محمد محبوب · ابنتي تزوجت !!!
محمد محبوب
·
ابنتي تزوجت !!!
اعتدنا مع زواج الأبنة ان نسمع او نقرأ عن مشاعر الام التي ستفارق ابنتها، لكني لم اتخيل كيف ستكون مشاعر الاب عند زواج ابنته، سارت الاحداث بشكل طبيعي وسلس منذ خطوبة ابنتي الكبرى "رسل" وحتى ليلة زفافها، وصلنا بوابة القاعة التي يجري فيها حفل الزفاف، وقفت انا على يمين ابنتي "رسل" ووقف ابني "منتظر" على يسارها وكان علينا ان نسير بها على سلم كبير ثم نجتاز قاعة الحفل تجاه منصة العرسان حيث يقف زوج ابنتي ووالده وشقيقيه، وعند دخولنا وقف كل المدعوين ترحيباً بقدومنا، كان مشهداً هائلاً استرجعت خلاله شريط الذكريات منذ ولادة ابنتي الكبرى "رسل" حتى لحظة زفافها، انتابتني مشاعر وافكار واسئلة متضاربة لم تقطعها سوى لحظة تسليم ابنتي لرجل غريب وسط تصفيق المدعوين وزغاريد بعض المدعوات، تلاطمت في داخلي مشاعر الفرح والحزن والخوف، رسل هي طفلي الاول وفرحي الاول، وكانت علاقتي بها أكثر من مجرد علاقة بنت بأبيها. ولدت مطلع عام 1990 وكابدت بحس الطفولة مأساة حرب الكويت وتداعياتها وشطراً من الحصار وسنوات اللوعة ثم رافقتني من منفى الى منفى، كبرت رسل أمام أعيننا في المنافي .. كبرت ونضجت بعيداً عن الوطن لكنها ظلت متمسكة بروحيتها وثقافتها العراقية برغم السنوات القليلة التي عاشتها في الوطن، كانت طفلي الاول ولم أكن أملّ ملاعبتها والثرثرة معها. وكنت فارسها الوحيد، كبرت رسل ولم تكبر. لقد ظلت صغيرة في ناظري دوما، ثم جاءت لحظة الحقيقة، لابد لابنتي ان تتزوج .. كان لا بد أن يأتي ذلك الرجل الغريب الذي سيأخذ رسل يوما ما بعيداً، توافد بعض الخطاب، هذا لا، هذا ما ادري، هذا نص ونص، هذا نعم، تمت الخطبة وبدأت مراسيم الإعداد للزواج.
مرت الايام بشكل هاديء لكن الامتحان الأصعب كان ليلة الزفاف، داهمني شعور غريب تلك الليلة، مزيج من الخوف والقلق والحزن وشيء يسير من الزهو، رأيت ابنتي بلباس الفرح الأبيض الطويل وهي في قمة جمالها وروعتها، كانت بريئة الملامح، باهرة الجمال، لكن كيف يمكن الوثوق بشهادتي وأنا أبوها الذي لا يمكن أن يراها إلا أجمل الكائنات، من يثق في كلامي وتقديري يدرك كم كانت ابنتي ليلتها ملاكا يأسر الألباب، غالبت دموعي وأنا أسلمها الى رجل غريب .. زوجها، ماذا أقول؟ هل أقول إن هذا الفتى جاء ليختطفها من يدي؟ هل أقول إنه جاء ليقطف وردتي التي طالما سقيتها من نهر حناني؟ هل أقول إنه جاء ليسرق فرحتي الاولى، بلا اعتبار لمشاعري وتضحياتي؟.
أنا لست سوى أبيها، وهو زوجها ورفيق حياتها، أنا الآن مثل الرئيس الذي انتهت ولايته، ترى هل "بابا" بالنسبة لابنتي رسل مرحلة انتهت؟ هل احتل هذا الرجل الغريب (زوجها) مكانتي ودوري، وانتزعني من حياة ابنتي إلى الأبد؟.
وفي صباح اليوم التالي ودعنا ابنتي ودعونا لها، وعدنا من حيث أتينا، وانا اقود السيارة .. إلى البيت الذي طالما ملأته رسل علينا، كنت استمع الى نشيج والدتها التي ماتوقف لحظة واحدة، بكت كثيراً منذ لحظة فراق ابنتها ولم اتوقع انها ستكون حزينة الى هذا القدر، وصلنا الدار فوجدنا الدار غير الدار، في صباح اليوم التالي صحونا ولم نجد ابنتي رسل، توقعت أن أراها، لكني دخلت غرفتها فإذا هي بقايا ذكريات، خزانات فارغة وسرير بارد وأوراق مبعثرة.
قلت لزوجتي محاولاً التخفيف من وجع الفراق عنها ، اذا كانت ابنتنا ستكون سعيدة بعهدة زوج صالح ورفيق حياة امين، فإن كل هذا الحزن والقلق سوف يتبدد ويزول، سعادة ابنتنا في حياتها الزوجية ستكون هي البلسم لكل حزننا على فراقها وقلقنا عليها، حسبنا إننا اجتهدنا في مساعدتها على اختيار شريك الحياة المناسب .. شاب طيب صالح ومن اسرة طيبة صالحة والباقي على الله.
