أياد حسين النصيري 14 فبراير 2022 · أَسْمَهانُ بِديرِ جَماليَّةَ اللُّغَةِ والصّورَةِ الشِّعْريَّةِ فِي قَصيدَةٍ ( ( رَسَمتُكَ عَلَى الوَرَقِ ) )

أياد حسين النصيري
14 فبراير 2022 ·
أَسْمَهانُ بِديرِ جَماليَّةَ اللُّغَةِ والصّورَةِ الشِّعْريَّةِ
فِي قَصيدَةٍ ( ( رَسَمتُكَ عَلَى الوَرَقِ ) )
أَيَادُ النَصيري - العِراقُ - 2 - 9 - 2021
* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
كُلَّمَا تَمَرَّدَتْ وَجاهَرَتْ بَحِبِّها تُهاجِمُ حَالَاتِ الحَياةِ وَتَقَلُّباتِها المُتَناقِضَةِ وَكُلَّمَا اسْتَقَرَّتْ فِي ذِهْنِها حالَةُ العِشْقِ وَاَلْهَذَيانُ نَجِدُهَا تُكْتَبُ بِوَاقِعِيَّةٍ وَبِمَواضيعَ جَديدَةٍ تُطِلُّ بِهَا عَلَيْنَا بَيْنَ الحِينِ والْحينِ - - نَسْتَذوقُ حَرَفَها وَتُحَلِّقُ فِينَا نَحْوَ فَضاءٍ مَفْتوحٍ - - تُكْتَبُ بِمَا تَجودُ بِهَا رُوحُهَا بِكُلِّ صَدَقٍ - بِلَا مُجامَلَةٍ - بِدُونِ تَّزْويقٍ
انَّها الشّاعِرَةُ الدُّكْتورَةُ أَسْمَهانُ بِديرٍ
اَلَّتِي تَعْرِفُ كَيْفَ تُسْتَعْمَلُ أَدَواتُها اللُّغَويَّةُ وَكَيْفَ تَرْسُمُ لَنَا قَصائِدَها الشِّعْريَّةُ بَيْنَ اَلتَّكْثيفِ وَاَلْتَلْطيفِ بُنْيانٍ سَمْفُونِي يَتَماوَجُ كَصَهيلِ الأَلَمِ عَلَى حَفافي الرّوحِ . تُلَامِسُ عُمْقَ الجِذْرِ الإِنْسانيِّ لِلْوَاقِعِ بِتَخْييلِ اسْتِعاريٍّ وَتَصْويرٍ بَلاغي بالِغِ الثَّراءِ الحِسّيِّ وَصوَرٍ شِعْريَّةٍ طازَجَةٍ تَأْخُذُكَ مِنْ المَأْلوفِ اليَقينيِّ إِلَى مُجْتَرَحٍ صادِمٍ فِي نَبْرَةٍ كَافْكَاوِيَّةٍ يَتَلَفَّعُ فِيهَا الواقِعُ بِاَلْعَتَمَةِ حَيْثُ اللَّامَعْنَى كَامِنٌ فِي المَعْنَى فَاَلْذاتُ تَبْدُو عَلَى شَفِيرِ العَدَمِ وَاقِعًا وَشَفا المُخَيِّلَةِ إِبْدَاعًا تِدْمِنَ الْإِنْتِظَارَ سُكونًا فِي عُمْقِ الأَشْياءِ والْأَحْلامِ يَنْحَرُها الواقِعُ والْحُبُّ لَايْشْفَى وَلَهُ الرّوحُ وَلَايِرْتِقُ الجَرّاحُ اَنْهُ الوُجودُ بَهْجَةً مُلْتَبِسَةً بِالضَّيَاعِ وَتَرَدُّدِ يَرَجِ الخُطَى . قَصيدَةٌ ( رَسِمتُكَ عَلَى الوَرَقِ ) هوَ نَصٌّ شَعْريٌّ مَكْتوبٌ بِمِشْرَطٍ فَجَاءَ مَفْتُوحًا كَالرُّوحِ
( رَسَمتُكَ عَلَى الوَرَقِ
أَحْلُمُ هَذِهِ اللَّحْظَةَ بِذَوَبانِ الأَثِيرِ
أَحْلُمُ بِالْمَطَرِ الغَزِيرِ
اَلَّذِي لَمْ يَهْطَلْ بَعْدُ )
إِذَنْ هَذِهِ هِيَ رَعَشاتُ اللَّاوَعْيِ اَلَّتِي تُنْطَقُ شِعْرًا لِتُعانِقَ حُلْمًا آتِيًا الَّى الوَعْيِ أَيْ أَنَّ القَصيدَةَ تُضِيءُ فِي فِكْرِ الشّاعِرَةِ وَتَنْصَهِرُ فِي قَلْبِها قَبْلَ اَنْ تُصْبِحُ حُروفًا مِسْطَرَةً عَلَى الوَرَقِ
هَذَا وَجَدْتُهُ فِي روحيَّةِ نُصوصِ أَسْمَهانَ بِديرٍ لِأَنِّي دَرَسَتُهَا دِراسَةٌ بَريئَةٌ وَمُعَمَّقَةٌ بَعِيدًا عَنْ الحَسَدِ والضَّغينَةِ والْغَيْرَةِ الغَيْرِ إِبْداعيَّةً والْقِراءَةُ السَّطْحيَّةُ اَلَّتِي لَاتَجْدِي نَفْعًا شَعَرُتْ حِينَذَاكَ أَنَّ هَذِهِ الشّاعِرَةَ المُلْتَهِبَةَ والمَهوَسَةَ بِعِشْقِ الشِّعْرِ تَسْعَى لِتُحَقِّقَ نِتَاجًا إِبْدَاعِيًّا مُتَمَيِّزًا وَهَذَا مِنْ حَقِّها قِطَعًا مِنْ خِلالِ تَوَهُّجِها الشِّعْريِّ المُتَصاعِدِ وَصَبْرِها بِوَجْهٍ مِنْ كُلِّ مِنْ يَحْمِلُ الفَأْسَ لِيُهَشِّمَ رُوحَهَا الغارِقَةَ فِي الشَّعْرِ دُونَ رَحْمَةٍ
( أَنَّى لِي
أَنْ أَنْشَدَ الهَرَبَ
حَيْثُ تَكْتَمِلُ الَانُ
دَوْرَةُ أَيّامِي الغَابِرَةِ
