×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

الاسرة المالكة في العراق ١٩٢١-١٩٥٨ أحوالها ،ونظامها ، وعاداتها نقلا عن مجلة الكاردينيا

الاسرة المالكة في العراق ١٩٢١-١٩٥٨ أحوالها ،ونظامها ، وعاداتها نقلا عن مجلة الكاردينيا
 الاسرة المالكة في العراق ١٩٢١-١٩٥٨ أحوالها ،ونظامها ، وعاداتها



image




عندما كنتُ أجمع مصادر أطروحتي للدكتوراه في " دائرة السجلات العامة" في لندن سنة 1977 ، وكانت بعنوان :" تطور السياسة التعليمية في العراق 1914-1932 " وجدتُ الكثير من الاضابير ، والملفات التي تتعلق بالاسرة المالكة في العراق تحت عنوان " The Royal Family in Iraq "



والاسرة المالكة في العراق تتألف من ثلاثة ملوك وهم :

الملك فيصل الاول (1883-1933 )،والملك غازي (1912-1939 ) ، والملك فيصل الثاني (1935-1958 ) .



وهناك وصي ومن ثم ولي للعهد هو الامير عبد الاله (1913-1958 ) بن الملك علي ملك الحجاز الاسبق .فضلا عن الملكة حزيمة بنت الشريف ناصر زوجة الملك فيصل الاول



والملكة عالية ( 1911-1950 ) زوجة الملك غازي ، وعددا من الاميرات والامراء ومن الاميرات بنات الملك فيصل الاول .



كان للملك فيصل الاول ولد هو الملك غازي وكانت له ثلاث بنات هن : الاميرة رفيعة ، والاميرة عزة ، والاميرة راجحة .



وكان للملك غازي ، ولد واحد هو الملك فيصل الثاني والملك فيصل الثاني لم يتزوج وعندما قتل صبيحة يوم الثورة في 14 تموز 1958 كان قد خطب الاميرة فاضلة والتي تمت بصلة قرابة بالاسرة العلوية أي اسرة محمد علي باشا حاكم مصر بين 1805 -1848 .



كان للملك فيصل أخ هو الامير زيد ( 1898-1971 ) وهو اصغر انجال الملك حسين بن علي وبعد ان تبوأ الملك فيصل الاول عرش العراق جاء الامير زيد الى بغداد وتولى حينا نيابة الملك اثناء سفر الملك فيصل الى اوربا وقد انتمى الامير زيد الى الجيش العراقي ومنح فيه رتبة زعيم (عميد ) .وقد اتم الامير دراسته في جامعة اكسفورد .وفي اوائل سنة 1932 عين وزيرا مفوضا ومندوبا فوق العادة للعراق في انقرة فإستلم مهام وظيفته في 27 شباط 1932 ولبث في ذلك المنصب ما يقارب السنتين .وفي كانون الاول 1933 نقل وزيرا مفوضا في مصر لكنه استقال قبل ان يستلم هذا المنصب وسافر الى اليونان في بعض المهام المتعلقة بأملاك الاسرة الهاشمية في تلك البلاد . وفي شهر ايلول 1935 عين وزيرا مفوضا ومندوبا فوق العادة للعراق في برلين . له ولد واحد هو الامير رعد (1936-؟ ) . توفي الامير زيد سنة 1971 . وكانت للامير زيد شقيقة هي "سرة " تزوجت من دبلوماسي عراقي هو عطا امين عمل سفيرا للعراق في باريس واماكن اخرى .
اما الامير عبد الاله بن الملك علي بن الحسين ، ملك المملكة الحجازية الاسبق فقد تزوج ثلاث مرات لكنه لم يعقب .المرة الاولى تزوج من إمرأة مصرية هي ملك صلاح الدين فيضي وهي من عائلة مصرية معروفة بنسبها الكريم . وقد طلقها وتزوج من فائزة الطرابلسي سنة 1948 وهي امرأة مصرية ايضا وانفصل عنها في 26 تشرين الاول سنة 1950 بعد زواج دام سنتين .



وفي المرة الثالثة تزوج في حزيران سنة 1956 من هيام ابنة الشيخ محمد الحبيب أمير ربيعة وقد اصيبت بجروح اثناء الثورة يوم 14 تموز1958 وانقذها احد الضباط واوصلها الى اهلها .
وكانت للامير عبد الاله بن الملك علي فضلا عن أخته الملكة عالية ثلاث اخوات هن :


1.الاميرة عبدية (1907-1958 ) وهي اكبر بنات الملك علي بن الحسين ملك الحجاز ولم تتزوج .وقد قتلت صبيحة يوم 14 تموز 1958 .
2.الاميرة جليلة ( 1922-1955 ) وهي البنت الثانية للملك علي وقد تزوجت من الشريف الدكتور حازم ولم تنجب وفي شهر كانون الاول سنة 1955 أصيبت بإنهيار عصبي وتوفيت ولم يعلن عن وفاتها في حينه
3.الاميرة بديعة (1920- ؟ ) وهي البنت الثالثة للملك علي بن الحسين ملك الحجاز تزوجت من الشريف حسين وهي ام لثلاثة اولاد وقد نجت من القتل يوم الثورة في العراق 14 تموز 1958 ولها مذكرا منشورة نشرها فائق الشيخ علي بعنوان :" مذكرات وريثة العروش الاميرة بديعة إبنة الملك علي " وقد تولت دار الحكمة بلندن اصدارها سنة 2002 .



