مريم آل ثاني 3 أغسطس، الساعة 09:30 ص · نشأت المدينة أول ما نشأت فى وديان الأنهار الكبرى، دجلة والفرات فى العراق والسند فى الهند والهوانج هو فى الصين والنيل فى مصر، والبذرة الأولى للمدينة كانت مكان إقامة الطقوس الدينية، وحضارة القرية الباكرة كانت هى ا
مريم آل ثاني
نشأت المدينة أول ما نشأت فى وديان الأنهار الكبرى، دجلة والفرات فى العراق والسند فى الهند والهوانج هو فى الصين والنيل فى مصر، والبذرة الأولى للمدينة كانت مكان إقامة الطقوس الدينية، وحضارة القرية الباكرة كانت هى الحضارة التى انبثقت منها حضارات العالم القديم، ولم يصحب عملية الانتقال من حضارة القرية إلى حضارة المدينة مجرد الزيادة فى الكتلة السكانية، بل تغيرات شاملة، وأهداف جديدة، وكان من أهم هذه التغيرات أن الزعيم المحلى تحول إلى ملك عظيم أضيفت عليه صفات إلهية، وأن حصنه أصبح قلعة ضخمة، وأنه لم يعد يستخدم شجاعته ومهارته فى دفع العدوان فحسب، بل فى تنظيم الجهود والفتح والسيطرة، وقد صاحب نشأة المدينة نوعان متناقضان من التكافل، أحدهما إيجابى، والآخر سلبى، تمثل النوع الأول فى تعاون السكان على التحكم فى الفيضان، وإصلاح أضرار العواصف، وتسوية سطح الأرض، وشق القنوات المائية، وتجميع الطاقات البشرية فى مشروعات أخرى جماعية، وتمثل النوع الثانى فى الحرب والاستعباد.
كشفت المدينة الإغريقية عن تطورات جديدة تجاوزت تلك في بلاد ما بين النهرين ومصر ، فقد فتحت الحضارة الإغريقية كثيرا من الآفاق البكر، ولم تقتصر النتيجة على مجرد تدفق سيل من الإنجازات فى النحت والتصوير والعمارة والفلسفة، بل تولدت حياة اجتماعية كانت أبعد مدى فى نشاطها مما عرفه العالم قبلها، وقد تركزت كل هذه الأعمال الباهرة فى المدن الإغريقية الحرة، وبخاصة فى أعظم تلك المدن أثينا، ورغم الخدمات التى أسداها الإغريق للمدينة من خلق المواطن الحر، وتشجيع الحكم الديمقراطى، وإنشاء المسرح والجيمنزيوم، فإنه يؤخذ على المدن الإغريقية إهمال الوسائل الصحية، وهو ما ينطبق على المدن الرومانية أيضا.
جمعت المدن الرومانية بين الابتكارات التقنية المتقدمة والتخطيط الاجتماعى البدائى، فما أسهم به الرومان فى تخطيط المدن كان أساسا ناتج عن تفضيل العمائر الضخمة وحب الاستعراض، وقد عاش أغلب سكان روما فى مساكن غير مريحة وغير صحية، ولعل أعظم ما أدته روما من الخدمات للأوضاع الحضرية كان الحمام العام، لكن ما كان فى بدايته ضرورة صحية غدا عادة لملء فراغ العطلات، وأصبح الحمام العام المعبد الذى يقيمون فيه شعائر عبادة الجسد، وكان نجاح روما فى فتوحات السلب والنهب هو الذى أوجد فيها حياة التطفل وغذاها.
ووسط ما أصاب روما من التعفن والانحلال أخذت تنبت حياة جديدة، فقد أنشأت روما المسيحية عاصمة جديدة، هى القسطنطينية، وهنا ظهر النموذج الأصلى لمدينة العصور الوسطى، وجرى إنشاء 2500 مدينة خلال أربعة قرون، وزاد عدد السكان بنسبة كبيرة، كانت مدينة العصور الوسطى فى أوروبا منشأة جماعية هدفها الأساسى المعيشة طبقا للنهج المسيحى، ولقد أثر هذا الهدف فى النظم والعادات وأوجد من وسائل المعونة، مثل المستشفيات والملاجئ، ما لم يوجد فى المدنيات الحضرية السابقة.