والْبَحْرُ عَلاماتُ اسْتِفْهامٍ غامِضَةٌ
لَا تَبَيَّنَ مَعارِكُ أَعْمَاقِهِ )
تَواصُلُ الشّاعِرَةُ جُرْأَةَ بَوْحِها المُتَدَفِّقُ بِمَرارَةِ الواقِعِ الثَّقيلِ اَلَّذِي ضَغْطَ عَلَى حَياتِها رُبَّمَا لِسَنَوَاتٍ طَويلَةٍ وَحِرْمانِها مِنْ امْنِيَاتٍ مَازَالَتْ شّاخِصَةً فِي مُخَيِّلَتِها
قَصائِدُ الشّاعِرَةِ المُبْدِعَةُ أَسْمَهانُ بِديرٍ اَلَّتِي أَعْتَقِدُ أَنَّهَا شاعِرَةٌ مُهِمَّةٌ وَتُكْتَبُ القَصيدَةَ الحَديثَةَ بِطِرازٍ خاصٍّ طَالَمَا أَنَّ القَصيدَةَ الحَديثَةَ مَشْروعٌ قائِمٌ وَقادِمٌ مَهْما حَاوَلْنَا تَجاهُلَها أَوْ وَصَفَها
تَجْعَلُ المَشاعِرُ الحِسِّيَّةُ تَنْبِضُ وَتَتَحَرَّكُ بِاَلْنَطَقِ فِي مُجَسَّدَاتِهَا الصَّوْتيَّةِ بِالتَّصْوِيرِ والْوَصْفِ فِي بَراعَةِ الحِسِّ الجَماليِّ الفَنّيِّ لِلتَّعَابِيرِ الشِّعْريَّةِ والْفِكْريَّةِ اَلَّتِي تَعْتَمِدُ عَلَى خَلْفيَّةٍ واسِعَةٍ مِنْ المَعَارِفِ الواسِعَةِ اَلَّتِي تَخْزُنُهَا الذّاكِرَةُ العَقْليَّةُ والثَّقافيَّةُ
( وَكَذَلِكَ القَلْبُ
فِي شَفافيَّةِ الكِتابَةِ
تَتَسَاقَطُ حَبّاتُ مَطَرٍ
بَلَى ، وَأَكْتُبُ
وَتَقْرَأُ . .
هَذَا الكَوْنُ الشِّعْريُّ السّاحِرُ
وَاَلْسّاطِعُ العَذابُ
كَيْفَ أَنْجَحُ فِي رَسْمِكَ عَلَى الوَرَقِ
وَكَيْفَ اسْتَطَعُتْ أَنْ تَسْكُنَ كُلُّ هَذِهِ
المُحِيطَاتُ )
انَّها تَخْلُقُ المُناخَ المُناسِبَ بِكُلِّ تَضاريسِهِ فِي اسْتِنْباطِ الهَواجِسِ والْهُمومِ وَتَسْكُبَها بِحُروفٍ شِعْريَّةٍ . تُطْلِقُ فِيهَا عَنانْ بَواعِثِ الشَّجَنِ وَاَلْأَشْجانِ المَشْحونَةِ فِي هُمومِ الرّوحِ وَخَلَجاتِها وَتُطْلِقُها دُونَ عَوائِقَ وَحَواجِزَ بَلْ انَّها تُسْتَخْدَمُ حُرّيَّةً لِلْخَيَالِ الشِّعْريِّ أَنْ يَخْلُقَ وَيَصوغَ الرُّؤَى الشِّعْريَّةَ والْمَضامينَ اَلْفِكْريَّةَ اَلَّتِي لَهَا صَدًى وَرَنينٌ فِي رُؤْيَتِها بَيْنَ الواقِعِ والتَّناعُمِ بِالْحِلْمِ والْأَمَلِ والْحُبِّ
( وَحْدَكَ أَنْتَ فِي القَلْبِ
تُشْرِقُ
وَفِي اللَّيْلِ تَجيءُ
لَكِنَّنَا نَظَلُّ بَعِيدِينَ
وَتَكَبَّرَ المَسافَةُ . .
وَحَيْثُ أَهَمُّ بِالدُّخُولِ
مُتَوَهِّجَةٌ بِحُزْنِي
فِيمَا تَتَصاعَدُ أَصْواتُ سُقوطِ المَطَرِ
وَكَأَنَّهُ الجَوابُ الوَحيدُ لِأَحْلامِي المُتَواصِلَةِ . .
وَتَطيرُ الكَلِماتُ إِلَيَّ
إِلَى قَلْبِي . .
خَفيفَةٌ واهِنَةٌ )
إِنَّ خاصّيَّةَ التَّفاعُلِ - فِي قَصائِدِ أَسْمَهانَ بِديرٍ - خاصّيَّةٌ بُؤْرِيَّةٌ مَرْكَزيَّةٌ تَسْتَقْطِبُ إِلَيْهَا المُؤَثِّراتُ الأُخْرَى بِوَصْفِهَا الطَّاقَةَ الدّيناميَّةَ اَلَّتِي تُحَرِّكُ عَجَلَةَ النَّصِّ بِاتِّجاهاتٍ مُحَدَّدَةٍ وَبِنُظُمِ عَلائِقيَّةٍ فاعِلَةٍ وَهَذِهِ الخاصّيَّةُ لَا نُبالِغُ إِذَا قُلْنَا فِيهَا لَقَدْ أَمَدَّتْ قَصائِدُها بِفَيْضٍ هائِلٍ مِنْ الإِيحَاءَاتِ والدَّلالاتِ والتَّأْويلاتِ المُنْفَتِحَةِ لِتُؤَكِّدَ قَصائِدَها – بِشَكْلٍ عامٍّ - فِعْلَ غِوايَتَها البَليغُ وَمَنْظوراتِها الإِبْداعيَّةَ المُرَكَّزَةَ مِنْ حَيْثُ الْقُوَةِوَالْفَاعْلِيَّةْوَالْغَلْبَةُ الْإِيحَائِيَّةُ الأَمْرُ اَلَّذِي يَجْعَلُها مَحَطَّ تَطَوُّرٍ وَتَنامٍ وابْتِكارٍ فِي فَيْضِها الرُّؤْيوِيِّ وَإِغْواءِها الجَماليِّ اَلْآسِرِ
( وَيَضِجُّ القَلْبُ بِاَلْتَساؤُلاتِ
وَأَعْرِفُ أَنَّنِي أَمْلِكُ كُلَّ هَذِهِ
الحُقُولُ
أَعْرِفُ أَنَّنِي وَصِلَتَها
وَلَمْ أَصْلٍ ! !