والاميرة بديعة تزوجت من الشريف حسين (1918-1998 ) بن علي بن عبد الله بن محمد بن عبد المعين بن عون امير مكة المكرمة وتوفي الشريف حسين بن علي هذا في مطلع تموز سنة 1998 .



وله ولد هو الشريف علي بن الحسين (1956-؟ ) وقد تولى زعامة "الحركة الدستورية في العراق " بعد الاحتلال الاميركي البغيض 2003 ودخل مع كتلة الائتلاف الوطني وصار نائبا في مجلس النواب وهو عند كتابة هذه السطور يعيش في الاردن ويتردد على بغداد وقد رشح عند كتابة هذه السطور ليكون وزيرا لخارجية جمهورية العراق .كما ان من اولاد الاميرة بديعة فضلا عن الشريف علي الشريف محمد مواليد 1951 والشريف عبد الله مواليد 1952.


اما زوجة الملك علي بن الحسين ملك الحجاز وهي أم الامير عبد الاله فقد عاشت في بغداد واسمها (الملكة نفيسة) ، وقد قتلت مع ولدها عبد الاله والملك فيصل الثاني وبعض اعضاء الاسرة المالكة يوم 14 تموز 1958 .
يقول الدكتور غازي دحام فهد المرسومي في كتابه :"البلاط الملكي في العراق ودوره في الحياة السياسية 1921-1933 " ونشر سنة 2002 وهو بالاصل اطروحته للدكتوراه ان الملك فيصل عندما وصل بغداد ونودي به ملكا على العراق وجرت مراسيم تتويجه في 23 اب 1921 نزل في دار المشيرية ، وكانت مقرا للولاة العثمانيين الذي يحملون لقب مشير وتقع في بناية القشلة بساحة الميدان ببغداد على الضفة اليسرى لنهر دجلة واتخذ هذا الدار مقرا مؤقتا لسكنه

image


ثم انتقل في منتصف شهر اب الى قصر يعود الى ثري يهودي اسمه (إبن شعشوع ) استؤجر له واتخذ مقر سكن جديد وكانت الدار صغيرة لكنها جميلة البناء والموقع حيث تقع في محلة الكسرة مقابل دار الضباط الحالي على الضفة اليسى لنهر دجلة في منطقة الوزيرية .اما دار المشيرية فظلت مقرا للبلاط الملكي اي للقصر الملكي كما كان يسمى في مصر .وعلى اثر فيضان نيسان 1922 انتقل الملك فيصل الى دار (مناحيم دانيال) الواقعة على ضفة نهر دجلة اليسرى في منطقة السنك ومناحيم دانيال ايضا ثري بغدادي يهودي ومات الملك فيصل ولم يكن له قصر كبير بل بيت بسيط ومتواضع بناءا واثاثا ودوائر وعندما سأله احد الصحفيين السوريين في حزيران 1923 عن سبب عدم بناءه قصرا منيفا في العراق يليق بمقامه أجاب :" لقد جئت هنا لأبني مملكة لا لأبني بلاطا " .
image


كان قصر الزهور قد شرع ببنائه في اواخر عهد الملك فيصل الاول وفي السنة المالية 1934-1935 اكتمل بناءه وبالتحديد في نيسان 1934 وقد بلغت تكاليف بنائه ما يقارب 50000 دينار .
في البلاط الملكي كانت ثمة دوائر، ومرافقين ،وخزينة خاصة ،وأمناء ، وتشريفات. وكان الديوان الملكي من أهم دوائر البلاط الملكي وذلك لاهمية الدور الذي يضطلع به فهو المرجع المختص بالشؤون الرسمية بين الملك والحكومة .

image


وكان للديوان الملكي رئيس وكان رستم حيدراول من شغل منصب رئيس الديوان الملكي وظل يشغل منصبه هذا حتى سنة 1930 ثم جاء بعده عبد الله الحاج ،