وباستثناء الكنيسة، كانت "النقابة" أوسع المؤسسات الاجتماعية انتشارا، وكانت النقابات شديدة العناية بشئون أعضائها الاجتماعية والثقافية، ولكن عندما أصبح الحافز الاقتصادى العامل الرئيسى الذى يستنفذ كل جهود النقابة تطرق الفساد إلى النظام بأسره، وبسقوط مدينة العصور الوسطى سقطت معها النقابات التى ظهرت بظهورها، فيما عدا "الجامعة" فإنها ازدادت قوة ونفوذا على مر الزمن، ولعلها كانت المؤسسة الوحيدة التى فاقت أهميتها كل ما أنتجته حضارة العصور الوسطى من مؤسسات، حيث كانت الجامعة تؤدى أهم الوظائف الأساسية للمدينة وهى: استيعاب الثقافة، ونشرها بتبادل المعرفة، وتزويدها بالإضافات الخلاقة.
وتكونت فى أوروبا فيما بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر خصائص حضارية جديدة أفضت إلى تغيير شكل الحياة الحضرية تغييرا جذريا، وقد انبثق النموذج الجديد للحياة من نظام اقتصادى جديد، هو النظام الرأسمالى، ومن نظام سياسى جديد قوامه سلطة مركزية مطلقة تحكم دولة قومية، وعندما تبلورت هذه التغييرات فى القرن السابع عشر أخذ نظام العصور الوسطى فى الانهيار، وقد استغرق الانتقال من أوضاع العصور الوسطى إلى أوضاع عصر الباروك ثلاثة قرون، وبعد الاكتشافات الجغرافية توقف تكاثر المدن فى أوروبا وانتقل إلى العالم الجديد، على حين واصلت المدن الكبرى نموها وانفردت بزيادة عدد السكان.
وكان من مثالب الرأسمالية فى القرن الثامن عشر، أن أصبح شغلها الشاغل فى المدن التجارية الجديدة الثراء الفاحش دون النظر إلى أى اعتبار آخر، فترتب على ذلك هدم كيان الحياة الحضرية بأسره، وإقامته على أسس جديدة مجردة من المسئولية الاجتماعية، وظهر نوع من التخطيط كانت الوحدة الأساسية فيه هى قطعة الأرض المخصصة للبناء، التى تقدر قيمتها على أساس مساحتها المطلة على الشارع، وكانت نتيجة ذلك إقامة مساكن فقيرة متلاصقة لا يتوافر فيها إلا أقل قدر من الضوء والهواء، وبالتأكيد المدينة التى تخطط على أساس هذه المبادئ المادية كانت تفتقر إلى القدر الكاف من الأراضى الفضاء لإقامة الحدائق العامة، وتعجز عن أداء الخدمات الاجتماعية المستديمة.
وأنشأ رجال الصناعة مدينة من طراز جديد، هى المدينة التى أطلق عليها الكاتب الإنجليزى تشارلز ديكنز اسم "مدينة الفحم"، فالثورة الصناعية، تلك القوة الخلاقة الرئيسية فى القرن التاسع عشر، تمخض عنها أسوأ ما شهده العالم من حالات انحطاط البيئة الحضرية، فلقد جلبت الثورة الصناعية الضجيج والتلوث والدخان إلى قلب المدن، وتسببت فى حجب ضوء النهار الطبيعى وراء سحب جديدة من صنع الإنسان، وأدت إلى الزيادة المفرطة فى عمالة الأطفال وسوء معاملتهم، ونتج عن ساعات العمل الطويلة وظروف العمل الخطيرة حدوث الكثير من الأمراض والحوادث للعمال، كما أن زيادة أعداد العمال فى المصانع أدت إلى تكدس المدن حتى تغيرت خريطة توزيع السكان بشكل كامل، ففى بريطانيا قبل سنة 1800، كان يعيش ثلثا السكان فى الريف، أما بعد سنة 1850 فقد أصبح نصف السكان يعيشون فى المدن، ولعل أعظم ما قدمته المدينة الصناعية من الخدمات كان ما أحدثته من رد الفعل مقابل ما ارتكبته من أخطاء، فأصبح الهدف الأول للتخطيط السليم هو أن تنعم المدينة من جديد بضوء الشمس والهواء النقى والماء النظيف والساحات الخضراء.
