنورة كذكرى كريمة من بلاد كريمة.. ويسقيهم من ماء زمزم الذي يحرص الحاج على أخذه لبلاده للبركة.
ومن المعروف أن أهازيج الحج من حيث الشكل الأدبي والقالب تكون من سطرين أو شطرين متحدي القافية أو متوازنين أو مزدوجين وذلك للربط بين شطري الأهزوجة، وفي حالات نادرة قد يضيف بعض الرواة المحدثين شطراً ثالثاً.
وفي احتفالية الحاج الذكر يمضي بعض المؤدين إلى ذكر اسم الحاج مثل:
ريس حسين قصده يقول: ربي عطاني
وسعيد من زار النبي، ويرجم الشيطاني
وأم حسين برضه تقول: ربي عطاني
وسعيد من زار النبي، ورجم الشيطاني
والريس وهبة ع النبي ناوي
وتلاقي دم الفدا فوق الرمل تاوي
ويستأنس المهنئون بالهدايا ويدعون للحاج بطول العمر ويدعون لأنفسهم وذويهم أن يكتب الله لهم أداء هذه الفريضة في الأعوام المقبلة.. وتبدأ الولائم احتفالاً بالحاج وعودته، وبعض الأسر تطلق بعض الأعيرة النارية استبشاراً بقدوم الحجاج علاوة على حفاوة الترحاب.
ولا بد أن أشير في مقالي هذا إلى أن الحاج وهو يهم بالسفر لأداء الفريضة كان يوصي جيرانه وعشيرته وأهله على أسرته ومراعاتهم في غيابه وهذه هي الحقيقة التي تمثل صورة التكافل الاجتماعي الحق. حيث يترك أسرته وأولاده في بلدته أو قريته، أو مدينته ليرعاهم جيرانه، وعشيرته في جو من الثقة والألفة حيث يسافر وهو مطمئن تماماً على أسرته في غيابه لأنه وبكل صدق كان هناك ترابط وتآخٍ لا مثيل له نتمى أن يعود في ظل التقدم الحضاري والإلكتروني الذي نعيشه الآن حيث الجار لا يعلم من هو جاره.
* رسالة إلى الحجاج:من ديوان الشعر للشاعر منصور دماسي:
كفكف دموعك عذراً لن أحب ثرى
سوى هنا لا تلم حبي إن انحصرا
من هاهنا شع نور الهدى في ثقة
ففارق الظلم مهزوماً فما انتصرا
من ها هنا هزت الأرجاء كوكبة
من الفلاح فما أبهاه حين سرى
من هاهنا سارت الأنوار طاويةً
ما زف بالمعجزات الصدق مقتدرا
وها هنا الفجر لم تبرح قوافله
فاخر بماضيك وانهج نهج من غبرا
للناس بالحج آيات مبرجه
يستوقف الفكر من إكبارها البصرا
* لحظة صدق:
اللهم خصنا منك بالمحبة والاصطفاء، ووفقنا للعمل الصالح الرشيد، والرزق الهنيء الذي لا حجاب به في الدنيا ولا حساب ولا سؤال ولا عقاب عليه في الدنيا والآخرة، اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما نعلم منه وما لا نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما نعلم منه وما لا نعلم. اللهم ارزقنا الأمن والإيمان وعافية الأبدان برحمتك يا أرحم الراحمين
قناة دروب الفضائية إعداد / وسيلة الحلبي
الحج هذه الفريضة العظيمة التي يستعد لها المسلمون كل عام في كل أنحاء العالم الإسلامي.. يصطحبه في المجتمعات الإسلامية احتفالية دينية كبرى، لأن المسلم بعد أدائه الفريضة وعودته إلى بلاده وبيته وأسرته يسمى (الحاج فلان) و(الحاجة فلانة)، وهو لقب بالغ الأهمية دينياً واجتماعياً ويصبح الحاج من أرباب الخبرة والمعرفة فيؤخذ برأيه عندئذ في الكثير من قضايا مجمعة المحلي خاصة بعد أن تطهر بالحج.. وتغير سلوكه نحو الأمثل أخلاقياً كما هو مفترض بعد أن تغيرت النظرة إليه نحو الأفضل والأرقى اجتماعياً.
ويشير الكاتب محمد رجب النجار في كتابه (فولكلور الحج - الأغنية الشعبية نموذجاً) إلى أن علم الفولكلور أو المأثورات الشعبية عامة خمسة مجالات يمكن تطبيقها في فولكلور الحج. ويقصد بالأدب الشعبي هنا النص الإبداعي المرتبط موضوعياً وثقافياً وجمالياً وفنياً، باحتفالية الحج وبوظائفها الثقافية والدينية والتعبيرية في المجتمعات التقليدية أو الشعبية أو المحلية.
وهذا النص الشعبي غني بأنماطه الفنية وأشكاله التعبيرية التي تتردد شفهياً أو تنشد غنائياً أثناء هذه الاحتفالية التي تبلغ ذروتها عند سفر الحاج للديار المقدسة وعند العودة منها أي وداعاً واستقبالاً.
والأهازيج الشعبية التي تنشد للحاج تؤديها المجتمعات الشعبية احتفالاً واحتفاء بخروج بعض رجالها ونسائها لأداء فريضة الحج. وهي جزء من احتفالية كبرى تقام بهذه المناسبة، وتشكل طقساً شعبياً موازياً ومعبراً عن الفرحة بأداء هذه الشعيرة الإسلامية المقدسة، شعيرة الحج التي كانت تتحقق في الأزمنة الماضية مرة واحدة في العمر تقريباً.