وبعده رشيد عالي الكيلاني وكان له معاون وموظفين وعمال . وكان في البلاط مكتبة تضم كتبا ومطبوعات ومجلات وصحف وكان الملك فيصل الاول من المهتمين بالكتاب وقد خصص مبلغ لشراء الكتب والمجلات والصحف ، وكانت لها غرفة في البلاط الا ان ان الامير غازي نقلها الى قاعة مخصصة لها في تموز 1932 ، وكانت تضم كتبا باللغات المختلفة .
اما التشريفات الملكية ؛ فكانت تشرف على اعمال البلاط وقد اختار الملك فيصل الاول فهمي المدرس ليكون رئيسا لدائرة الامناء والتشريفات . كما تم تعيين كل من ناصر صفاء الدين النقيب ومحمد جعفر الشبيبي وخير الدين العمري الفاروقي ومحمد باقر الكاظمي بوظيفة تشريفاتي ..وقد اضطلعت الدائرة بتنظيم استقبال الملك للمهنئين في الاعياد والمناسبات الدينية والوطنية .كما كانت تنظم مقابلات الملك وتقديم الاشخاص الذين يقابلون الملك كما كانت تمثل الملك في بعض المناسبات التي يأمر الملك بإيفاد من يمثله لحضورها مثل مراسيم التهنئة والتعزية .
ومن الطريف ان مديرية التشريفات العامة ، كما اصبحت تسمى في 16 مايس 1929 ،أعلنت منهاج مراسيم عيد الاضحى المبارك والمتضمن قيام الملك بتأدية صلاة العيد واستقباله للمهنئين بعد الصلاة . وتضمن المنهاج لاول مرة منهاجا خاصا بالملكة حزيمة ملكة العراق .ومن قراءة المنهاج يتضح ان الملكة تستقبل منذ التاسعة صباحا قرينات الوزراء وقرينات كبار الموظفين وأمراء الجيش وزوجات كبار الدبلوماسيين البريطانيين والليدي كليتن زوجة رئيس البعثة العسكرية البريطانية وحاشيتها وقرينات معتمدي الدول والقناصل وقرينات اعضاء مجلسي الاعيان والنواب وتنتهي المراسيم الساعة السادسة مساءا .
وكثيرا ما كان البلاط يشهد نشاطات فنية ،ومن ذلك مثلا ماجرى يوم 29 ايار 1929 شهدت حدائق البلاط عرض مسرحي قدمته فرقة فاطمة رشدي المصرية وقد مثلت مسرحية " غادة الكاميليا " ، وحضر العرض الملك فيصل الاول والوزراء والاعيان والنواب والصحفيون وجمهور كبير من موظفي الحكومة .وفي 30 نيسان 1930 اقيم على حدائق البلاط حفل موسيقي أحيته الفرقة القفقاسية
image



كما نظمت دائرة التشريفات في البلاط حفل للموسيقار محمد عبد الوهاب الذي دعي في نيسان 1932 الى العراق لاحياء حفلات غنائية بمناسبة افتتاح المعرض الصناعي الزراعي ،وحضر الحفل الملك فيصل وولي عهده الامير غازي ولفيف من الوزراء وكبار موظفي الدولة وقد انشد محمد عبد الوهاب رائعة الشاعر احمد شوقي التي يمتدح فيها الملك فيصل ويقول فيها :
image

ياشراعا وراء دجلة يجري *** في دموعي تجنبتك العوادي
امة تنشيء الحياة وتبني *** كبناة الابوة الامجاد
ملك الشط والفراتين والبطحاء *** أعظِم بفيصل والبلاد
كما كانت الدائرة تنظم مناهج خاصة لمناسبة تقديم اوراق اعتماد السفراء والقناصل في العراق الى الملك ..وكثيرا ما كانت تقيم مآدب عشاء كبرى يحضرها الملك ورئيس الوزراء والوزراء والنواي وكبار رجال الدولة والسفراء لمناسبات مختلفة منها مثلا سفر الملك الى الخارج .
ان مما وقف عنده المؤرخون ، ومنهم الدكتور غازي دحام المرسومي في كتابه عن "البلاط الملكي " الذي اشرنا اليه انفا المزارع الحكومية واهتمام الملك فيصل الاول بالزراعة التي تشكل المحور الاساس في النشاط الاقتصادي

image


وقد اشترى الملك قطعة ارض زراعية مساحتها 3987 دونما من قبل البلاط الملكي في منطقة الوزيرية مقابل بناية البلاط وتم انشاء اول مزرعة ملكية ، وكان الملك فيصل الاول شديد الاهتمام بتحسين طرق الزراعة الحديثة ، وسرعان ما تطورت المزارع العراقية وتوسعت وما ان انتهى نظام الحكم الملكي الا وكانت العائلة المالكة على رأس ال ( 16 ) اسرة التي تمتلك افضل الاراضي الزراعية في العراق .
وبشأن ميزانية البلاط فيمكن القول أن وزارة المالية كانت تخصص ميزانية سنوية للبلاط ، تتضمن المرتبات والخدمات ومخصصات تدريس سمو ولي العهد



وعندما توفي الملك فيصل الاول كانت ميزانية البلاط ومصروفاته تتم وفق الاصول المرعية نفسها في دوائر الدولة الاخرى وعلى وفق الضوابط المالية المرعية ولم يجر اي تجاوز على ذلك .وكان الملك ورجاله البلاط يخضعون لما تقرره الدوائر المختصة فيما يتعلق بصرف اموال الميزانية وعندما كان البلاط يطلب تخصيصات جديدة كثيرا ما كانت وزارة المالية ترفض وتعتذر وقد حدث هذا حتى في حالة رفض مجلس الوزراء سنة 1929 الموافقة على تخصيص مبلغ مضاف للملك لسد نفقات علاجه في الخارج وكانت نفقات ومصروفات البلاط في عهد فيصل الاول متواضعة جدا .
اسمحوا لي ان اعطيكم انموذجا ليوم واحد في حياة الملك فيصل الاول لتروا بأنفسكم بساطة هذا الملك وحرصه وكده ونشاطه من اجل العراقيين فأقول اعتمادا على كتاب عن الملك صدر سنة 1945 جاء فيه:

