Sabah Alrubaie · مقالة عن مجموعة باقة ورد للسيدة للاستاذ الصحفي زيد الحلي
Sabah Alrubaie
·
مقالة عن مجموعة باقة ورد للسيدة للاستاذ الصحفي زيد الحلي
شم متأخر لباقة ورد القاص صباح الربيعي !
زيد الحلي
دعوني اعترف ، أنني لم اقرأ سابقاً للإعلامي الصديق صباح الربيعي قصصاً ، او شعراً ، ربما تقاعسا مني او عدم انتباه بسبب زخم العمل ومشاغل الحياة ، ولولا كرماً منه ، لبقيت على هذا المنوال ، فاقدا لقراءة عمل جميل في ادب القصة القصيرة ، إذ اهداني مجموعته القصصية (باقة ورد للسيدة ) فوقفت امام حديقة من الابداع وثراء اللغة وعمق العبارة وسعة الرؤى ونبل الفكرة ..
الكثيرون من متابعي الشأن الثقافي وانا منهم ، يعرفون الاستاذ صباح الربيعي كأحد ابرز المذيعين العراقيين ، لاسيما في فترة السبعينيات من القرن المنصرم وما بعدها ، لكن فاتهم الجانب المهم في مسيرة ابداعه ، وهو كتابه القصة القصيرة ، وله في هذا المجال ، اصدارات مهمة ... ويكفي ان يدلي بشهادة على اعمال الربيعي ، الدكتور علي جواد الطاهر حيث قال ( في قصص صباح الربيعي ، يتوفر الفن القصصي والمفهوم الفني .. ارجو له مواصلة الكتابة ) وقال الكاتب الكبير محمد خضر ( تتجلى قدرة القصاص صباح الربيعي الفنية في اختيار الموضوع ومعالجته معا ) وذكرت مجلة " الآداب " البيروتية ( استطاع صباح الربيعي ان يوظف الرمز توظيفا ناجحا لإيصال ما يريد التعبير عنه من خلال صورة موازية للواقع )..
قرأت ( باقة ورد للسيدة ) ، فتيقنت ان الفن القصصي اطوع فنون الادب مسايرة للتطور الاجتماعي ، واوسعها دلالة عليه ، فهذا الفن مادته الحياة ، لأنه يصور كيف يمارس الانسان مسيرته اليومية ، وماذا يجري في وليجة نفسه من منازع ، وعلى اي المناحي يستجيب للأحوال والملابسات من حوله ، ومن ثم كانت القصة في وثاقة اتصالها بظواهر المجتمع البشري ، وفي تجليتها لخفايا النفس الانسانية من اقوى الوسائل تعبيرا عن الحياة ، واسرعها تصيدا للتيارات الجديدة في آفاق الفكر واعماق الوجدان ، وابعدها أثرا في توجيه العقول والاذهان .
القصة عند صباح الربيعي ، غنية ، غنى اللغة نفسها ، وفي ذات الوقت اداة طيعة ، وتعبير مرن ، تتطور مع الاحداث ... ففي الوقت الذي تضع لنفسها الاسس والقواعد والقوانين ، نجدها تخرقها وتحيد عنها إذا دعت الضرورة .... تستعير من هنا وهناك ، وتستوعب كل فكرة جديدة سواء كانت علمية او فلسفية او تراثية .. وقلما تنبذ شيئا ، وتمتد فروعها وتزهر على الايدي الحنون التي تشذبها وترعاها .
تجرك قصص الربيعي صباح ، الى الاقتناع بأن العالم يتغير بسرعة ، وان كل يوم يأتي بجديد ، وتطوف بك حول ذاتك وانت تجلس في مقعدك لا تبارحه .. بل وتسافر الى ما وراء حدودك ... وتجعلك تبحث في حقيقة جوهر الانسان ... باختصار جاءت مجموعة ( باقة ورد للسيدة ) بأسلوب السهل الممتنع ، دون محاولة للافتعال ، صادقة ، مؤثرة ، تنفذ الى اقسى القلوب من اقصر طريق .... مركزة مشرقة نابضة بالذكاء والعمق .. اشبه بسيناريو الافلام ، نابضة بالحركة ... لقد وفق بين القدرة والفكرة ، وزاوج بين الحكمة والفعل .
في ظني ، وقراءتي المتعمقة لهذه المجموعة ، ان صباح الربيعي يتوخّى اسلوبه الوضوح والسهولة ، حرصا منه على الإفهام والحوار مع الغير ، والابتعاد عن الغموض والرمزيّة المفرطة .. وهو يرى ان الصدق والاصالة هما طريق الوصول الى الادب الحق ، سبيلا الى الاشعاع والتألق ..
القاص الحق ، هو الذي يختزن التجربة ، ويرتشف الانسانية ارتشافاً ، ويمتلك ثقافة وحساسية لفحص الأشياء بعين ثاقبة وبصيرة ذكية ، وله القدرة على الغوص في الواقع ، ويكون على تماسك مع الماضي ، وملتصق بالحاضر وفي ذهنه الرنو الى المستقبل .. وقد فعل القاص صباح الربيعي ذلك ... فمرحباً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت في الصفحة الثقافية بجريدة الزمان
·
مقالة عن مجموعة باقة ورد للسيدة للاستاذ الصحفي زيد الحلي
شم متأخر لباقة ورد القاص صباح الربيعي !
