مطلوب استراتيجية قومية لاعادة تأهيل المتسربين من التعليم من قبل سارة السهيل
مطلوب استراتيجية قومية لاعادة تأهيل المتسربين من التعليم
من قبل سارة السهيل
تشكل ظاهرة التسرب من التعليم كارثة خطيرة في مختلف العالم العربي والشرق الأوسط عامة لما يرتبط بها من تراجع التنمية والتطور الاقتصادي المنشود لمستقبل المنطقة واستقرارها، حيث يزيد من البطالة ويضعف اقتصادات البلدان.
وتتصاعد ازمة التسرب من التعليم مع ارتفاع معدلات الأمية في الدول العربية الي 19.73% ، بحسب تقرير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (أليكسو)، حيث ترتفع نسبة أمية الإناث إلى 60.60 %، بينما تصل نسبتها لدى الذكور إلى 39.42 %. ، اما تقديرات منظمة اليونسكو فتشير الي انه واحد من كل خمسة بالغين يعاني من الأمية (19 %). في العالم العربي، وأعلاها في موريتانيا، بينما احتلت قطر النسبة الأدنى من الأمية 2%، وتلتها الأراضي الفلسطينية فلا تتجاوز نسبة الأمية 3%، فيما تسجل نسبة الأمية في العراق 20 %، وفي المغرب ثلث السكان أميون .
اقليم كوردستان
أما في كوردستان فقد اعلنت وزارة التربية في اقليم كردستان أن نسبة الأمية قد انخفضت بين المواطنين الى نسبة 15%. خلال الخمس سنوات الاخيرة حيث ان الفترة ما بين 2000 2015 شهدت محو الامية عن 391287 شخصا في كوردستان .
وقدر تقرير صادر عن الأمم المتحدة في إبريل الماضي، عدد المتسربين أو من يواجهون خطر التسرب من التعليم، في العالم العربي ب21 مليون طفل .
وربط تقرير أخر لليونيسيف مؤخرا بين العنف والإرهاب في المنطقة علي تلاميذ المدارس في تسع مناطق، من بينها سوريا والعراق واليمن وليبيا والسودان وأشار التقرير إلى أن نسبة 40 بالمائة من الاطفال في هذه الدول خارج النظام التعليمي، وان 9 الاف مدرسة تعرضت للتدمير في الدول المذكورة .
أسباب التسرب
الباحثون المتخصصون في هذا المجال يرجعون ظاهرة التسرب من التعليم الي عوامل عديدة منها ما يعود للطالب المتسرب نفسه مثل: تدني التحصيل الدراسي وصعوبات التعلم خاصة لدى الذكور . وانخفاض قيمة التعليم عند الطلبة المتسربين، والزواج المبكر والخطوبة للإناث، و خروج الذكور لسوق العمل.
وهناك أسباب تعود للأسرة، ومنها سوء الوضع الاقتصادي، وعدم وجود شخص يساعد الطالب على تجاوز صعوبات التحصيل الدراسي.
اما الاسباب التي تعود للمدرسة، فتتمثل في النفور من المدرسة لعدم توافر عناصرالجذب بها، واستخدام العقاب المعنوي والبدني بحق الطلبة .
غياب معايير الجودة
ورغم تعدد الاسباب التي ذكرها الباحثون في هذاالميدان، الا انني اعتقد ان هناك قصورا واضحا في معايير الجودة بالتعليم في مدارسنا ، ومعظمها لا يتمتع بجودة التعليم من حيث المعلم والمناهج المدرسية، بجانب أن كثيرا من أولياء التلاميذ يفتقرون للقدرات التعليمية والثقافية لمتابعة التحصيل العلمي لأبنائهم.
ولعل تجاهل دولنا العربية في معالجة ظاهرة التسرب التعليمي يناهض الحقوق التي نص عليها الاعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة (26) : ( لكل شخص حق في التعليم، ويجب أن يوفر التعليم مجاناً، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية، ويكون التعليم الابتدائي إلزامياً، ويكون التعليم الفني والمهني متاحاً للعموم، ويكون التعليم العالي متاحاً للجميع تبعا لكفاءتهم ) .
كما أن حق الطفل بالتعليم نصت عليه المادتان (28) (29) من اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الامم المتحدة .
علاج الظاهرة
لاشك ان قدرة المدرسة علي استثارة دوافع التلاميذ وشوقهم وحبهم للتعلم يلعب دورا كبيرا في حفاظ التلميذ بمدرسته، خاصة اذا كانت البيئة المدرسية غنية بالأنشطة والمهارات ليتعلم الطالب الخبرات التي تفيده في المجتمع .
وهناك ضرورة نفسية واجتماعية في معرفة المواهب الحقيقة لكل طفل قبل الدفع به في مجال الدراسة، فهناك أطفال قد ينجحون في العمل اليدوي أو في أي مهنة رغم فشلهم الدراسي . يجب أن تراعي كل أسرة موهبة طفلها وتكتشفها مبكرا وكذلك المدرسة والمعلم، كما يجب البعد عن الملل في الحصص الدراسية وإيجاد حوافز وأهداف مبتكرة ومراعاة فصل التلاميذ الأذكياء عن الأقل ذكاء حتى يمكن التعامل مع كليهما بالأسلوب المناسب، كما يجب توفير فرص التأهيل التربوي والمهني للطلبة المتسربين عبر إلحاقهم بمراكز تأهيلية ليتدربوا علي مهن تناسبهم قدراتهم .
وفي تقديري، ان المؤسسات التعليمية لابد وان تتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني من أجل وضع نظام علاجي للطالب الذي يعاني من صعوبات التعلم وتفعيل قانون إلزامية التعليم في المرحلة الأساسية وفقا لآلية قابلة للتنفيذ. كما يجب السماح للطلبة المتسربين بالالتحاق بالدراسة بغض النظر عن سنهم وفق شروط محددة وميسرة.
انقاذ المتسربين
وفي تصوري انه يمكن انقاذ المتسربين من التعليم في العالم العربي عبر وضع استراتيجية متكاملة يضعها خبراء متخصصون في التعليم والثقافة ومؤسسات المجتمع المدني لاعادة تأهيل المتسربين من التعليم ومحو أميتهم وتأهيلهم لسوق العمل وذلك من خلال التوسع في نشر مراكز التعليم المهني في بلادنا وتقديم تسهيلات ومكافآت تشجيعية للطلبة الملتحقين بها. وتنويع برامج التعليم المهني لتواكب حاجات سوق العمل.