" كان يستيقظ ليؤدي صلاة الفجر،ويستحم، ويتزين ويتناول الفطور وهو بسيط في مأكله فيقتصر في فطوره على الشاي والجبن والفاكهة ويغادر القصر متوجها الى البلاط الملكي الساعة السابعة بمعنة انه يحضر مكتبه قبل سائر الموظفين .يأخذ في مطلع النهار في درس قضايا البلاد وسير الحكومة ولايقتصر على الايضاحات التي يرفعها اليه وزراؤه او رجال الدولة وكبار الموظفين من ذوي الاختصاص ولكنه يبلغ به الالحاف في الجهد احيانا الى ان يتناول بنفسه ملفة القضية او المشروع ويقرأها ويتفحص محتوياتها وينقب عن كل شيء يمس الموضوع .
وهو يتابع بجد لايعرف الكلل ماتنشره الصحف اليومية منها وغيرها مبتدئا بصحف العراق ثم الصحف العربية التي يعني بألا يفوته منها شيء .كما يقف على محصل ماتنشره صحف الغرب من قصاصات الجرائد الاوربية والاميركية التي تقدم اليه بنظام خاص ،تضاف اليها خلاصات من صحف البلاد الشرقية التركية والايرانية والباكستانية وما شاكل .
ويستقبل الملك في البلاط زائريه من رجاله الرسميين وقاصديه من وجوه الشعب وافراده وكان قد اوعز بأن يفتح باب القصر لكل ذي حاجة او شكاة او رأي .ولم يكن ليغمض طرفة عين عن اي شخص ذي كفاية ،او الم به حادث يجب ان يسعف فيه او ينصف فكان سهره هذا مظهرا من مظاهر رعايته للناس .
ولم يكن ليتناول طعامه منفردا ابدا بل كان ينتهزها فرصة فيوعز بأن يشاطره في ذلك واحد او اكثر من رجال الحكومة او الشعب ليبحث معه بعض الموضوعات المهمة ،مقلبا وجوه النظر في كل امر وكذلك كان يفعل هذا عند تناول الشاي في سويعات العصر .
وهكذا كان الملك فيصل الاول نسأل الله له الرحمة يستغل اثنتي عشرة ساعة في اليوم" .
أعود الى النظام الداخلي للاسرة المالكة والمتعلق بالتعليم ، والثقافة وهنا لابد ان نشير الى ماذكرته الكاتبة نهلة نعيم عبد العالي في موقع (الگاردينيا ) الالكتروني ، وعن جريدة "المدى " البغدادية بشأن هذا الموضوع فأقول ان بنات العائلة الملكية ، ومنذ ان كانت في الحجاز، معتادة على ان يكون تعليم البنات والنساء داخل القصور او بالاعتماد على المربيات ؛ فالملكة حزيمة زوجة الملك فيصل كانت غير متعلمة وعندما جاء الملك فيصل الاول الى العراق ، وتطور التعليم واتسع إستقدم مُدرسة انكليزية هي Miss Fairy لتعليم بناته اللغة الانكليزية ورياضة التنس واداب السلوك والاتيكيت ، وفتح صفا لبناته وجلب لهن معلمة من المدرسة المركزية وهي (الست امت السعيد) وبإجرة شهرية قدرها 200 روبية تعلمهن القراءة والكتابة والرسم والموسيقى والتطريز وبعض الالعاب الرياضية كالتنس وكرة السلة وكثيرا ما كانت الست امت السعيد تحرص على ان يختلطن مع قريناتهن من التلميذات .
وكذلك فعل الملك علي ، بإدخال بناته مدرسة رسمية في الباب الشرقي كما قررت والدتهن ارسالهن الى المدرسة الاميركية ببغداد ليتعلمن اللغة الانكليزية وكانت الملكة عالية قد تعلمت القراءة واصول الدين على يد الشيخ ياسين بسيوني كما تعلمت اللغة التركية على يد سيدة تركية وتولت تدريسها اللغة العربية الست امت السعيد .
ان مما يمكن تأشيره على بنات العائلة المالكة انهن لم يتعلمن تعليما رسميا منتظما متواصلا ؛ فكثيرا ما كن يتركن المدارس بعد فترة لكن هذا لم يكن يعني تركهن التعليم والثقافة فكن يتعلمن في القصر القراءة والكتابة والرياضة والمطالعة ، وكن يستمعن الى الموسيقى ويتابعن ما يدور حولهن .
كان لبنات العائلة المالكة هوايات فضلا عن ماذكرنا الرياضة وخاصة لعبتي التنس والسلة وكن يمارسن ذلك بإشراف معلمات متخصصات وكن يشاهدن الاشرطة السينمائية داخل القصر كما كن يستمعن الى الاغاني العربية والاجنبية .كما كانت بعض الاميرات قد اعتدن الذهاب الى السينما لمشاهد احد الافلام وتقول الاميرة بديعة ان بدالة قصر الزهور كانت تتصل بإحدى دور السينما وتحجز لهن مقصورة ولايصحب الاميرات الا حرس ملكي واحد ، وكن يدخلن صالة العرض كسائر النساء العراقيات وهن يرتدين العباءات والبوشي وما ان تطفأ الانوار وترتفع الستارة كن يرفعن الاغطية من على وجوههن ويشرعن في متابعة الافلام وقد توقفن عن هذه العادة بعد وفاة الملك غازي في نيسان 1939 ، بسبب الحزن الشديد عليه وايضا لوجود سينما بديلة خاصة بهن في القصر .
وكان للملكة عالية مكتبة خاصة داخل قصر الزهور وكانت مشتركة ببعض المجلات الاجنبية من قبيل مجلة QUEEN كما كانت تهتم بالسياسة ومتابعة الاخبار وكانت البنات والنساء من العائلة المالكة يمارسن فن الطبخ ويفضلن صنع بعض الاكلات بأيديهن مع العلم ان في القصر طباخين ماهرين .
وكان ثمة اهتمام بالقطط ، والكلاب والخيول داخل القصور الملكية فهناك من الكلاب (فوفو ) و(شنينة )ومن القطط (تكه ) و(غمرة ) و(روز ) وكذلك كان هناك ببغاوات وجمال وخيول وحمير .