زيد الحلي
دعوني اعترف ، أنني لم اقرأ سابقاً للإعلامي الصديق صباح الربيعي قصصاً ، او شعراً ، ربما تقاعسا مني او عدم انتباه بسبب زخم العمل ومشاغل الحياة ، ولولا كرماً منه ، لبقيت على هذا المنوال ، فاقدا لقراءة عمل جميل في ادب القصة القصيرة ، إذ اهداني مجموعته القصصية (باقة ورد للسيدة ) فوقفت امام حديقة من الابداع وثراء اللغة وعمق العبارة وسعة الرؤى ونبل الفكرة ..
الكثيرون من متابعي الشأن الثقافي وانا منهم ، يعرفون الاستاذ صباح الربيعي كأحد ابرز المذيعين العراقيين ، لاسيما في فترة السبعينيات من القرن المنصرم وما بعدها ، لكن فاتهم الجانب المهم في مسيرة ابداعه ، وهو كتابه القصة القصيرة ، وله في هذا المجال ، اصدارات مهمة ... ويكفي ان يدلي بشهادة على اعمال الربيعي ، الدكتور علي جواد الطاهر حيث قال ( في قصص صباح الربيعي ، يتوفر الفن القصصي والمفهوم الفني .. ارجو له مواصلة الكتابة ) وقال الكاتب الكبير محمد خضر ( تتجلى قدرة القصاص صباح الربيعي الفنية في اختيار الموضوع ومعالجته معا ) وذكرت مجلة " الآداب " البيروتية ( استطاع صباح الربيعي ان يوظف الرمز توظيفا ناجحا لإيصال ما يريد التعبير عنه من خلال صورة موازية للواقع )..
قرأت ( باقة ورد للسيدة ) ، فتيقنت ان الفن القصصي اطوع فنون الادب مسايرة للتطور الاجتماعي ، واوسعها دلالة عليه ، فهذا الفن مادته الحياة ، لأنه يصور كيف يمارس الانسان مسيرته اليومية ، وماذا يجري في وليجة نفسه من منازع ، وعلى اي المناحي يستجيب للأحوال والملابسات من حوله ، ومن ثم كانت القصة في وثاقة اتصالها بظواهر المجتمع البشري ، وفي تجليتها لخفايا النفس الانسانية من اقوى الوسائل تعبيرا عن الحياة ، واسرعها تصيدا للتيارات الجديدة في آفاق الفكر واعماق الوجدان ، وابعدها أثرا في توجيه العقول والاذهان .
القصة عند صباح الربيعي ، غنية ، غنى اللغة نفسها ، وفي ذات الوقت اداة طيعة ، وتعبير مرن ، تتطور مع الاحداث ... ففي الوقت الذي تضع لنفسها الاسس والقواعد والقوانين ، نجدها تخرقها وتحيد عنها إذا دعت الضرورة .... تستعير من هنا وهناك ، وتستوعب كل فكرة جديدة سواء كانت علمية او فلسفية او تراثية .. وقلما تنبذ شيئا ، وتمتد فروعها وتزهر على الايدي الحنون التي تشذبها وترعاها .
تجرك قصص الربيعي صباح ، الى الاقتناع بأن العالم يتغير بسرعة ، وان كل يوم يأتي بجديد ، وتطوف بك حول ذاتك وانت تجلس في مقعدك لا تبارحه .. بل وتسافر الى ما وراء حدودك ... وتجعلك تبحث في حقيقة جوهر الانسان ... باختصار جاءت مجموعة ( باقة ورد للسيدة ) بأسلوب السهل الممتنع ، دون محاولة للافتعال ، صادقة ، مؤثرة ، تنفذ الى اقسى القلوب من اقصر طريق .... مركزة مشرقة نابضة بالذكاء والعمق .. اشبه بسيناريو الافلام ، نابضة بالحركة ... لقد وفق بين القدرة والفكرة ، وزاوج بين الحكمة والفعل .
في ظني ، وقراءتي المتعمقة لهذه المجموعة ، ان صباح الربيعي يتوخّى اسلوبه الوضوح والسهولة ، حرصا منه على الإفهام والحوار مع الغير ، والابتعاد عن الغموض والرمزيّة المفرطة .. وهو يرى ان الصدق والاصالة هما طريق الوصول الى الادب الحق ، سبيلا الى الاشعاع والتألق ..
القاص الحق ، هو الذي يختزن التجربة ، ويرتشف الانسانية ارتشافاً ، ويمتلك ثقافة وحساسية لفحص الأشياء بعين ثاقبة وبصيرة ذكية ، وله القدرة على الغوص في الواقع ، ويكون على تماسك مع الماضي ، وملتصق بالحاضر وفي ذهنه الرنو الى المستقبل .. وقد فعل القاص صباح الربيعي ذلك ... فمرحباً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت في الصفحة الثقافية بجريدة الزمان