قراءة في كتاب-- محمود كعوش كاتب عربي مقيم بالدانمارك كوبنهاجن
قراءة في كتاب:
التحالف ضد بابل...الولايات المتحدة و"إسرائيل" والعراق !!
محمود كعوش
بينما كنت أقلب في محتويات مكتبتي ليلة أمس، وقعت عيناي على كتاب هام صدر قبل بضعة أعوام فأعدت قراءته مجدداً لأنعش ذاكرتي. والكتاب الذي قصدت هذه المرة هو للكاتب جون كولي وقام بترجمته للعربية في القاهرة الأستاذ ناصر عفيفي وحمل عنوان "التحالف ضد بابل...الولايات المتحدة و"إسرائيل" والعراق". والكتاب يقع في 355 صفحة من الحجم الكبير.
رأى جون كولي في كتابه هذا أن الأصوليين اليهود لا يختلفون في توجهاتهم عن بعض المسيحيين المتطرفين الذين يدورون في فلك الصهيونية العالمية، مُذكراً بالحماسة التي أبدتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق الأرعن جورج بوش لجنرالات 'إسرائيل' والمتطرفين فيها، ومشيراً إلى إن بلاد ما بين النهرين تظهر في قصص التوراة مثيرة للدهشة والاستغراب!!
وجون كولي هو صحفي أميركي بارز عمل مراسلا لصحف أمريكية عديدة إضافة إلى عمله في شبكة إيه بي سي نيوز وله كتب منها حروب أمريكا الطويلة في الشرق الأوسط والحروب غير المقدسة.. أفغانستان أمريكا والإرهاب الدولي والمخابرات الأمريكية والجهاد.. تحالف مشئوم ضد الاتحاد السوفيتي ومارس الأخضر وأيلول الأسود قصة الفلسطينيين العرب عن محنة الفلسطينيين الذين لجأوا إلى العنف باعتباره سلاح الضعيف.
تساءل الناشر عادل المعلم في مقدمة الكتاب حول ما إذا كان بالإمكان فهم الصراع في الشرق الأوسط دون العودة إلى قصة بابل القديمة !!وأشار إلى ضرورة قراءة الأحداث الجارية في ضوء خلفيات تاريخية منها الاستعمار الأوروبي للعالم العربي في القرن التاسع عشر والحروب الصليبية على الشرق قبل نحو تسعة قرون والتي تأسست على خلفية خطبة شهيرة للبابا أوربان الثاني بفرنسا عام 1095 اعتبر فيها المسلمين الجنس الكافر المحتقر عن حق المجرد من القيم الإنسانية وعبد الشيطان، كما دعا لاسترداد الأرض المقدسة في فلسطين، وحاولت الجيوش الغربية تنفيذ هذا الحلم عبر حملات استمرت من ذلك التاريخ حتى عام 1293.
أما جون كولي فقد وصف الاحتلال الأمريكي للعراق بأنه كان مغامرة سيئة الإعداد برغم سهولة الغزو لأنه شهد كثيرا من المآسي، أكان منها التي أصابت الشعب العراقي أو تلك التي نزلت بضباط وجنود الجيش الأميركي. وقال إن ادعاء اليمين الحاكم في واشنطن أنه المدافع الأول عن حقوق الإنسان في العالم «لطخته الفضيحة المدوية والمصورة للإساءة والتعذيب وحتى القتل للسجناء العراقيين المحتجزين بواسطة القوات الأمريكية في العراق.
وأضاف أن الربط بين العراق في عهد رئيسه الراحل صدام حسين وتنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن كان يهدف إلى التضليل المتعمد للرأي العام الأمريكي، مشيرا إلى أن بوش اتخذ قرار الحرب قبل هجمات 11 سبتمبر .2001
وكما هو معروف فإن أمريكا قد قادت عقب هجمات سبتمبر حربا أسقطت نظام طالبان الذي كان يستضيف تنظيم القاعدة في أفغانستان.كما احتلت العراق وأنهت حكم صدام في التاسع من أبريل 2003 بعد حرب دامت نحو ثلاثة أسابيع تحت ذرائع ثبت عدم صدقها أبرزها حيازة العراق أسلحة الدمار الشامل.
وسخر المؤلف في كتاب التحالف ضد بابل...الولايات المتحدة و"إسرائيل" والعراق من إصرار حكومتي بوش ورئيس الوزراء البريطاني في حينه توني بلير على إطلاق صفة التحالف على الاحتلال العسكري للعراق.