أَقولُ لِلْبَحْرِ
لِلرِّيحِ لِلْعَاصِفَةِ
عِنْدِي مِنْ مُخْفَضَاتِ الصَّدْرِ
مَا يَكْفِي لِكُلِّ نَصِلٍ وَهاويَةٍ
عِنْدِي لِغَدَرِ الأَيّامِ
أُغْنيَةٌ وَقافيَةٌ )
عِنْدَمَا يَكونُ النَّصُّ مُتَكامِلٌ وَمُتَماسِكٌ فِي فِكْرَتِهِ وَالْإِسْلُوبِ . . يَكُونُ هوَ النَّصُّ اَلَّذِي يوَلِّدُ الْإِنْفِعَالَ الخاصَّ بَيْنَ مَاهُو حِسّيٍّ . . وَمَا هوَ عاطِفيٌّ . . انْهُ الْإِنْبِهَارُ والدَّهْشَةُ الخَلْوَةُ الرّوحيَّةُ والنَّفْسيَّةُ وَاَلْمِزاجيَّةُ فِي الْإِنْدِمَاجِ الكُلّيِّ فِي الخَيالِ الشِّعْريِّ لِتَخْلُقَ وَتَصوغُ مُكَوِّناتِ القَصيدَةِ بِكُلِّ تَفاعُلٍ مُتَناسِقٍ وَمُتَجانِسٍ
فَقَدْ إِنْتَهَجَتْ الشّاعِرَةُ إِسْلُوبَ المُحاكاةِ الذّاتَ وَمُحاوَرَتَها بِتَوْظِيفِ اللُّغَةِ المُرَكَّبَةِ لُغَةً داخِلَ لُغَةٍ أَوْ صَوْتٍ داخِلَ صَوْتِ هَذَا الانْسِراحِ فِي صَميمِ الشَّوْقِ ليُحَلِّقَ الفَضَاءَاتِ بِكُلِّ إِشْتِهَاءٍ وَتَفاعُلٍ لِيُعِيدَ بِناءَ تَكْوينِ نَبَضاتِ القَلْبِ مِنْ جَديدٍ بِمَا تَشْتَهِي الرّوحُ والْوِجْدانُ
( أَيْ رَغَباتٍ قَادَتْنِي إِلَيْكَ
وَلِمَاذَا لَا تَرْقُ العاصِفَةُ
لِمَاذَا . .
وَلِمَاذَا ؟
كَيْفَ يَغْدو القَلْبُ مَنْفًى ؟
وَكَيْفَ أَحْتَمِلُ ذَلِكَ
وَكَيْفَ ؟
وَاَلْغَيْمُ فِي فَضاءِ القَلَقِ أَميرٌ
وَمَا أَنَا بِطِفْلَةٍ
وَلَكِنَّ الصَّقيعَ يَمَلُؤُنِي )
مَا يَشُدني فِي الحَديثِ عَنْ لُغَةِ الشّاعِرَةِ هِيَ تِلْكَ القُدْرَةُ الرّائِعَةُ عَلَى الذَّهابِ بِالصُّورَةِ الشِّعْريَّةِ إِلَى أَقْصَى طاقَتِها التَّعْبيريَّةِ وَهِيَ صورَةٌ تَخْتَطُ عَنْ حَدْسِ شاعِرِها لَا فِكْرَتَهُ وَهُنَا بِصَمْتَها اَلَّتِي تَدُلُّ عَلَيْهَا وَهِيَ بَصْمَةٌ لَا تَحَيَّلُ عَلَى رَهْبَنيَّةٍ مَا بَلْ عَلَى البَحْثِ الدّائِمِ وَاَلْصَقْلِ المُبَرِّحِ لِلْإِسْلُوبِ المُتَمَيِّزِ اَلَّذِي تَشْتَغِلُ عَلَيْهُ . كَلِماتُ هَذِهِ الصّورَةِ الشِّعْريَّةِ لَيْسَتْ مُسْتَقِرًّا ثَابِتًا تَغْمَسُ زَخْرَفَتَها بِتَناصٍ مَا . . بِقَدْرِ مَا تَبْدُو هَذِهِ الكَلِماتُ كَائِنَاتٍ طافِحَةً بِالْحَيَاةِ تُخْبِرُ عَنْ نَفْسِها بَعِيدًا عَنْ كُلِّ مَا هوَ مُثْقَلٌ بِالْعَادَةِ لَا تَبْتَغِي أَنْ تَكونَ وَسيلَةً لِتَمْلِكَ شَيْءٍ - كَائِنًا مِنْ كَانَ هَذَا الشَّيْءُ . فَهِيَ مُرْتَبِطَةٌ بِنَوْعٍ مِنْ مَبْدَأِ عَدَمِ التَّحْدِيدِ كَبِنْيَةٍ مُمْكِنَةٍ لِلذَّاتِ والشِّعْرِ فِي آنٍ
أَسْمَهانُ بِديرٍ شاعِرَةٍ تَنَحَّتْ فَضاءَها الشِّعْريَّ بِتَأَنَّ وَرَصانَةٍ فائِقينَ قَصيدَتُها هِيَ تَجْسيدُ بَليغٍ لِحَيَويَّةِ قَصيدَةِ الشِّعْرِ الحُرِّ . . قَصيدَةٌ بَسيطَةٌ كَسَنابِلِ القَمْحِ لَيْسَتْ بِحَاجَةٍ لِقِراءَةٍ حادِقَةٍ حَتَّى تَتَفَجَّرَ دَواخِلُها أَمامَكَ . . بَيْضاءُ كَأَوَّلِ النَّهارِ . وَمُثْمِرَةً كَحَبٍّ تُحَقِّقُ وَقْتَهُ
النَّصُّ
رَسَمتُكَ عَلَى الوَرَقِ
أَحْلُمُ هَذِهِ اللَّحْظَةَ بِذَوَبانِ الأَثِيرِ
أَحْلُمُ بِالْمَطَرِ الغَزِيرِ
اَلَّذِي لَمْ يَهْطَلْ بَعْدُ . .
