×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.

الشاعر عادل الشرقي‏. *****دمشق كانت محطتي الأهم في الزيارة ، وستبقى الأهم في تجربتي بكتابة قصيدة الغزل

الشاعر عادل الشرقي‏.  *****دمشق كانت محطتي الأهم في الزيارة ، وستبقى الأهم في تجربتي بكتابة قصيدة الغزل
 الشاعر عادل الشرقي‏.

الحلقة الحادية والعشرون من حياتي الأدبية والشعرية
******************************************
دمشق كانت محطتي الأهم في الزيارة ، وستبقى الأهم في تجربتي بكتابة قصيدة الغزل
*********************************************************
ذكرت في الحلقة العشرين الفائئة ، بأنني وبعد أن كان من المقرر عودتي من سفري من تونس إلى فنلندا مباشرة ، فقد عدلت عن ذلك ، وقررت تغيير وجهة سفري ، إلى بيروت ومن ثم إلى سوريا ، وقد هبطت بي الطائرة فعلا في مطار بيروت صباح يوم 21 / 11 / 2014 ، وكان يوماً غائماً هطلت فيه الأمطار بغزارة ، وعند الانتهاء من مراسم التفتيش في المطار ، وجدت بعض الأصدقاء بانتظاري في الباب ، ليصطحبونني إلى فندق جميل مطل على البحر الأبيض المتوسط في منطقة إسمها جونيا ، أدخلنا حقيبتي في الغرفة التي خصصت لي في الفندق ، وغادرناه بعد لحظات إلى مطعم جميل في جبلٍ عالٍ من جبال بيروت ، وجلسنا هناك جلسة جميلة ورومانسية رائعة الجمال ، فهذه هي المرة الأولى التي أزور فيها بيروت ، ولقد كانت ساحرة حقا ، وحاولت تذكر أغلب ما قيل من الشعر في وصفها من قبل الشعراء ، فوجدت أنها قد كانت أكثر بهاء وجمالا من كل ما قالوه بحقها ابتداءً من سعيد عقل إلى إبراهيم اليازجي إلى نزار قباني .
في صباح اليوم الثاني كانت زيارتنا للمغارة في بيروت ، واستمتعنا هناك غاية الاستمتاع ، وفي ذات اليوم ، أوصلني أصدقائي إلى الحدود اللبنانية السورية ، فاستأجرت سيارة من هناك ، متوجها إلى الحبيبة دمشق .
وفي الطريق إلى دمشق ، عادت بي الذكريات إلى تلك الأيام الجميلة التي عشتها فيها ، وعند وصولي إلى نقطة التفتيش العائدة إلى لبنان ، سألني أحد أفراد الشرطة عن سبب مغادرتي بيروت بهذه السرعة وخلال يومين فقط ، وهل أنها لم تعجبني فأجبته في الحال :
لم يكن الأمر كما تقول ، ولكن عشقي لدمشق وحبي لها ، وشوقي ولهفتي لرؤيتها هي التي دفعتني بالسفر إليها ، ثم بدأت أتغزل بدمشق أمام رجل الشرطة وهو يضحك مع زميله ولا أعرف سبب ضحكه ، ثم سألته قائلا :

لقد عشت في فيسيا العرب يا صديقي ، فقال لي ومن هي فينيسا العرب ، قلت دمشق ، عندها ضحك الرجل هو وزميله للمرة الثانية ، فسألته : ألم يعجبك كلامي ، ألا تحب دمشق ، أجابني على الفور ، بالعكس دمشق رائعة ولكنني أظن أنك تعتقد بأنك الآن في الحدود السورية وليس اللبنانية ، عندها شعرت بشيء من الحياء ، غير أنني لم أتراجع عن مواصلتي للتغزل بدمشق حبيبتي قائلا له :
الحق أقول يا صديقي بأنني لم أنتبه ، فقد ظننت نفسي فعلا قد دخلت الأراضي السورية ، ربما بسبب اشتياقي لها ، ومع ذلك ، فلن أتراجع عن ما ذكرته ، وقلت له مواصلا حديثي : لقد عشت في سوريا ست سنوات ونصف ، وخرجت منها قبل الظروف التي حصلت فيها بأشهر قليلة ، وهاجرت إلى فنلندا ، وقد ترك في نفسي البعد عنها ألما كبيراً ، فقام الرجل وحياني ثم سلمني جوازي وودعني وتمنى لي سلامة الوصول .
بعدها توجهت بي السيارة إلى دمشق ، وحين بلغنا الحدود ، دخلت نقطة التفتيش السورية ، وتحدثت لهم عن ما حصل معي في الحدود اللبنانية فضحك الجميع ، ورحبوا بي أجمل ترحيب ، وهكذا صارت السيارة تنهب المسافة نهبا ، غير أن ما لفت انتباهي ، هو وجود أكثر من نقطة تفتيش في الطريق المؤدي إلى دمشق ، وقلت مع نفسي ، الأمر طبيعي جدا فالبلد يعيش حالة حرب ، وتذكرت قول بعض الأصدقاء والأهل لي ، ممن نصحوني بعدم الذهاب إلى دمشق ، غير أني لم أكترث لنصائحهم ، فحبي لدمشق يفوق مخاوفي ، ولهذا فقد قررت مواصلة السير إليها .
بعد ساعات ، وجدت نفسي أدخل دمشق الحبيبة ، وحين اخترقنا شارع وستراد المزه ، أوقفتنا نقطة تفتيش ، وطلبت معرفة مكان قدومنا فأخبرهم السائق بأننا قدمنا من بيروت ، فطلب مني حارس النقطة جواز سفري فأخبرته بأنني شاعر وقد قدمت من فنلندا إلى دمشق بسبب حبي لها وكان يحدوني الشوق إليها ، لم يطل المسلح النظر إلى جوازي ، وضحك بوجهي وقال : مرحبا بالشعراء ، دمشق بلدكم ، وبعد قليل من الوقت ، وجدت نفسي قد دخلت فندق الشام .
لم أستطع المكوث في غرفتي في الفندق طويلا ، فشوقي لرؤية شوارع دمشق كان هائلا ، ولهذا وجدت نفسي بعد دقائق في مقهى الروضة الواقعة في الصالحية ، ومثلما توقعت ، فقد وجدت المخضرم العراقي المعروف ( أبو حالوب ) ما يزال جالسا في المقهى ، فهرع الرجل بجنون وهو يستقبلني مندهشا ، ولم يصدق فعلا أنني أنا عادل الشرقي بدمي ولحمي أقف أمامه الآن ، فعانقني عناقا حارا ، ثم سألته عن وضعه الصحي ، وعن من تبقى من أخوتنا العراقيين في دمشق ، وقد بدأ يستعرض أسماء أصدقائنا من الأدباء الذين لم يغادروا دمشق كل هذه السنوات رغم الظروف التي مروا بها ، فهذا الرجل ، يؤرشف حياة كل الأدباء العراقيين الذين زاروا سوريا وعاشوا فيها ، وقد أخبرته بصدور ديواني في دمشق ( السمراء ذات الخال بكامل أريجها ) ففرح كثيرا ، كما أخبرته عن سبب مجيئي إلى دمشق ، وسنواصل الحديث في الحلقة القادمة ، عن رحلتنا الهامة إلى دمشق .