ومن تلك الأهازيج ما يسمى (بالتعليلة).. حيث يسهر الحاج مع أفراد العائلة جميعهم في بيته وهو جالس في صدر المجلس والجميع من حوله ينشدون:
الحجي نزل البحر بإيده خياره
يا رب يرجع سالم لأهل الحارة
والحجي نزل البحر بإيده خسة
يا رب يرجع سالم للخمسة
والحجي نزل البحر بعباته
يا رب يرجع سالم لأولاده
والحجي نزل البحر بإيده كيلة
يا رب يرجع سالم للعيلة
وتبكي النساء فرحةً بذهاب أحد أبنائها أو أفرادها وتستمر هذه (التعليلات) سبعة أيام كاملة قبل سفر الحاج إلى الحج وسبعة بعد عودته وتزين البيوت بالأعلام المكتوب عليها حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وتجارة لن تبور.
ومن الأهازيج الشعبية المتداولة أيضاً ما يردده أهل الحاج قبل سفره أثناء اجتماعاتهم فيقولون:
ع طريق النبي صفوا الكراسي
ع طريق النبي صفوا الكراسي
وبمحبة النبي قلبي متولع
ومش ناسي
قلبي متولع ومش ناسي
ويردد الآخرون هذا النشيد مبتهجين فرحين بذهاب أحدهم إلى الحج. وعند عودة الحاج سالماً غانماً تذبح له الذبائح احتفاء بعودته سالماً ويلقب ب(الحاج) ويأتي الجميع ليسلم عليه ويهنئونه بإتمام حجه وبأن الله أكرمه بهذه الفريضة العظيمة، ويقدّم بدوره للمهنين المسابح وسجاجيد الصلاة وطاسات الرغبة (وهي من النحاس المنقوش) والطواقي البيضاء. والعود والبخور والمكاحل النحاسية وأحجار العقيق، والتمر وكل هذا يشتريه الحاج من مكة المكرمة، والمدينة المنورة كذكرى كريمة من بلاد كريمة.. ويسقيهم من ماء زمزم الذي يحرص الحاج على أخذه لبلاده للبركة.
ومن المعروف أن أهازيج الحج من حيث الشكل الأدبي والقالب تكون من سطرين أو شطرين متحدي القافية أو متوازنين أو مزدوجين وذلك للربط بين شطري الأهزوجة، وفي حالات نادرة قد يضيف بعض الرواة المحدثين شطراً ثالثاً.
وفي احتفالية الحاج الذكر يمضي بعض المؤدين إلى ذكر اسم الحاج مثل:
ريس حسين قصده يقول: ربي عطاني
وسعيد من زار النبي، ويرجم الشيطاني
وأم حسين برضه تقول: ربي عطاني
وسعيد من زار النبي، ورجم الشيطاني
والريس وهبة ع النبي ناوي
وتلاقي دم الفدا فوق الرمل تاوي
ويستأنس المهنئون بالهدايا ويدعون للحاج بطول العمر ويدعون لأنفسهم وذويهم أن يكتب الله لهم أداء هذه الفريضة في الأعوام المقبلة.. وتبدأ الولائم احتفالاً بالحاج وعودته، وبعض الأسر تطلق بعض الأعيرة النارية استبشاراً بقدوم الحجاج علاوة على حفاوة الترحاب.
ولا بد أن أشير في مقالي هذا إلى أن الحاج وهو يهم بالسفر لأداء الفريضة كان يوصي جيرانه وعشيرته وأهله على أسرته ومراعاتهم في غيابه وهذه هي الحقيقة التي تمثل صورة التكافل الاجتماعي الحق. حيث يترك أسرته وأولاده في بلدته أو قريته، أو مدينته ليرعاهم جيرانه، وعشيرته في جو من الثقة والألفة حيث يسافر وهو مطمئن تماماً على أسرته في غيابه لأنه وبكل صدق كان هناك ترابط وتآخٍ لا مثيل له نتمى أن يعود في ظل التقدم الحضاري والإلكتروني الذي نعيشه الآن حيث الجار لا يعلم من هو جاره.
* رسالة إلى الحجاج:من ديوان الشعر للشاعر منصور دماسي:
كفكف دموعك عذراً لن أحب ثرى
سوى هنا لا تلم حبي إن انحصرا
من هاهنا شع نور الهدى في ثقة
ففارق الظلم مهزوماً فما انتصرا
من ها هنا هزت الأرجاء كوكبة
من الفلاح فما أبهاه حين سرى
من هاهنا سارت الأنوار طاويةً
ما زف بالمعجزات الصدق مقتدرا
وها هنا الفجر لم تبرح قوافله
فاخر بماضيك وانهج نهج من غبرا
للناس بالحج آيات مبرجه
يستوقف الفكر من إكبارها البصرا
* لحظة صدق:
اللهم خصنا منك بالمحبة والاصطفاء، ووفقنا للعمل الصالح الرشيد، والرزق الهنيء الذي لا حجاب به في الدنيا ولا حساب ولا سؤال ولا عقاب عليه في الدنيا والآخرة، اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما نعلم منه وما لا نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما نعلم منه وما لا نعلم. اللهم ارزقنا الأمن والإيمان وعافية الأبدان برحمتك يا أرحم الراحمين