أَنَّى لِي ،
أَنْ أَنْشَدَ الهَرَبَ
حَيْثُ تَكْتَمِلُ الَانُ
دَوْرَةُ أَيّامِي الغَابِرَةِ
والْبَحْرُ عَلاماتُ اسْتِفْهامٍ غامِضَةٌ
لَا تَبَيَّنَ مَعارِكُ أَعْمَاقِهِ
وَكَذَلِكَ القَلْبِ . .
فِي شَفافيَّةِ الكِتابَةِ
تَتَسَاقَطُ حَبّاتُ مَطَرٍ
بَلَى ، وَأَكْتُبُ
وَتَقْرَأُ . .
هَذَا الكَوْنُ الشِّعْريُّ السّاحِرُ
وَاَلْسّاطِعُ العَذابُ
كَيْفَ أَنْجَحُ فِي رَسْمِكَ عَلَى الوَرَقِ
وَكَيْفَ اسْتَطَعُتْ أَنْ تَسْكُنَ كُلُّ هَذِهِ
المُحِيطَاتُ . .
وَحْدَكَ أَنْتَ فِي القَلْبِ
تُشْرِقُ
وَفِي اللَّيْلِ تَجيءُ
لَكِنَّنَا نَظَلُّ بَعِيدِينَ
وَتَكَبَّرَ المَسافَةُ . .
وَحَيْثُ أَهَمُّ بِالدُّخُولِ
مُتَوَهِّجَةٌ بِحُزْنِي
فِيمَا تَتَصاعَدُ أَصْواتُ سُقوطِ المَطَرِ
وَكَأَنَّهُ الجَوابُ الوَحيدُ لِأَحْلامِي المُتَواصِلَةِ . .
وَتَطيرُ الكَلِماتُ إِلَيَّ
إِلَى قَلْبِي . .
خَفيفَةٌ واهِنَةٌ
وَيَضِجُّ القَلْبُ بِاَلْتَساؤُلاتِ
وَأَعْرِفُ أَنَّنِي أَمْلِكُ كُلَّ هَذِهِ
الحُقُولُ
أَعْرِفُ أَنَّنِي وَصِلَتَها
وَلَمْ أَصْلٍ ! !
أَقولُ لِلْبَحْرِ
لِلرِّيحِ لِلْعَاصِفَةِ
عِنْدِي مِنْ مُخْفَضَاتِ الصَّدْرِ
مَا يَكْفِي لِكُلِّ نَصِلٍ وَهاويَةٍ
عِنْدِي لِغَدَرِ الأَيّامِ
أُغْنيَةٌ وَقافيَةٌ . .
أَيْ رَغَباتٍ قَادَتْنِي إِلَيْكَ
وَلِمَاذَا لَا تَرْقُ العاصِفَةُ
لِمَاذَا . .
وَلِمَاذَا ؟
كَيْفَ يَغْدو القَلْبُ مَنْفًى ؟
وَكَيْفَ أَحْتَمِلُ ذَلِكَ
وَكَيْفَ ؟
وَاَلْغَيْمُ فِي فَضاءِ القَلَقِ أَميرٌ
وَمَا أَنَا بِطِفْلَةٍ
وَلَكِنَّ الصَّقيعَ يَمَلُؤُنِي )
* * * * * * *
السيرة الذاتية
شاعرة وكاتبة لبنانية مقيمة في باريس منذ العام 1976. درست في جامعة القديس يوسف في بيروت وتخرجت من جامعة السوربون حيث نالت درجة دكتوراه دولة في الفلسفة والعلوم الاجتماعية ، عملت في التدريس الثانوي والجامعي رئيسة تحرير مجلة باري جتام انترناسيونال ، مجلة تصدر باللغتين العربية والفرنسية وصاحبة ومديرة دار المتنبي للنشر في باريس عملت على ان تكون اللغة العربية كلغة أولى في البكالوريا الفرنسية ونجحت أسست في باريس ثانوية بيروت العربية ، ناشطة اجتماعية ، وحقوق الانسان ، أسست عدة جمعيات في لبنان وفرنسا ، رئيسة الاتحاد النسائي العربي في فرنسا ، ونائبة رئيسة المرأة المهاجرة في أوروبا ومقرها السويد ، عضوة في اتحاد الكتاب اللبنانيين وهي عضوة متميزة في اتحاد الكتاب في فرنسا- عضوة في بيت الشعر العربي- معروفة في فرنسا من الجالية العربية بأنها محامية المرأة العربية في أوروبا . لديها 22 مؤلف ، ما بين دواووين شعرية ودراسات أدبية وترجمات ، منها ( مازال عالقًا ، المحارة ، تقاسيم على الجرح ، في البدء كانت الأنثى( الخ قامت بترجمة بعض دواووين كبار الشعراء مثل محمد الفيتوري نزار قباني ، البياتي وغيرهما تكتب الشعر بكل أنواعه، وتهتم بكتابة القصيدة الملتزمة بالوزن ، شعرها يشبه السهل الممتنع ، سهلة المعاني ، مزجت بين الوطنية والغزل والمشاعر الانسانية الراقية ، ، تعبر عن افكارها بعمق ورقي ووجدان دافق متزوجة من الروائي الراحل جواد الصيداوي ولها أربعة اولاد حيان ، جنان ، سمر ، وسوسن
******
أياد النصيري- قراءة في نص الشاعرة الدكتورة أسمهان بدير
رسمتك على الورق 2-9-2021
14 فبراير 2022 ·
أَسْمَهانُ بِديرِ جَماليَّةَ اللُّغَةِ والصّورَةِ الشِّعْريَّةِ