كانت الملكة حزيمة بنت ناصر زوجة الملك فيصل الاول تحرص على زيارة النجف وكانت تزور صديقتها من ال شمسة وكان للملكة مجلس (قبول ) وقد استعانت بالمس بيل السكرتيرة الشرقية لدار المندوب البريطاني في تنظيم حفلات الاستقبال واختيار ملابسها وملابس كريماتها .وقد تولت مهمة مديرة التشريفات الخاصة بالملكو نازك الايوبي زوجة علي جودت الايوبي وكان مرافقا للملك ثم اصبح فيما بعد رئيسا للوزارات وقد بقيت حتى سنة 1927 . وممن تولين ادارة التشريفات الخاصة بالملكة حزيمة بنت ناصر السيدة رفيقة ، زوجة ساطع الحصري مدير المعارف العام وقد كانت تقوم بإعداد برنامج استقبال الملكة للمواطنات وتنظيم الحفلات وتأثيث البلاط وكان لذوقها وجهودها وقع حسن عند الملك فيصل وكان سعيدا بذلك وكثيرا ما عبر عن شكره وتقديره لهذا الدور .
كان في القصر عدد من الخدم الخصيان الذين يسمون :"الاغوات " وقد التحق قسم منهم من الحجاز مع الملك علي وبعضهم من الاحباش البيض وكان الاغا يركب العربة مع النساء كحارس لهن او حينما يركبن السيارة فالاغا كان يجلس في المقدمة ولم يكن مسموحا للنساء ان تتحدث مع السائق مباشرة انما يمررن الطلب من خلال الاغا وهو الذي تكفل بإصدار الامرالى السائق ولايستطيع السائق ان يخالف امره او يناقشه وكان يزعل عندما لايرى النساء محتشمات وكانوا يتمتعون بشيء من الوقار والهيبة وكانت النساء في القصر تحترم الاغوات وهم يوقرن النساء ويقبلون ايديهن ويحرصون عليهن .كان للملك فيصل الاول اغا اسودا ،نحيلا ، طيبا وكان يجلس عند باب الحرم مستكينا وكثيرون من هؤلاء الاغوات لايعرفون من اين جاؤوا ولاهم من اين وكيف ومتى جاؤوا فلقد وجدوا انفسهم يخدمون في سرايا وقصور الملوك والامراء والباشوات .
وقد يستغرب البعض من وجود الخصيان في القصور الملكية العراقية لكن الاستغراب يكون أقوى عندما يعلم بوجود جواري ؛ فالجواري تقدم الى العروس مثلا كما يقدم الذهب وتقدم المجوهرات . وكانت للامير عبد الاله جارية تعمل كمربية للامير عبد الاله جركسية ذات شعر احمر وهي في الاصل مربية الاميرة عبدية جاءت الى العراق من الحجاز مع العائلة الحاكمة وكانت الجواري بيد سيد البيت يمسك منهن ويعتق من يشاء والمعتوقة تصبح حرة ويحصل ان يتزوج سيد البيت بعض جواريه وعبداته وعند خروج العائلة المالكة من الحجاز اصطحبت معها الى بغداد معظم الجواري والعبدات وقد زوج الملك علي ستا من الجواري ببغداد وتزوج الملك عبد الله بن الحسين من احدى جواريه وكثيلرون من العائلة الهاشمية تزوجن جواري فعلى سبيل المثال تزوج والد الشريف علي جارية جركسية اسمها ( ماهيتاب) اي ضوء القمر فأولدها الحسن والحسين والحسين هو زوج الاميرة بديعة ابنة الملك علي .
كان للملكة عالية إهتمام بالزهور، وقضايا البستنة حتى انها ادخلت الى العراق " وردة أنيثنا " ، واطلقت عليها "وردة الاميرة " وطلبت من امانة العاصمة الاهتمام بزراعتها كما انها ادخلت وردة اخرى سمتها سلطان الورد. كما اهتمت بأشجار الصنوبر ودعت الى الاهتمام بها في العراق.

كانت العائلة المالكة العراقية تقلد العائلة المالكة البريطانية في كثير من مراسيم وبروتوكولات واتيكيت الاستقبالات والاحتفالات والمواسم وحتى في البزة الملكية ، واستخدام اللغة الانكليزية احيانا للتخاطب،وفي الشعار الملكي وفي النياشين والاوسمة وتقاليد منحها .
ومما ينبغي ذكره ان العائلة الملكية في العراق كانت تحتفظ بعلاقات وثيقة مع العائلة المالكة البريطانية لما للعلاقات بين العراق وبريطانيا من اهمية ونمتلك الصور الفوتوغرافية الكثيرة التي تجمع بين ملوك العراق وملكة بريطانيا اليزابيث وزوجها الامير فيليب دوق ادنبرة .



