×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

الطوائف عناوين سياسيه وعنصريه لا غلاقه لها بالاسلام

الطوائف عناوين سياسيه وعنصريه لا غلاقه لها بالاسلام
 عناوين سياسية
هل أنت سني أو شيعي؟
فقلت له: لا أفهم هذين المصطلحين. لكن إن كنت تسأل عن ديني فأنا مسلم. وإن كنت تسأل عن قومي فأنا عربي.
قال: بل أسألك عن عقيدتك: سني أو شيعي؟
فقلت: مؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، لا أفرق بين أحد من رسله، وأؤمن باليوم الآخر، وبالغيب.
فقال: أسألك عن طائفتك: سني أو شيعي؟
فقلت: دعني أبحث في القرآن الكريم: هل سماني سنيا أو شيعيا، ففتحت سورة الحج: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا}، وفتحت سورة آل عمران، وقرأت: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }. وفتحت سورة فصلت: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }.
قلت له: إنني من المسلمين.
فقال: أي جماعة تتبع: السنة أو الشيعة؟
فقلت له: أتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته الراشدين.
فقال: لقد كانوا (......).
فقلت: دعني أتأكد من هذا الأمر، ففتحت سورة الأنعام، وقرأت: {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }... فقلت: رسول الله أول المسلمين. وقرأت سورة آل عمران: { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} فصحابة رسول الله مؤمنون، وكل من اتبع رسول الله فهو مؤمن.
تبلبلت أفكار صاحبي.
فقلت له: افتح القرآن الكريم، واستمع نداء الله، من ينادي: هل يقول: يا سنة العالم اتحدوا، أو يقول: يا شيعة العالم اجتمعوا... أو يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}!!
الإسلام نسخة واحدة، لا توجد له إصدارات متعددة، قال تعالى:{ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ }، وقال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}. وحين أقول: الإسلام السني أو الإسلام الشيعي (أو الإسلام السياسي... إلخ)، فإنني أزعم أن الله لم يكمل دينه، وأن وصف الله قاصر، وأنه يحتاج إلى تكملة، ولا يكفي أن أقول: (مسلم).
فقال: أنت تعلم أن هذا التقسيم هو السائد، وهناك صراع كبير بين السنة و الشيعة.
فقلت له: دعني أذكرك بحقيقة مهمة.
لا يوجد صراع بين سنة وشيعة، لأنه لا يوجد أصلا: سنة أو شيعة، فلا أعرف هذه التقسيمات، ومن يعرفها فجزاه الله خيرا يفيدني عنها.
الصراع بين البشر، لا علاقة له بالإيمان والكفر... الله لم يأمرنا في كتابه أن نقاتل الناس لأن إيمانهم ليس مثل إيماننا، أو لأن عقيدتهم تختلف عن عقيدتنا... بل قال لنبيه: {لست عليهم بمسيطر. إلا من تولى وكفر. فيعذبه الله العذاب الأكبر}. وكنت ذات مرة أصلي خلف إمام، فوصل هذه الآيات، فأخبرته أن الاستثناء في (إلا) منقطعا وليس متصلا، والمعنى: لست على الناس أيها النبي بمسيطر، لكن من تولى وكفر فعذابه عند ربه. ولو وصلت الآيات لتناقض المعنى، فمن المسيطر: النبي أم الله؟! والحكم لله، فالله يحكم بين الناس فيما اعتقدوه...
فنحن لا نقاتل الناس، حتى ولو سبوا الله سبحانه وتعالى، واستهزأوا برسوله صلى الله عليه وسلم، ولو سخروا من صحابته...
**
وهل الصراع وهمي؟
لا. الصراع حقيقي، وسيظل الصراع بين الناس، ولكن لا علاقة له بالدين؛ فالدين الحق لا يأمرنا بقتال الناس إلا في حالة واحدة، وهي حالة صد الظلم والعدوان والبغي، وحماية حقوق الناس.
فمن ظلم وبغى واعتدى، (أيا كان دينه، وأيا كان انتماؤه، وأيا كانت مكانته)، فيجب ردعه عن الظلم، ولو بالقتال. والأمر بالقتال في القرآن الكريم، جاء في هذا السياق: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا }.
وما وراء ذلك من صراع فهو صراع سلطة وأهواء.
**
وإذا انسقنا قليلا وراء هذه المصطلحات، فأقولها بصراحة: حين يقوم (شيعي) بالعدوان على (سني)... فهل يقوم (الناس) بقتاله لأنه شيعي، أو لأنه باغٍ؟
وكذلك حين يقوم (سني) بالعدوان على (شيعي)، فهل يقوم (الناس) بقتاله لأنه سني أو لأنه باغ؟
إن التعصب بين الناس يأتي من تكريس الخطاب الطائفي، فـ(السنة) يحرضون على قتال (الشيعة)، و(الشيعة) يحرضون على قتال (السنة)...
فأين الأمر في القرآن الكريم لنا بأن نقاتل السنة أو نقاتل الشيعة؟!!!
القرآن يأمرنا بقتال البغاة والمعتدين، وحين أقاتل الباغي (ولو كان أخي)، فإنني في هذه الحالة فقط أخوض صراعا دينية...
العودة إلى نبش التاريخ، واجترار الصراعات القديمة لتوظيفها الطائفي في صراعات اليوم، هو ابتعاد عن هدي الرحمن، وهو دليل على أن صاحب الخطاب يبحث عن مبررات يغلف بها الهوى الذي يقوده إلى الصراع... فصاحب (الحق) ينطق بحقه، وليس بحاجة إلى البحث عن حقه في كتب الأجداد، وفي سيف علي أو مصحف معاوية، وفي دم الحسين أو قصر يزيد!!
**
فأناديكم نداء محب مخلص، لا تنساقوا وراء راية الشيطان... الذي يحرض على القتال من منظور طائفي، فهو بخطابه وتبريره أحد جنود الشيطان...
أما راية الرحمن فمكتوب عليها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا}.
فنحن نقاتل من بغى واعتدى وتعدى، بغض النظر عن انتمائه...