فِي قَصيدَةٍ ( ( رَسَمتُكَ عَلَى الوَرَقِ ) )
أَيَادُ النَصيري - العِراقُ - 2 - 9 - 2021
* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
كُلَّمَا تَمَرَّدَتْ وَجاهَرَتْ بَحِبِّها تُهاجِمُ حَالَاتِ الحَياةِ وَتَقَلُّباتِها المُتَناقِضَةِ وَكُلَّمَا اسْتَقَرَّتْ فِي ذِهْنِها حالَةُ العِشْقِ وَاَلْهَذَيانُ نَجِدُهَا تُكْتَبُ بِوَاقِعِيَّةٍ وَبِمَواضيعَ جَديدَةٍ تُطِلُّ بِهَا عَلَيْنَا بَيْنَ الحِينِ والْحينِ - - نَسْتَذوقُ حَرَفَها وَتُحَلِّقُ فِينَا نَحْوَ فَضاءٍ مَفْتوحٍ - - تُكْتَبُ بِمَا تَجودُ بِهَا رُوحُهَا بِكُلِّ صَدَقٍ - بِلَا مُجامَلَةٍ - بِدُونِ تَّزْويقٍ
انَّها الشّاعِرَةُ الدُّكْتورَةُ أَسْمَهانُ بِديرٍ
اَلَّتِي تَعْرِفُ كَيْفَ تُسْتَعْمَلُ أَدَواتُها اللُّغَويَّةُ وَكَيْفَ تَرْسُمُ لَنَا قَصائِدَها الشِّعْريَّةُ بَيْنَ اَلتَّكْثيفِ وَاَلْتَلْطيفِ بُنْيانٍ سَمْفُونِي يَتَماوَجُ كَصَهيلِ الأَلَمِ عَلَى حَفافي الرّوحِ . تُلَامِسُ عُمْقَ الجِذْرِ الإِنْسانيِّ لِلْوَاقِعِ بِتَخْييلِ اسْتِعاريٍّ وَتَصْويرٍ بَلاغي بالِغِ الثَّراءِ الحِسّيِّ وَصوَرٍ شِعْريَّةٍ طازَجَةٍ تَأْخُذُكَ مِنْ المَأْلوفِ اليَقينيِّ إِلَى مُجْتَرَحٍ صادِمٍ فِي نَبْرَةٍ كَافْكَاوِيَّةٍ يَتَلَفَّعُ فِيهَا الواقِعُ بِاَلْعَتَمَةِ حَيْثُ اللَّامَعْنَى كَامِنٌ فِي المَعْنَى فَاَلْذاتُ تَبْدُو عَلَى شَفِيرِ العَدَمِ وَاقِعًا وَشَفا المُخَيِّلَةِ إِبْدَاعًا تِدْمِنَ الْإِنْتِظَارَ سُكونًا فِي عُمْقِ الأَشْياءِ والْأَحْلامِ يَنْحَرُها الواقِعُ والْحُبُّ لَايْشْفَى وَلَهُ الرّوحُ وَلَايِرْتِقُ الجَرّاحُ اَنْهُ الوُجودُ بَهْجَةً مُلْتَبِسَةً بِالضَّيَاعِ وَتَرَدُّدِ يَرَجِ الخُطَى . قَصيدَةٌ ( رَسِمتُكَ عَلَى الوَرَقِ ) هوَ نَصٌّ شَعْريٌّ مَكْتوبٌ بِمِشْرَطٍ فَجَاءَ مَفْتُوحًا كَالرُّوحِ
( رَسَمتُكَ عَلَى الوَرَقِ
أَحْلُمُ هَذِهِ اللَّحْظَةَ بِذَوَبانِ الأَثِيرِ
أَحْلُمُ بِالْمَطَرِ الغَزِيرِ
اَلَّذِي لَمْ يَهْطَلْ بَعْدُ )
إِذَنْ هَذِهِ هِيَ رَعَشاتُ اللَّاوَعْيِ اَلَّتِي تُنْطَقُ شِعْرًا لِتُعانِقَ حُلْمًا آتِيًا الَّى الوَعْيِ أَيْ أَنَّ القَصيدَةَ تُضِيءُ فِي فِكْرِ الشّاعِرَةِ وَتَنْصَهِرُ فِي قَلْبِها قَبْلَ اَنْ تُصْبِحُ حُروفًا مِسْطَرَةً عَلَى الوَرَقِ
هَذَا وَجَدْتُهُ فِي روحيَّةِ نُصوصِ أَسْمَهانَ بِديرٍ لِأَنِّي دَرَسَتُهَا دِراسَةٌ بَريئَةٌ وَمُعَمَّقَةٌ بَعِيدًا عَنْ الحَسَدِ والضَّغينَةِ والْغَيْرَةِ الغَيْرِ إِبْداعيَّةً والْقِراءَةُ السَّطْحيَّةُ اَلَّتِي لَاتَجْدِي نَفْعًا شَعَرُتْ حِينَذَاكَ أَنَّ هَذِهِ الشّاعِرَةَ المُلْتَهِبَةَ والمَهوَسَةَ بِعِشْقِ الشِّعْرِ تَسْعَى لِتُحَقِّقَ نِتَاجًا إِبْدَاعِيًّا مُتَمَيِّزًا وَهَذَا مِنْ حَقِّها قِطَعًا مِنْ خِلالِ تَوَهُّجِها الشِّعْريِّ المُتَصاعِدِ وَصَبْرِها بِوَجْهٍ مِنْ كُلِّ مِنْ يَحْمِلُ الفَأْسَ لِيُهَشِّمَ رُوحَهَا الغارِقَةَ فِي الشَّعْرِ دُونَ رَحْمَةٍ
( أَنَّى لِي
أَنْ أَنْشَدَ الهَرَبَ
حَيْثُ تَكْتَمِلُ الَانُ
دَوْرَةُ أَيّامِي الغَابِرَةِ
والْبَحْرُ عَلاماتُ اسْتِفْهامٍ غامِضَةٌ
لَا تَبَيَّنَ مَعارِكُ أَعْمَاقِهِ )