وقال عالم الاجتماع الأمريكي وليام بولك في تقديم الكتاب إن المؤلف كولي كان دائما في موقع الحدث واصفا بحوثه بالحياد والنزاهة والاقتحام على مدى أكثر من أربعين عاما في الشرق الأوسط تفرد خلالها بتناول عدد من القضايا منذ كتابه الأول البعل والمسيح ومحمد.. الدين والثورة في شمال أفريقيا.
وعمل بولك مستشارا للرئيسين جون كنيدي وليندون جونسون كما قام بتدريس التاريخ العربي وشؤون الشرق الأوسط في جامعتي هارفارد وشيكاغو التي أسس بها مركز دراسات الشرق الأوسط وأصدر كتاب فهم العراق عام .2005
وأشار بولك إلى زمالته لكولي في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية بين عامي 1964 و1965 بعد جولة لكولي في شمال أفريقيا حيث وضع كتابه الأول عن أسباب فشل المسيحية هناك واستبدالها بالإسلام لان المسيحية تم ربطها دائما بالاستعمار الأوروبي مضيفا أن كتاب كولي تحليل للأحداث المأساوية والخلفية التاريخية للحرب على العراق.هو [الكتاب] أخر غزواته لحقل الألغام السيكولوجي والسياسي للشرق الأوسط وهناك الكثير الواجب تعلمه من هذا الكتاب.
وتناول مؤلف الكتاب قصة السبي البابلي لليهود في القرن السادس قبل الميلاد على يد الملك نبوخذ نصر الثاني «بختنصر» الذي حكم البلاد بين عامي 604 و562 قبل الميلاد مشيرا إلى أن صدام أمر بإعادة بناء قصر نبوخذ نصر في بابل كرمز للانا المتضخمة بعد مضي نحو 80 عاما على تصوير فيلم لا تسامح الذي أخرجه عام 1916 الأمريكي دافيد وارك جريفيث وصور فيه بابل على أنها تجسيد لكل الشرور في العقل الأمريكي.
وقال كولي إن مؤرخي الكتاب المقدس والمؤرخين العلمانيين قدموا الوقود الذي جعل من العراق بقعة لصناعة الشر بالاستناد إلى رؤية العهد القديم لبابل كمركز للفساد والظلام.
واستشهد بوصف باحث ألماني لبابل بأنها دولة معادية لله وأنها ذات سمعة سيئة بين اليهود كما يعتبرها كثير من المسيحيين أم كل البغايا والآثام.
وفي تقديره أن كل أمريكي يحارب في العراق منذ عام 2003 يقابله مسيحي أو أكثر من الموالين للصهيونية.
ويرى أن من يحاول فهم الشرق الأوسط يرتكب خطأ فادحا إذا تجاهل هذه القصص الغابرة التي قال إن فيها أسبابا تدعو إلى وجود أشد أنصار'إسرائيل'تعصبا في الولايات المتحدة بمن فيهم أقرب مستشاري جورج بوش وهم حلفاء متحمسون لساسة وجنرالات'إسرائيل'اليمينيين اليوم... ينطلقون من أعماق قصص التوراة والتاريخ والأساطير وخاصة دراما الإسرائيليات القديمة.وقال كولي إن 'إسرائيل'دائما ترى أن العراق عدو استراتيجي.
وأضاف أن الحرب التي قادتها أمريكا حققت بعض أهدافها العسكرية الخالصة بتدمير البنية التحتية لدولة صدام لكنها فشلت في استعادة الدولة أو توفير حياة كريمة للمواطنين كما حققت هدف'إسرائيل' الأثير وهو تدمير القوات المسلحة العراقية بلا خسائر إسرائيلية.
وأشار إلى أن بوش الابن بعد أن أصبح رئيسا في يناير 2001 سعى مع مستشاريه نحو حملتهم الصليبية للإطاحة بصدام وإن كانت 'إسرائيل' خلال الحرب تقدم برامج تدريب نظرية وميدانية للقوات الخاصة الأمريكية عن الأساليب الوحشية التي تستخدمها لقمع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وإلى لقاء يتجدد مع كتاب آخر لقي ضجة في الأوساط العربية والعالمية عند نشره !!