·
ابنتي تزوجت !!!
اعتدنا مع زواج الأبنة ان نسمع او نقرأ عن مشاعر الام التي ستفارق ابنتها، لكني لم اتخيل كيف ستكون مشاعر الاب عند زواج ابنته، سارت الاحداث بشكل طبيعي وسلس منذ خطوبة ابنتي الكبرى "رسل" وحتى ليلة زفافها، وصلنا بوابة القاعة التي يجري فيها حفل الزفاف، وقفت انا على يمين ابنتي "رسل" ووقف ابني "منتظر" على يسارها وكان علينا ان نسير بها على سلم كبير ثم نجتاز قاعة الحفل تجاه منصة العرسان حيث يقف زوج ابنتي ووالده وشقيقيه، وعند دخولنا وقف كل المدعوين ترحيباً بقدومنا، كان مشهداً هائلاً استرجعت خلاله شريط الذكريات منذ ولادة ابنتي الكبرى "رسل" حتى لحظة زفافها، انتابتني مشاعر وافكار واسئلة متضاربة لم تقطعها سوى لحظة تسليم ابنتي لرجل غريب وسط تصفيق المدعوين وزغاريد بعض المدعوات، تلاطمت في داخلي مشاعر الفرح والحزن والخوف، رسل هي طفلي الاول وفرحي الاول، وكانت علاقتي بها أكثر من مجرد علاقة بنت بأبيها. ولدت مطلع عام 1990 وكابدت بحس الطفولة مأساة حرب الكويت وتداعياتها وشطراً من الحصار وسنوات اللوعة ثم رافقتني من منفى الى منفى، كبرت رسل أمام أعيننا في المنافي .. كبرت ونضجت بعيداً عن الوطن لكنها ظلت متمسكة بروحيتها وثقافتها العراقية برغم السنوات القليلة التي عاشتها في الوطن، كانت طفلي الاول ولم أكن أملّ ملاعبتها والثرثرة معها. وكنت فارسها الوحيد، كبرت رسل ولم تكبر. لقد ظلت صغيرة في ناظري دوما، ثم جاءت لحظة الحقيقة، لابد لابنتي ان تتزوج .. كان لا بد أن يأتي ذلك الرجل الغريب الذي سيأخذ رسل يوما ما بعيداً، توافد بعض الخطاب، هذا لا، هذا ما ادري، هذا نص ونص، هذا نعم، تمت الخطبة وبدأت مراسيم الإعداد للزواج.
مرت الايام بشكل هاديء لكن الامتحان الأصعب كان ليلة الزفاف، داهمني شعور غريب تلك الليلة، مزيج من الخوف والقلق والحزن وشيء يسير من الزهو، رأيت ابنتي بلباس الفرح الأبيض الطويل وهي في قمة جمالها وروعتها، كانت بريئة الملامح، باهرة الجمال، لكن كيف يمكن الوثوق بشهادتي وأنا أبوها الذي لا يمكن أن يراها إلا أجمل الكائنات، من يثق في كلامي وتقديري يدرك كم كانت ابنتي ليلتها ملاكا يأسر الألباب، غالبت دموعي وأنا أسلمها الى رجل غريب .. زوجها، ماذا أقول؟ هل أقول إن هذا الفتى جاء ليختطفها من يدي؟ هل أقول إنه جاء ليقطف وردتي التي طالما سقيتها من نهر حناني؟ هل أقول إنه جاء ليسرق فرحتي الاولى، بلا اعتبار لمشاعري وتضحياتي؟.
أنا لست سوى أبيها، وهو زوجها ورفيق حياتها، أنا الآن مثل الرئيس الذي انتهت ولايته، ترى هل "بابا" بالنسبة لابنتي رسل مرحلة انتهت؟ هل احتل هذا الرجل الغريب (زوجها) مكانتي ودوري، وانتزعني من حياة ابنتي إلى الأبد؟.
وفي صباح اليوم التالي ودعنا ابنتي ودعونا لها، وعدنا من حيث أتينا، وانا اقود السيارة .. إلى البيت الذي طالما ملأته رسل علينا، كنت استمع الى نشيج والدتها التي ماتوقف لحظة واحدة، بكت كثيراً منذ لحظة فراق ابنتها ولم اتوقع انها ستكون حزينة الى هذا القدر، وصلنا الدار فوجدنا الدار غير الدار، في صباح اليوم التالي صحونا ولم نجد ابنتي رسل، توقعت أن أراها، لكني دخلت غرفتها فإذا هي بقايا ذكريات، خزانات فارغة وسرير بارد وأوراق مبعثرة.
قلت لزوجتي محاولاً التخفيف من وجع الفراق عنها ، اذا كانت ابنتنا ستكون سعيدة بعهدة زوج صالح ورفيق حياة امين، فإن كل هذا الحزن والقلق سوف يتبدد ويزول، سعادة ابنتنا في حياتها الزوجية ستكون هي البلسم لكل حزننا على فراقها وقلقنا عليها، حسبنا إننا اجتهدنا في مساعدتها على اختيار شريك الحياة المناسب .. شاب طيب صالح ومن اسرة طيبة صالحة والباقي على الله.