تَواصُلُ الشّاعِرَةُ جُرْأَةَ بَوْحِها المُتَدَفِّقُ بِمَرارَةِ الواقِعِ الثَّقيلِ اَلَّذِي ضَغْطَ عَلَى حَياتِها رُبَّمَا لِسَنَوَاتٍ طَويلَةٍ وَحِرْمانِها مِنْ امْنِيَاتٍ مَازَالَتْ شّاخِصَةً فِي مُخَيِّلَتِها
قَصائِدُ الشّاعِرَةِ المُبْدِعَةُ أَسْمَهانُ بِديرٍ اَلَّتِي أَعْتَقِدُ أَنَّهَا شاعِرَةٌ مُهِمَّةٌ وَتُكْتَبُ القَصيدَةَ الحَديثَةَ بِطِرازٍ خاصٍّ طَالَمَا أَنَّ القَصيدَةَ الحَديثَةَ مَشْروعٌ قائِمٌ وَقادِمٌ مَهْما حَاوَلْنَا تَجاهُلَها أَوْ وَصَفَها
تَجْعَلُ المَشاعِرُ الحِسِّيَّةُ تَنْبِضُ وَتَتَحَرَّكُ بِاَلْنَطَقِ فِي مُجَسَّدَاتِهَا الصَّوْتيَّةِ بِالتَّصْوِيرِ والْوَصْفِ فِي بَراعَةِ الحِسِّ الجَماليِّ الفَنّيِّ لِلتَّعَابِيرِ الشِّعْريَّةِ والْفِكْريَّةِ اَلَّتِي تَعْتَمِدُ عَلَى خَلْفيَّةٍ واسِعَةٍ مِنْ المَعَارِفِ الواسِعَةِ اَلَّتِي تَخْزُنُهَا الذّاكِرَةُ العَقْليَّةُ والثَّقافيَّةُ
( وَكَذَلِكَ القَلْبُ
فِي شَفافيَّةِ الكِتابَةِ
تَتَسَاقَطُ حَبّاتُ مَطَرٍ
بَلَى ، وَأَكْتُبُ
وَتَقْرَأُ . .
هَذَا الكَوْنُ الشِّعْريُّ السّاحِرُ
وَاَلْسّاطِعُ العَذابُ
كَيْفَ أَنْجَحُ فِي رَسْمِكَ عَلَى الوَرَقِ
وَكَيْفَ اسْتَطَعُتْ أَنْ تَسْكُنَ كُلُّ هَذِهِ
المُحِيطَاتُ )
انَّها تَخْلُقُ المُناخَ المُناسِبَ بِكُلِّ تَضاريسِهِ فِي اسْتِنْباطِ الهَواجِسِ والْهُمومِ وَتَسْكُبَها بِحُروفٍ شِعْريَّةٍ . تُطْلِقُ فِيهَا عَنانْ بَواعِثِ الشَّجَنِ وَاَلْأَشْجانِ المَشْحونَةِ فِي هُمومِ الرّوحِ وَخَلَجاتِها وَتُطْلِقُها دُونَ عَوائِقَ وَحَواجِزَ بَلْ انَّها تُسْتَخْدَمُ حُرّيَّةً لِلْخَيَالِ الشِّعْريِّ أَنْ يَخْلُقَ وَيَصوغَ الرُّؤَى الشِّعْريَّةَ والْمَضامينَ اَلْفِكْريَّةَ اَلَّتِي لَهَا صَدًى وَرَنينٌ فِي رُؤْيَتِها بَيْنَ الواقِعِ والتَّناعُمِ بِالْحِلْمِ والْأَمَلِ والْحُبِّ
( وَحْدَكَ أَنْتَ فِي القَلْبِ
تُشْرِقُ
وَفِي اللَّيْلِ تَجيءُ
لَكِنَّنَا نَظَلُّ بَعِيدِينَ
وَتَكَبَّرَ المَسافَةُ . .
وَحَيْثُ أَهَمُّ بِالدُّخُولِ
مُتَوَهِّجَةٌ بِحُزْنِي
فِيمَا تَتَصاعَدُ أَصْواتُ سُقوطِ المَطَرِ
وَكَأَنَّهُ الجَوابُ الوَحيدُ لِأَحْلامِي المُتَواصِلَةِ . .
وَتَطيرُ الكَلِماتُ إِلَيَّ
إِلَى قَلْبِي . .
خَفيفَةٌ واهِنَةٌ )
إِنَّ خاصّيَّةَ التَّفاعُلِ - فِي قَصائِدِ أَسْمَهانَ بِديرٍ - خاصّيَّةٌ بُؤْرِيَّةٌ مَرْكَزيَّةٌ تَسْتَقْطِبُ إِلَيْهَا المُؤَثِّراتُ الأُخْرَى بِوَصْفِهَا الطَّاقَةَ الدّيناميَّةَ اَلَّتِي تُحَرِّكُ عَجَلَةَ النَّصِّ بِاتِّجاهاتٍ مُحَدَّدَةٍ وَبِنُظُمِ عَلائِقيَّةٍ فاعِلَةٍ وَهَذِهِ الخاصّيَّةُ لَا نُبالِغُ إِذَا قُلْنَا فِيهَا لَقَدْ أَمَدَّتْ قَصائِدُها بِفَيْضٍ هائِلٍ مِنْ الإِيحَاءَاتِ والدَّلالاتِ والتَّأْويلاتِ المُنْفَتِحَةِ لِتُؤَكِّدَ قَصائِدَها – بِشَكْلٍ عامٍّ - فِعْلَ غِوايَتَها البَليغُ وَمَنْظوراتِها الإِبْداعيَّةَ المُرَكَّزَةَ مِنْ حَيْثُ الْقُوَةِوَالْفَاعْلِيَّةْوَالْغَلْبَةُ الْإِيحَائِيَّةُ الأَمْرُ اَلَّذِي يَجْعَلُها مَحَطَّ تَطَوُّرٍ وَتَنامٍ وابْتِكارٍ فِي فَيْضِها الرُّؤْيوِيِّ وَإِغْواءِها الجَماليِّ اَلْآسِرِ
( وَيَضِجُّ القَلْبُ بِاَلْتَساؤُلاتِ
وَأَعْرِفُ أَنَّنِي أَمْلِكُ كُلَّ هَذِهِ
الحُقُولُ
أَعْرِفُ أَنَّنِي وَصِلَتَها
وَلَمْ أَصْلٍ ! !