محمود كعوش
كاتب عربي مقيم بالدانمارك
كوبنهاجن
kawashmahmoud@yahoo.co.uk
التحالف ضد بابل...الولايات المتحدة و"إسرائيل" والعراق !!
محمود كعوش
بينما كنت أقلب في محتويات مكتبتي ليلة أمس، وقعت عيناي على كتاب هام صدر قبل بضعة أعوام فأعدت قراءته مجدداً لأنعش ذاكرتي. والكتاب الذي قصدت هذه المرة هو للكاتب جون كولي وقام بترجمته للعربية في القاهرة الأستاذ ناصر عفيفي وحمل عنوان "التحالف ضد بابل...الولايات المتحدة و"إسرائيل" والعراق". والكتاب يقع في 355 صفحة من الحجم الكبير.
رأى جون كولي في كتابه هذا أن الأصوليين اليهود لا يختلفون في توجهاتهم عن بعض المسيحيين المتطرفين الذين يدورون في فلك الصهيونية العالمية، مُذكراً بالحماسة التي أبدتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق الأرعن جورج بوش لجنرالات 'إسرائيل' والمتطرفين فيها، ومشيراً إلى إن بلاد ما بين النهرين تظهر في قصص التوراة مثيرة للدهشة والاستغراب!!
وجون كولي هو صحفي أميركي بارز عمل مراسلا لصحف أمريكية عديدة إضافة إلى عمله في شبكة إيه بي سي نيوز وله كتب منها حروب أمريكا الطويلة في الشرق الأوسط والحروب غير المقدسة.. أفغانستان أمريكا والإرهاب الدولي والمخابرات الأمريكية والجهاد.. تحالف مشئوم ضد الاتحاد السوفيتي ومارس الأخضر وأيلول الأسود قصة الفلسطينيين العرب عن محنة الفلسطينيين الذين لجأوا إلى العنف باعتباره سلاح الضعيف.
تساءل الناشر عادل المعلم في مقدمة الكتاب حول ما إذا كان بالإمكان فهم الصراع في الشرق الأوسط دون العودة إلى قصة بابل القديمة !!وأشار إلى ضرورة قراءة الأحداث الجارية في ضوء خلفيات تاريخية منها الاستعمار الأوروبي للعالم العربي في القرن التاسع عشر والحروب الصليبية على الشرق قبل نحو تسعة قرون والتي تأسست على خلفية خطبة شهيرة للبابا أوربان الثاني بفرنسا عام 1095 اعتبر فيها المسلمين الجنس الكافر المحتقر عن حق المجرد من القيم الإنسانية وعبد الشيطان، كما دعا لاسترداد الأرض المقدسة في فلسطين، وحاولت الجيوش الغربية تنفيذ هذا الحلم عبر حملات استمرت من ذلك التاريخ حتى عام 1293.
أما جون كولي فقد وصف الاحتلال الأمريكي للعراق بأنه كان مغامرة سيئة الإعداد برغم سهولة الغزو لأنه شهد كثيرا من المآسي، أكان منها التي أصابت الشعب العراقي أو تلك التي نزلت بضباط وجنود الجيش الأميركي. وقال إن ادعاء اليمين الحاكم في واشنطن أنه المدافع الأول عن حقوق الإنسان في العالم «لطخته الفضيحة المدوية والمصورة للإساءة والتعذيب وحتى القتل للسجناء العراقيين المحتجزين بواسطة القوات الأمريكية في العراق.
وأضاف أن الربط بين العراق في عهد رئيسه الراحل صدام حسين وتنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن كان يهدف إلى التضليل المتعمد للرأي العام الأمريكي، مشيرا إلى أن بوش اتخذ قرار الحرب قبل هجمات 11 سبتمبر .2001
وكما هو معروف فإن أمريكا قد قادت عقب هجمات سبتمبر حربا أسقطت نظام طالبان الذي كان يستضيف تنظيم القاعدة في أفغانستان.كما احتلت العراق وأنهت حكم صدام في التاسع من أبريل 2003 بعد حرب دامت نحو ثلاثة أسابيع تحت ذرائع ثبت عدم صدقها أبرزها حيازة العراق أسلحة الدمار الشامل.
وسخر المؤلف في كتاب التحالف ضد بابل...الولايات المتحدة و"إسرائيل" والعراق من إصرار حكومتي بوش ورئيس الوزراء البريطاني في حينه توني بلير على إطلاق صفة التحالف على الاحتلال العسكري للعراق.