يقول الدكتور هاري سندرسن طبيب العائلة المالكة العراقية في العراق منذ سنة 1921 وحتى سنة 1946 في كتابه : " عشرة الاف ليلة وليلة ..مذكرات سندرسن باشا " والذي ترجمه سليم طه التكريتي ونشرته "مكتبة المثنى " ببغداد سنة 1980 ان الملك فيصل الاول اختاره ليكون طبيبا شخصيا له وانه من كان له دور كبير في تأسيس الكلية الطبية الملكية ببغداد سنة 1927 وقد اصبح اول عميد لها وانه رافق الملك فيصل الاول الى لندن وانه اعد خطابا لكي يلقيه الملك فيصل ردا على الخطاب الترحيبي للملك جورج الخامس في الوليمة التي اقيمت في قصر بكنغهام في العشرين من شهر حزيران 1933 .كما اعددت له خطابا آخر جوابا منه على امين العاصمة البريطانية في حفل الاستقبال الذي اقيم في " جيلد هول " في اليوم التالي .
وعن بداية لقاءه بالملك فيصل الاول قال انه استقبله بإبتسامة ترحيبية حارة ، ومصافحة ودية خالصة .كان الملك فيصل يرتدي اثوابا حريرية بيضاء فوقها عباءة من الوبر وكان لباس رأسه عقال وكوفية بيضاء فضفاضة مطرزة بخيوط ذهبية .كان الملك فيصل الاول شخصية مهيبة عينان بلون البندق ومحيا حسن وقوام نحيف مشدود فوق مستوى الارتفاع بقلبل وشارب اسود ولدية مقرمة تقريما نظيفا .وكانت معرفتي باللغة العربية قليلة لكنه عندما لاحظ ارتباكي قال تحدث باللغة الفرنسية التي كان الملك فيصل يتقنها اتقانا تاما . وتذكر الاميرة بديعة في مذكراتها ان الملك فيصل الاول كان يعرف اللغة الانكليزية وان مدرسا لبنانيا اسمه "دباس " هو من علمه إياها وعلم اخاه ايضا الملك علي اللغة الفرنسية .
كان الملك فيصل كما يقول الدكتور سندرسن يجمع صفات القائد ، ورجل الدول .كان سريع التصور ،سريع العمل ، قليل الكلام ، بعيد النظر ،واسع النشاط .
كان الملك فيصل الاول يتحدث على الدوام عن الوحدة العربية وكان على ثقة بأنها ستتحقق يوما ومن بين الموضوعات التي كان يتناقش بها مع الدكتور سندرسن الاحوال السياسية ، وشؤون العائلة ، والصحة العامة ، والتطور الاقتصادي ، وقضية فلسطين ، وقضايا الاثوريين ، والاكراد ، وأمور الزراعة والتعليم لكنه نادرا ما كان يستشف آرائي الشخصية في وزير معين من وزراءه الذين كنت أعرفهم معرفة جيدة .



كانت المس بل السكرتيرة الشرقية لدار المندوب السامي البريطاني والتي كانت تكن احتراما خاصا للملك فيصل الاول هي من قدمت ( إلزي ) زوجة الدكتور سندرسن الى الملك فيصل ، وكانت تعمل ممرضة في المستشفى ولذلك وجدت إلزي نفسها مكلفة بسلسلة من الواجبات التي تنهض بها عدة نساء ممن اوكل اليهن أمر العناية بالملابس وغرف النوم وغرف الانتظار وما شاكلها .
ويقول سندرسن ان الملكة حزيمة زوجة الملك فيصل الاول كثيرا ما كانت تستشير إلزي وهكذا لم يمض وقت طويل حتى اصبح الملك فيصل نفسه يتطلع الى نصيحة إلزي بشأن تأثيث ديوانه ،وغرف الاستقبال ، وإشرافها على الولائم الرسمية التي كانت تقام في البلاط الملكي .
تتحدث الاميرة بديعة بنت الملك علي عن ذكرياتها في بغداد فتقول ان صديقاتها كن حجازيات ، وشاميات، وعراقيات وكانت تلعب مع سعاد إبنة ارشد العمري ، وبوران ابنة صفوت العوا ، وماجدة، ولمعان ابنتي داؤود الحيدري واضافت :" أحببتُ عقيلة ساطع الحصري ، واسمها رفيقة ، تلك السيدة التركية الوقور التي لاتجيد العربية بينما ابنتها سلوى صديقتي وفي سني ومثلها سلوى كريمة علي جودت الايوبي (عقيلة الدكتور عدنان الباجه جي فيما بعد ) وابنتي جميل المدفعي ، سعاد ( حرم الدكتور نجيب اليعقوبي ) وسلمى (زوجة اركان عبادي ) اولئك البنات وغيرهن كن يزرننا في بيتنا بكرادة مريم ايام والدي الملك علي واستمرين يزرننا في القصر بعد رحيله بصحبة امهاتهن خاصة ايام السبت من كل اسبوع حيث كان ادينا (قبول ) فيه ، ولايمنعنا فارق السن من الجلوس مع امهاتهن .وتضيف :" انتقلنا الى بيتنا الجديد في منطقة سبع قصور وهي اجمل من منطقة سكن عمي الملك فيصل الاول ولهذا كانت امي الملكة نفيسة غالبا ماتدعو بنات عمي فيصل راجحة وعزة الى العشاء في بيتنا ليستمتعن بتلك المناظر الخلابة في الليالي المقمرة فتعمل لهن ( المسكوف ) أي السمك المشوي العراقي الذائع الصيت " .
بدون الدخول في التفاصيل فإن الملك فيصل الاول توفي 1933 وتولى الحكم بعده ولده ولي العهد الامير غازي الذي واجه بعض المشاكل ومنها حركة الاثوريين وانقلاب بكر صدقي وهروب الاميرة عزة مع جرسون ايطالي وقيل يوناني هجرها فيما بعد ووافق الامير عبد الاله ان تعيش في عمان بالاردن ولي عن هذه القصة مقال منشور على النت .