أَقولُ لِلْبَحْرِ
لِلرِّيحِ لِلْعَاصِفَةِ
عِنْدِي مِنْ مُخْفَضَاتِ الصَّدْرِ
مَا يَكْفِي لِكُلِّ نَصِلٍ وَهاويَةٍ
عِنْدِي لِغَدَرِ الأَيّامِ
أُغْنيَةٌ وَقافيَةٌ )
عِنْدَمَا يَكونُ النَّصُّ مُتَكامِلٌ وَمُتَماسِكٌ فِي فِكْرَتِهِ وَالْإِسْلُوبِ . . يَكُونُ هوَ النَّصُّ اَلَّذِي يوَلِّدُ الْإِنْفِعَالَ الخاصَّ بَيْنَ مَاهُو حِسّيٍّ . . وَمَا هوَ عاطِفيٌّ . . انْهُ الْإِنْبِهَارُ والدَّهْشَةُ الخَلْوَةُ الرّوحيَّةُ والنَّفْسيَّةُ وَاَلْمِزاجيَّةُ فِي الْإِنْدِمَاجِ الكُلّيِّ فِي الخَيالِ الشِّعْريِّ لِتَخْلُقَ وَتَصوغُ مُكَوِّناتِ القَصيدَةِ بِكُلِّ تَفاعُلٍ مُتَناسِقٍ وَمُتَجانِسٍ
فَقَدْ إِنْتَهَجَتْ الشّاعِرَةُ إِسْلُوبَ المُحاكاةِ الذّاتَ وَمُحاوَرَتَها بِتَوْظِيفِ اللُّغَةِ المُرَكَّبَةِ لُغَةً داخِلَ لُغَةٍ أَوْ صَوْتٍ داخِلَ صَوْتِ هَذَا الانْسِراحِ فِي صَميمِ الشَّوْقِ ليُحَلِّقَ الفَضَاءَاتِ بِكُلِّ إِشْتِهَاءٍ وَتَفاعُلٍ لِيُعِيدَ بِناءَ تَكْوينِ نَبَضاتِ القَلْبِ مِنْ جَديدٍ بِمَا تَشْتَهِي الرّوحُ والْوِجْدانُ
( أَيْ رَغَباتٍ قَادَتْنِي إِلَيْكَ
وَلِمَاذَا لَا تَرْقُ العاصِفَةُ
لِمَاذَا . .
وَلِمَاذَا ؟
كَيْفَ يَغْدو القَلْبُ مَنْفًى ؟
وَكَيْفَ أَحْتَمِلُ ذَلِكَ
وَكَيْفَ ؟
وَاَلْغَيْمُ فِي فَضاءِ القَلَقِ أَميرٌ
وَمَا أَنَا بِطِفْلَةٍ
وَلَكِنَّ الصَّقيعَ يَمَلُؤُنِي )
مَا يَشُدني فِي الحَديثِ عَنْ لُغَةِ الشّاعِرَةِ هِيَ تِلْكَ القُدْرَةُ الرّائِعَةُ عَلَى الذَّهابِ بِالصُّورَةِ الشِّعْريَّةِ إِلَى أَقْصَى طاقَتِها التَّعْبيريَّةِ وَهِيَ صورَةٌ تَخْتَطُ عَنْ حَدْسِ شاعِرِها لَا فِكْرَتَهُ وَهُنَا بِصَمْتَها اَلَّتِي تَدُلُّ عَلَيْهَا وَهِيَ بَصْمَةٌ لَا تَحَيَّلُ عَلَى رَهْبَنيَّةٍ مَا بَلْ عَلَى البَحْثِ الدّائِمِ وَاَلْصَقْلِ المُبَرِّحِ لِلْإِسْلُوبِ المُتَمَيِّزِ اَلَّذِي تَشْتَغِلُ عَلَيْهُ . كَلِماتُ هَذِهِ الصّورَةِ الشِّعْريَّةِ لَيْسَتْ مُسْتَقِرًّا ثَابِتًا تَغْمَسُ زَخْرَفَتَها بِتَناصٍ مَا . . بِقَدْرِ مَا تَبْدُو هَذِهِ الكَلِماتُ كَائِنَاتٍ طافِحَةً بِالْحَيَاةِ تُخْبِرُ عَنْ نَفْسِها بَعِيدًا عَنْ كُلِّ مَا هوَ مُثْقَلٌ بِالْعَادَةِ لَا تَبْتَغِي أَنْ تَكونَ وَسيلَةً لِتَمْلِكَ شَيْءٍ - كَائِنًا مِنْ كَانَ هَذَا الشَّيْءُ . فَهِيَ مُرْتَبِطَةٌ بِنَوْعٍ مِنْ مَبْدَأِ عَدَمِ التَّحْدِيدِ كَبِنْيَةٍ مُمْكِنَةٍ لِلذَّاتِ والشِّعْرِ فِي آنٍ
أَسْمَهانُ بِديرٍ شاعِرَةٍ تَنَحَّتْ فَضاءَها الشِّعْريَّ بِتَأَنَّ وَرَصانَةٍ فائِقينَ قَصيدَتُها هِيَ تَجْسيدُ بَليغٍ لِحَيَويَّةِ قَصيدَةِ الشِّعْرِ الحُرِّ . . قَصيدَةٌ بَسيطَةٌ كَسَنابِلِ القَمْحِ لَيْسَتْ بِحَاجَةٍ لِقِراءَةٍ حادِقَةٍ حَتَّى تَتَفَجَّرَ دَواخِلُها أَمامَكَ . . بَيْضاءُ كَأَوَّلِ النَّهارِ . وَمُثْمِرَةً كَحَبٍّ تُحَقِّقُ وَقْتَهُ
النَّصُّ
رَسَمتُكَ عَلَى الوَرَقِ
أَحْلُمُ هَذِهِ اللَّحْظَةَ بِذَوَبانِ الأَثِيرِ
أَحْلُمُ بِالْمَطَرِ الغَزِيرِ
اَلَّذِي لَمْ يَهْطَلْ بَعْدُ . .