وإذا كانت المدينة الصناعية قد اتسعت أفقيا فى القرن التاسع عشر، فإنها فى القرن العشرين أخذت تتسع أيضا رأسيا بإقامة ناطحات السحاب، والجمع بين هذين الأسلوبين للتوسع والتكدس هيأ أوسع الفرص لجنى الأرباح، وأفضى إلى أوضاع سكنية سيئة، وإلى حياة اجتماعية مليئة بكل ألوان العنف والجريمة، وإلى ازدحام حركة المرور ازدحاما شديدا كان من شأنه تخفيض سرعتها وتلويث الهواء، فلا عجب أن أدى ذلك كله إلى هجرة الأثرياء من وسط المدينة إلى الضواحى، وقد مهدت الضاحية الطريق إلى نوع أرقى من التخطيط تذوب فيه الاختلافات بين الريف والمدن، فى سبيل خلق مجتمع صحى وسعيد ومتجانس.
لقد طرأت على المدينة تغييرات عديدة خلال الخمسة آلاف سنة الماضية، ولا شك أنه ما زال مخبأ لها المزيد من التغيير والتطور، غير أنه يجب التنبيه إلى خطورة الاتجاه إلى ازدياد المدن فى المساحة وفى عدد السكان، وإلى إقامة نظام اقتصادى لا يتيسر فيه للمشروع التجارى الفرصة للنجاح إلا إذا كان وثيق الارتباط بالمدينة الكبرى، فعظات التاريخ تدل على أن مثل هذا التركيز للقوة الحضرية كان فى حالات كثيرة دليلا على حلول المرحلة الأخيرة من الدورة الكلاسيكية للمدنية قبل انهيارها وسقوطها نهائيا.
نشأت المدينة أول ما نشأت فى وديان الأنهار الكبرى، دجلة والفرات فى العراق والسند فى الهند والهوانج هو فى الصين والنيل فى مصر، والبذرة الأولى للمدينة كانت مكان إقامة الطقوس الدينية، وحضارة القرية الباكرة كانت هى الحضارة التى انبثقت منها حضارات العالم القديم، ولم يصحب عملية الانتقال من حضارة القرية إلى حضارة المدينة مجرد الزيادة فى الكتلة السكانية، بل تغيرات شاملة، وأهداف جديدة، وكان من أهم هذه التغيرات أن الزعيم المحلى تحول إلى ملك عظيم أضيفت عليه صفات إلهية، وأن حصنه أصبح قلعة ضخمة، وأنه لم يعد يستخدم شجاعته ومهارته فى دفع العدوان فحسب، بل فى تنظيم الجهود والفتح والسيطرة، وقد صاحب نشأة المدينة نوعان متناقضان من التكافل، أحدهما إيجابى، والآخر سلبى، تمثل النوع الأول فى تعاون السكان على التحكم فى الفيضان، وإصلاح أضرار العواصف، وتسوية سطح الأرض، وشق القنوات المائية، وتجميع الطاقات البشرية فى مشروعات أخرى جماعية، وتمثل النوع الثانى فى الحرب والاستعباد.