قام الفريق الركن بكر صدقي بقمع حركة الاثوريين ولتلك الحادثة قصة ليس اوان الحديث عنها وواجه الملك صبيحة 29 تشرين الاول اكتوبر 1936 انقلابا عسكريا قاده الفريق الركن بكر صدقي وكيل رئيس اركان الجيش ضد حكومة ياسين الهاشمي والذي يهمنا هو معرفة ردود فعل الملك غازي ويقول الدكتور هاري سندرسن انه رأى الملك غازي في الساعة العاشرة من صباح ذلك اليوم يتمشى في شرفة قصر الزهور وهو القصر الذي بني بعد وفاة الملك فيصل الاول وكان الملك غازي في حالة انعال يتمنطق بحزام ربط به مسدس ولم ار الملك مسلحا في القصر الا مرة واحدة من قبل عندما استدعيت لرؤية عبد زنجي قيل انه قد قتل نفسه لكني اقتنعت ان احدا قد اطلق النار عليه وشاركني الملك الاعتقاد نفسه وقد تم غلق التحقيق واذيع ان الحادث كان قضية انتحار .وفيما يتعلق بالانقلاب فإن الملك غازي شعر بعدم انتظام في ضربات القلب ، وجاء ذلك بعد ان الطائرات وهي تحلق في سماء بغداد وتمتم يقول :" انها الثورة "وقيل ان الملك غازي كان على علم بالانقلاب وانه ضاق ذرعا من اجراءات ياسين الهاشمي رئيس الوزراء الذي اصدر "قانون الاسرة المالكة " بعد حادثة هروب الاميرة عزة وكان يستهدف من وراء القانون الحفاظ على سمعة العراق وسمعة العائلة المالكة .وقد اقدم على اتخاذ اجراءات لم تعتد عليها الاسرة الحاكمة من قبل ،حيث استبدل جميع سواق العائلة المالكة بالعسكريين الموالين له وراقب هواتف ورسائل وبريد القصر الملكي وشدد من اجراءاته الرقابية وضيق الخناق على الملك غازي والعائلة وتعلل الاميرة بديعة وهي ليست محقة في ذلك ان اجراءات ياسين الهاشمي وهي من اجل الحفاظ على سمعة العائلة المالكة والعراق ،كانت بسبب ان الملك غازي لم يتزوج من ابنته (نعمت ) حتى ان نوري السعيد الذي عارض الزواج وكان يردد :" جمالة يصير ياسين عم الملك " ارغم على مغادرة العراق في عهد وزارة ياسين الهاشمي .
المهم يقول الدكتور سندرسن ان الملكة عالية وحتى الملك غازي كان على علم بالانقلاب بدليل انها لم تكن قلقة وكانت تتحدث مع الملك غازي على انفراد .كانت الملكة عالية مستودع ثقة غازي والتي يعهد اليها بكل الاسرار حتى بغرامياته التي كانت تغفرها له بسخاء .
توفيت الملكة عالية بمرض السرطان في اليوم الثاني والعشرين من شهر تشرين الثاني نوفمبر سنة 1950 .كانت الملكة عالية امرأة نبيلة وزوجة مخلصة وأما مدهشة وكانت حكيمة مثقفة وعندما ماتت قال الكثيرون ومنهم الامير عبد الاله شقيقها انه فقد بموتها مستشارا حكيما .



كان الملك غازي عندما تولى العرش سنة 1933 محاطا بعدد من الضباط الشباب المتملقين وقد غدا السهر والسكر هو تسليته ، وكان يحلم ان يحقق الشهرة عن طريق ان يصبح من هواة التسابق بالسيارات وسرعان ما اصبح لديه سرب صغير من السيارات عالية السرعة ، وحين كان يدرس في (كلية هارو ) طلب من جعفر العسكري ان يشتري له سيارة سباق عالية السعر لكن جعفر العسكري رفض فإشتد غضبه عليه وراح يعرب عن كراهيته لجعفر العسكري بعد هذا الحادث .



وكما هو معروف فإن جعفر العسكري قتل خلال انقلاب الفريق بكر صدقي وجعفر هو مؤسس الجيش العراقي .
كان غازي يوصف بأنه فتى لعوب كان في الحادية والعشرين من عمره ويبدو ان والده الملك فيصل الاول يشعر بعدم اهليته للحكم فطلب رأي ساطع الحصري مدير المعارف العام ووزير معارف فيصل عندما كان في دمشق وصديقه الشخصي وقال انه يحس بأن غازي فيه شيء من الغباوة ، ومرة قام بصبغ وجه احد العبيد السود بصباغ ابيض اللون وهو يمزح .. كان جاهلا بأمور الدولة وفي الوقت نفسه كان شديد الخجل امام الغرباء . وعلى رأي الدكتور سندرسن فإنه كان ينقصه التدريب للنهوض بواجباته الملكية



وقد انتهى امره بحاث اصطدام سيارته ومقتله وذلك بعد منتصف ليلة الرابع من نيسان سنة 1939 .وقد اثيرت اقاويل كثيرة منها ان الانكليز كانوا وراء مقتله وهذا مما يمكن ان نقف عنده في مقال اخر .