وقال عالم الاجتماع الأمريكي وليام بولك في تقديم الكتاب إن المؤلف كولي كان دائما في موقع الحدث واصفا بحوثه بالحياد والنزاهة والاقتحام على مدى أكثر من أربعين عاما في الشرق الأوسط تفرد خلالها بتناول عدد من القضايا منذ كتابه الأول البعل والمسيح ومحمد.. الدين والثورة في شمال أفريقيا.
وعمل بولك مستشارا للرئيسين جون كنيدي وليندون جونسون كما قام بتدريس التاريخ العربي وشؤون الشرق الأوسط في جامعتي هارفارد وشيكاغو التي أسس بها مركز دراسات الشرق الأوسط وأصدر كتاب فهم العراق عام .2005
وأشار بولك إلى زمالته لكولي في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية بين عامي 1964 و1965 بعد جولة لكولي في شمال أفريقيا حيث وضع كتابه الأول عن أسباب فشل المسيحية هناك واستبدالها بالإسلام لان المسيحية تم ربطها دائما بالاستعمار الأوروبي مضيفا أن كتاب كولي تحليل للأحداث المأساوية والخلفية التاريخية للحرب على العراق.هو [الكتاب] أخر غزواته لحقل الألغام السيكولوجي والسياسي للشرق الأوسط وهناك الكثير الواجب تعلمه من هذا الكتاب.
وتناول مؤلف الكتاب قصة السبي البابلي لليهود في القرن السادس قبل الميلاد على يد الملك نبوخذ نصر الثاني «بختنصر» الذي حكم البلاد بين عامي 604 و562 قبل الميلاد مشيرا إلى أن صدام أمر بإعادة بناء قصر نبوخذ نصر في بابل كرمز للانا المتضخمة بعد مضي نحو 80 عاما على تصوير فيلم لا تسامح الذي أخرجه عام 1916 الأمريكي دافيد وارك جريفيث وصور فيه بابل على أنها تجسيد لكل الشرور في العقل الأمريكي.
وقال كولي إن مؤرخي الكتاب المقدس والمؤرخين العلمانيين قدموا الوقود الذي جعل من العراق بقعة لصناعة الشر بالاستناد إلى رؤية العهد القديم لبابل كمركز للفساد والظلام.
واستشهد بوصف باحث ألماني لبابل بأنها دولة معادية لله وأنها ذات سمعة سيئة بين اليهود كما يعتبرها كثير من المسيحيين أم كل البغايا والآثام.
وفي تقديره أن كل أمريكي يحارب في العراق منذ عام 2003 يقابله مسيحي أو أكثر من الموالين للصهيونية.
ويرى أن من يحاول فهم الشرق الأوسط يرتكب خطأ فادحا إذا تجاهل هذه القصص الغابرة التي قال إن فيها أسبابا تدعو إلى وجود أشد أنصار'إسرائيل'تعصبا في الولايات المتحدة بمن فيهم أقرب مستشاري جورج بوش وهم حلفاء متحمسون لساسة وجنرالات'إسرائيل'اليمينيين اليوم... ينطلقون من أعماق قصص التوراة والتاريخ والأساطير وخاصة دراما الإسرائيليات القديمة.وقال كولي إن 'إسرائيل'دائما ترى أن العراق عدو استراتيجي.
وأضاف أن الحرب التي قادتها أمريكا حققت بعض أهدافها العسكرية الخالصة بتدمير البنية التحتية لدولة صدام لكنها فشلت في استعادة الدولة أو توفير حياة كريمة للمواطنين كما حققت هدف'إسرائيل' الأثير وهو تدمير القوات المسلحة العراقية بلا خسائر إسرائيلية.
وأشار إلى أن بوش الابن بعد أن أصبح رئيسا في يناير 2001 سعى مع مستشاريه نحو حملتهم الصليبية للإطاحة بصدام وإن كانت 'إسرائيل' خلال الحرب تقدم برامج تدريب نظرية وميدانية للقوات الخاصة الأمريكية عن الأساليب الوحشية التي تستخدمها لقمع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وإلى لقاء يتجدد مع كتاب آخر لقي ضجة في الأوساط العربية والعالمية عند نشره !!
محمود كعوش
كاتب عربي مقيم بالدانمارك
كوبنهاجن
kawashmahmoud@yahoo.co.uk