أَنَّى لِي ،
أَنْ أَنْشَدَ الهَرَبَ
حَيْثُ تَكْتَمِلُ الَانُ
دَوْرَةُ أَيّامِي الغَابِرَةِ
والْبَحْرُ عَلاماتُ اسْتِفْهامٍ غامِضَةٌ
لَا تَبَيَّنَ مَعارِكُ أَعْمَاقِهِ
وَكَذَلِكَ القَلْبِ . .
فِي شَفافيَّةِ الكِتابَةِ
تَتَسَاقَطُ حَبّاتُ مَطَرٍ
بَلَى ، وَأَكْتُبُ
وَتَقْرَأُ . .
هَذَا الكَوْنُ الشِّعْريُّ السّاحِرُ
وَاَلْسّاطِعُ العَذابُ
كَيْفَ أَنْجَحُ فِي رَسْمِكَ عَلَى الوَرَقِ
وَكَيْفَ اسْتَطَعُتْ أَنْ تَسْكُنَ كُلُّ هَذِهِ
المُحِيطَاتُ . .
وَحْدَكَ أَنْتَ فِي القَلْبِ
تُشْرِقُ
وَفِي اللَّيْلِ تَجيءُ
لَكِنَّنَا نَظَلُّ بَعِيدِينَ
وَتَكَبَّرَ المَسافَةُ . .
وَحَيْثُ أَهَمُّ بِالدُّخُولِ
مُتَوَهِّجَةٌ بِحُزْنِي
فِيمَا تَتَصاعَدُ أَصْواتُ سُقوطِ المَطَرِ
وَكَأَنَّهُ الجَوابُ الوَحيدُ لِأَحْلامِي المُتَواصِلَةِ . .
وَتَطيرُ الكَلِماتُ إِلَيَّ
إِلَى قَلْبِي . .
خَفيفَةٌ واهِنَةٌ
وَيَضِجُّ القَلْبُ بِاَلْتَساؤُلاتِ
وَأَعْرِفُ أَنَّنِي أَمْلِكُ كُلَّ هَذِهِ
الحُقُولُ
أَعْرِفُ أَنَّنِي وَصِلَتَها
وَلَمْ أَصْلٍ ! !
أَقولُ لِلْبَحْرِ
لِلرِّيحِ لِلْعَاصِفَةِ
عِنْدِي مِنْ مُخْفَضَاتِ الصَّدْرِ
مَا يَكْفِي لِكُلِّ نَصِلٍ وَهاويَةٍ
عِنْدِي لِغَدَرِ الأَيّامِ
أُغْنيَةٌ وَقافيَةٌ . .
أَيْ رَغَباتٍ قَادَتْنِي إِلَيْكَ
وَلِمَاذَا لَا تَرْقُ العاصِفَةُ
لِمَاذَا . .
وَلِمَاذَا ؟
كَيْفَ يَغْدو القَلْبُ مَنْفًى ؟
وَكَيْفَ أَحْتَمِلُ ذَلِكَ
وَكَيْفَ ؟
وَاَلْغَيْمُ فِي فَضاءِ القَلَقِ أَميرٌ
وَمَا أَنَا بِطِفْلَةٍ
وَلَكِنَّ الصَّقيعَ يَمَلُؤُنِي )
* * * * * * *
السيرة الذاتية
شاعرة وكاتبة لبنانية مقيمة في باريس منذ العام 1976. درست في جامعة القديس يوسف في بيروت وتخرجت من جامعة السوربون حيث نالت درجة دكتوراه دولة في الفلسفة والعلوم الاجتماعية ، عملت في التدريس الثانوي والجامعي رئيسة تحرير مجلة باري جتام انترناسيونال ، مجلة تصدر باللغتين العربية والفرنسية وصاحبة ومديرة دار المتنبي للنشر في باريس عملت على ان تكون اللغة العربية كلغة أولى في البكالوريا الفرنسية ونجحت أسست في باريس ثانوية بيروت العربية ، ناشطة اجتماعية ، وحقوق الانسان ، أسست عدة جمعيات في لبنان وفرنسا ، رئيسة الاتحاد النسائي العربي في فرنسا ، ونائبة رئيسة المرأة المهاجرة في أوروبا ومقرها السويد ، عضوة في اتحاد الكتاب اللبنانيين وهي عضوة متميزة في اتحاد الكتاب في فرنسا- عضوة في بيت الشعر العربي- معروفة في فرنسا من الجالية العربية بأنها محامية المرأة العربية في أوروبا . لديها 22 مؤلف ، ما بين دواووين شعرية ودراسات أدبية وترجمات ، منها ( مازال عالقًا ، المحارة ، تقاسيم على الجرح ، في البدء كانت الأنثى( الخ قامت بترجمة بعض دواووين كبار الشعراء مثل محمد الفيتوري نزار قباني ، البياتي وغيرهما تكتب الشعر بكل أنواعه، وتهتم بكتابة القصيدة الملتزمة بالوزن ، شعرها يشبه السهل الممتنع ، سهلة المعاني ، مزجت بين الوطنية والغزل والمشاعر الانسانية الراقية ، ، تعبر عن افكارها بعمق ورقي ووجدان دافق متزوجة من الروائي الراحل جواد الصيداوي ولها أربعة اولاد حيان ، جنان ، سمر ، وسوسن
******
أياد النصيري- قراءة في نص الشاعرة الدكتورة أسمهان بدير
رسمتك على الورق 2-9-2021