كان للملك غازي اذاعة خاصة في قصر الزهور يهاجم فيها الانكليز وقد التفت حوله العناصر القومية العربية وفي الجانب الاخر كان الملك غازي سائقا مغامرا ، وفي الليلة التي مات فيها كان يستضيف عددا من اصدقاءه واقترح عليهم ان يذهب الى قصره في الحارثية لجلب احد الافلام ومشاهدته ويقع قصر الحارثية على مسافة قصيرة من قصر الزهور وقرران يذهب بنفسه ويجلب الفيلم وصحبه أحد المرافقين وسائقه ابراهيم وكان يسوق بسرعة فائقة فإصطدم بعمود كهربائي وسقط العمود على السيارة وعلى رأسه .
وكان البديل المتوقع له الامير زيد، لكن الملكة عالية والاميرة راجحة ابنة الملك فيصل الاول قالتا ان الملك غازي كان على الدوام يقول : " بأنه اذا ماحدث ان توفي قبل ان يبلغ فيصل الثاني سن الرشد ،فإن الامير عبد الاله بن الملك علي سيكون هو الوصي" . وقد وافقت الحكومة العراقية على ذلك وعين عبد الاله وصيا في الحال وكان فيصل الثاني طفلا صغيرا (4 سنوات ) واستمر الامر هكذا حتى بلغ فيصل الثاني سن الرشد وتوج ملكا سنة 1953
كان عبد الاله يصغر الملك غازي بسنة واحدة ، وكان معقدا وتزوج ثلاث مرات لكنه لم ينجب في حين ان مطلقاته الثلاثة تزوجن فأنجبن مما يدل على انه كان عقيما . كان يفتخر بأنه أطول الاحياء قامة بين الهاشميين وامه الملكة نفيسة زوجة الملك علي ملك الحجاز والده،إمرأة مثقفة .حاولت ان يتعلم ولدها عبد الاله تعليما نظاميا لكنه كالملك غازي جرب التعلم في انكلترا ففشل وعاد الى العراق بدعوى الحنين الى الوطن وواصل تعلمه في كلية فكتوريا بالاسكندرية الا ان لم يحصل على الشهادة .كان يميل الى الأنس والكسل والهدوء . فضلا عن هوايات الفروسية وكان من المؤمل ان تكون فرصة وصايته على الملك فيصل الثاني لتوسيع تجربته وافقه لكنه فشل فإصطدم بالشعب وبالسياسيين فكرهه الشعب وابتعد عنه السياسيون ، وكان يحلم بأن يعود الى الحجاز ملكا او ان يصنع له عرش في سوريا لكن كل ذلك لم يتحقق وعندما بلغ فيصل الثاني سن الرشد سنة 1953 وتوج ملكا اصبح عبد الاله وليا للعهد وكثيرا ما كان يضايق الملك فيصل الثاني ويشعره بالصغر وهذا مما قلل من فرص الملك فيصل الثاني على ان يكون ملكا قويا .
كان الامير عبد الاله يركب الخيل يوميا في الصباح ، ويهوى قيادة السيارات المكشوفة ، وكان يصطحب اصدقاءه في سفرات الى منطقة العلوية .كما كان يخرج للتنزه في احدى مزارع بغداد الجميلة ويلعب الكريكت مع الملك غازي ومن ثم يلعبان البولو على ظهور الجياد .كما عشق الطرب التركي الاصيل واعتاد ان يأتي الى القصر ببعض المغنين ويعقد سهرة كبيرة فيه .وتتخذ النساء مقاعد في غرفة منعزلة مظلمة تطل على صالة العزف والطرب يرون من فيها ولايراهن احد .



واجه عبد الاله مشاكل سياسية أبرزها ثورة مايس 1941 والحرب العراقية البريطانية ، فهرب من المواجهة ، واختار البرلمان ( الشريف شرف ) وصيا من بعده ، واستنجد عبد الاله بالانكليز فأعادوه الى الحكم ، واحتلوا العراق ثانية ونكل بعد عودته بالقوميين العرب ضباطا ومدنيين وشنق العقداء الاربعة قادة ثورة مايس 1941 صلاح الدين الصباغ وفهمي سعيد وكامل شبيب ومحمود سلمان ومعه محمد يونس السبعاوي وبذلك ألب الشعب والجيش ضده ، فما كان من الجيش الا ان نظم نفسه في تنظيم سري عرف ب( تنظيم الضباط الاحرار ) أي الاحرار من قيد القسم للملك وتعاون التنظيم مع جبهة الاتحاد الوطني التي تشكلت من الاحزاب الوطنية والتقدمية والقومية ، وتمكنا من تفجير ثورة 14 تموز 1958 .



وفي صبيحة الثورة وعندما كان الجيش يطوق قصر الرحاب اطلقت رصاصة من داخل القصر فواجهها الثوار بطلقات أنهت العائلة المالكة ومنهم الملك فيصل الثاني والامير عبد الاله ووالدته الملكة نفيسة وبعض الاميرات والخدم ، وهكذا انتهت قصة هذه العائلة التي حكمت العراق 37 سنة امتدت منذ سنة 1921 وحتى سنة