كشفت المدينة الإغريقية عن تطورات جديدة تجاوزت تلك في بلاد ما بين النهرين ومصر ، فقد فتحت الحضارة الإغريقية كثيرا من الآفاق البكر، ولم تقتصر النتيجة على مجرد تدفق سيل من الإنجازات فى النحت والتصوير والعمارة والفلسفة، بل تولدت حياة اجتماعية كانت أبعد مدى فى نشاطها مما عرفه العالم قبلها، وقد تركزت كل هذه الأعمال الباهرة فى المدن الإغريقية الحرة، وبخاصة فى أعظم تلك المدن أثينا، ورغم الخدمات التى أسداها الإغريق للمدينة من خلق المواطن الحر، وتشجيع الحكم الديمقراطى، وإنشاء المسرح والجيمنزيوم، فإنه يؤخذ على المدن الإغريقية إهمال الوسائل الصحية، وهو ما ينطبق على المدن الرومانية أيضا.
جمعت المدن الرومانية بين الابتكارات التقنية المتقدمة والتخطيط الاجتماعى البدائى، فما أسهم به الرومان فى تخطيط المدن كان أساسا ناتج عن تفضيل العمائر الضخمة وحب الاستعراض، وقد عاش أغلب سكان روما فى مساكن غير مريحة وغير صحية، ولعل أعظم ما أدته روما من الخدمات للأوضاع الحضرية كان الحمام العام، لكن ما كان فى بدايته ضرورة صحية غدا عادة لملء فراغ العطلات، وأصبح الحمام العام المعبد الذى يقيمون فيه شعائر عبادة الجسد، وكان نجاح روما فى فتوحات السلب والنهب هو الذى أوجد فيها حياة التطفل وغذاها.
ووسط ما أصاب روما من التعفن والانحلال أخذت تنبت حياة جديدة، فقد أنشأت روما المسيحية عاصمة جديدة، هى القسطنطينية، وهنا ظهر النموذج الأصلى لمدينة العصور الوسطى، وجرى إنشاء 2500 مدينة خلال أربعة قرون، وزاد عدد السكان بنسبة كبيرة، كانت مدينة العصور الوسطى فى أوروبا منشأة جماعية هدفها الأساسى المعيشة طبقا للنهج المسيحى، ولقد أثر هذا الهدف فى النظم والعادات وأوجد من وسائل المعونة، مثل المستشفيات والملاجئ، ما لم يوجد فى المدنيات الحضرية السابقة.
وباستثناء الكنيسة، كانت "النقابة" أوسع المؤسسات الاجتماعية انتشارا، وكانت النقابات شديدة العناية بشئون أعضائها الاجتماعية والثقافية، ولكن عندما أصبح الحافز الاقتصادى العامل الرئيسى الذى يستنفذ كل جهود النقابة تطرق الفساد إلى النظام بأسره، وبسقوط مدينة العصور الوسطى سقطت معها النقابات التى ظهرت بظهورها، فيما عدا "الجامعة" فإنها ازدادت قوة ونفوذا على مر الزمن، ولعلها كانت المؤسسة الوحيدة التى فاقت أهميتها كل ما أنتجته حضارة العصور الوسطى من مؤسسات، حيث كانت الجامعة تؤدى أهم الوظائف الأساسية للمدينة وهى: استيعاب الثقافة، ونشرها بتبادل المعرفة، وتزويدها بالإضافات الخلاقة.
وتكونت فى أوروبا فيما بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر خصائص حضارية جديدة أفضت إلى تغيير شكل الحياة الحضرية تغييرا جذريا، وقد انبثق النموذج الجديد للحياة من نظام اقتصادى جديد، هو النظام الرأسمالى، ومن نظام سياسى جديد قوامه سلطة مركزية مطلقة تحكم دولة قومية، وعندما تبلورت هذه التغييرات فى القرن السابع عشر أخذ نظام العصور الوسطى فى الانهيار، وقد استغرق الانتقال من أوضاع العصور الوسطى إلى أوضاع عصر الباروك ثلاثة قرون، وبعد الاكتشافات الجغرافية توقف تكاثر المدن فى أوروبا وانتقل إلى العالم الجديد، على حين واصلت المدن الكبرى نموها وانفردت بزيادة عدد السكان.
وكان من مثالب الرأسمالية فى القرن الثامن عشر، أن أصبح شغلها الشاغل فى المدن التجارية الجديدة الثراء الفاحش دون النظر إلى أى اعتبار آخر، فترتب على ذلك هدم كيان الحياة الحضرية بأسره، وإقامته على أسس جديدة مجردة من المسئولية الاجتماعية، وظهر نوع من التخطيط كانت الوحدة الأساسية فيه هى قطعة الأرض المخصصة للبناء، التى تقدر قيمتها على أساس مساحتها المطلة على الشارع، وكانت نتيجة ذلك إقامة مساكن فقيرة متلاصقة لا يتوافر فيها إلا أقل قدر من الضوء والهواء، وبالتأكيد المدينة التى تخطط على أساس هذه المبادئ المادية كانت تفتقر إلى القدر الكاف من الأراضى الفضاء لإقامة الحدائق العامة، وتعجز عن أداء الخدمات الاجتماعية المستديمة.
وأنشأ رجال الصناعة مدينة من طراز جديد، هى المدينة التى أطلق عليها الكاتب الإنجليزى تشارلز ديكنز اسم "مدينة الفحم"، فالثورة الصناعية، تلك القوة الخلاقة الرئيسية فى القرن التاسع عشر، تمخض عنها أسوأ ما شهده العالم من حالات انحطاط البيئة الحضرية، فلقد جلبت الثورة الصناعية الضجيج والتلوث والدخان إلى قلب المدن، وتسببت فى حجب ضوء النهار الطبيعى وراء سحب جديدة من صنع الإنسان، وأدت إلى الزيادة المفرطة فى عمالة الأطفال وسوء معاملتهم، ونتج عن ساعات العمل الطويلة وظروف العمل الخطيرة حدوث الكثير من الأمراض والحوادث للعمال، كما أن زيادة أعداد العمال فى المصانع أدت إلى تكدس المدن حتى تغيرت خريطة توزيع السكان بشكل كامل، ففى بريطانيا قبل سنة 1800، كان يعيش ثلثا السكان فى الريف، أما بعد سنة 1850 فقد أصبح نصف السكان يعيشون فى المدن، ولعل أعظم ما قدمته المدينة الصناعية من الخدمات كان ما أحدثته من رد الفعل مقابل ما ارتكبته من أخطاء، فأصبح الهدف الأول للتخطيط السليم هو أن تنعم المدينة من جديد بضوء الشمس والهواء النقى والماء النظيف والساحات الخضراء.
وإذا كانت المدينة الصناعية قد اتسعت أفقيا فى القرن التاسع عشر، فإنها فى القرن العشرين أخذت تتسع أيضا رأسيا بإقامة ناطحات السحاب، والجمع بين هذين الأسلوبين للتوسع والتكدس هيأ أوسع الفرص لجنى الأرباح، وأفضى إلى أوضاع سكنية سيئة، وإلى حياة اجتماعية مليئة بكل ألوان العنف والجريمة، وإلى ازدحام حركة المرور ازدحاما شديدا كان من شأنه تخفيض سرعتها وتلويث الهواء، فلا عجب أن أدى ذلك كله إلى هجرة الأثرياء من وسط المدينة إلى الضواحى، وقد مهدت الضاحية الطريق إلى نوع أرقى من التخطيط تذوب فيه الاختلافات بين الريف والمدن، فى سبيل خلق مجتمع صحى وسعيد ومتجانس.
لقد طرأت على المدينة تغييرات عديدة خلال الخمسة آلاف سنة الماضية، ولا شك أنه ما زال مخبأ لها المزيد من التغيير والتطور، غير أنه يجب التنبيه إلى خطورة الاتجاه إلى ازدياد المدن فى المساحة وفى عدد السكان، وإلى إقامة نظام اقتصادى لا يتيسر فيه للمشروع التجارى الفرصة للنجاح إلا إذا كان وثيق الارتباط بالمدينة الكبرى، فعظات التاريخ تدل على أن مثل هذا التركيز للقوة الحضرية كان فى حالات كثيرة دليلا على حلول المرحلة الأخيرة من الدورة الكلاسيكية للمدنية قبل انهيارها وسقوطها نهائيا.