مقال - هيئة واحدة للفَتْوَى وتجريم ما عداها
لم يعد هناك بديلاً ولا خياراً عن إنشاء هيئة واحدة متخصصة للفتوى الشرعية في أمور المسلمين الدينية ، يتم تشكيلها من كبار علماء الدين الثقاة وكبار العلماء في كافة فروع العلم التي يحتاج أليها علماء الدين للاستنارة والاستيضاح قبل إصدار فتاواهم ، وبحيث تكون هذه الهيئة هي الجهة الوحيدة المُعترف بها في هذا الشأن ، و على أن ينص الدستور والقانون صراحة على تفرد هذه الهيئة دون غيرها بأمور الفُتيا التي يجب أن تكون مُلزمة وسارية على كل مؤسسات الدولة وأفرادها فيما يخص شئونهم وأمورهم الشرعية ، وبحيث يُجرم القانون ويعاقب بشدة وبشكل مغلظ كل من يتجرأ على الفتوى من خارج هذه الهيئة ، والجدير بالذكر أن لدينا داراً للإفتاء أُنشأت منذ ما يزيد عن سبعمائة عام ، إلا أن هذا لم يمنع صدور فتاوى من آخرين لأن القانون لم يقصر الفتوى عليها ولم يحظرها على غيرها.
لا وقت للتلكؤ أو التباطؤ ، فالثقب الأسود يزداد والفتق السيئ يتسع ، آن الأوان لأن نغلق سوق عكاظ للفُتيا التي تجرأ عليها وتصدى لها كل من هب ودب وكل من حلا له أن يدلو بدلوه في أخطر ما يخص المسلمين وهي عقيدتهم ، الأمر جد خطير ولا وقت لدينا نضيعه في ظل تلك الفوضى العارمة والظلال القاتمة التي صنعها المُفتون بفتاواهم التي نالت منا ومن إسلامنا الحنيف وحيرت عقول المسلمين وشتت فكرهم وأضلت سعيهم وجعلتهم فرقاً وشيعاً على غير مراد الله ورسوله ، لقد أصبحت الفتوى يسيرة وسهلة على كثير من السفهاء والجاهلين الذين قرءوا قليلاً من الآيات أو بعضاً من الأحاديث النبوية ، فأطلقوها ليصبغوا الشرعية على أفكارهم المنحرفة التي تخالف قرآننا الحكيم وهدي رسولنا الكريم محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ ، ومن أسفِ أن الناس وسط هذا الضباب انخدعوا بالبعض واتخذوا رُءُوسًا جُهَّالًا شيوخاً يسألونهم فيفتوهم بِغَيْرِ عِلْمٍ فيضلوهم .
لقد كانَ سلفُ الأمةِ من الصحابةِ والتابعين , يتورعونَ غاية الورعِ من الفُتيا ويتحسبون لها ويُقدرون خُطورةَ الافتئات والقولِ على اللهِ بغير علم , ويودُّ الواحدُ منهم أن يكفيهَ غُيره شأن الفتيا ، واضعين قول الله وقول رسوله الكريم في هذا الشأن بين أعينهم ، ولم يغب عنهم قول الله: (( وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) (النحل:117,116) وقوله تعالى: وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ )) (يونس:60,59) وقوله تعالى: وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ )) (لأعراف:33) .
ولم يغب عنهم قوله صل الله عليه وسلم : ((من أفتى فتيا بغير علم كان إثم ذلك على الذي أفتاه)) . وقوله صل الله عليه وسلم: ((من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)).
يجب علينا أن نفيق من الغفلة التي غشيتنا مئات السنين ، وحان الوقت لتطهير الإسلام مما علق به من تفسيرات خاطئة وتأويلات ضالة ، حان الوقت لمراجعة دقيقة لكل التفاسير التي تتكئ على الموروثات والأثر والسير والإسرائيليات والمرويات التي تصطدم بقرآن الله ، فلا حصانة إلا للنص القرآني ثم الأحاديث الصحاح ، عدا ذلك فالكل مردود عليه والكل قابل للتخطيء والتصويب .
إن ما يحدث للإسلام اليوم أمر جلل ، فالمسلمون هم أنفسهم من يطعنونه طعنات نجلاء وهم من يهدمونه ويحاربونه بسوء فعالهم ، ويزهقون أرواحهم ويستبيحون دمائهم وأعراضهم بفتاوى الجماعات الضالة الشاذة المنحرفة وبالفهم الخاطئ لمراد الله من الرسالات السماوية ، فالإسلام رسالة سماوية سامية أراد بها الله سعادة وإسعاد البشر ولم يرد بها تعاستهم ولا حزنهم ولا همهم ولا كربهم ولا تعكير صفو حياتهم ، عكس ما يرد على ألسنة الدعاة وأحاديثهم والتي غالباً ما تذهب في اتجاه واحد ، هو الإرهاب و الإرعاب والوعيد والتوعد من الله على كل صغيرة وكبيرة بما يدخل على النفوس اليأس والنكد والسأم والقنوط من رحمة الله .
الإسلام هو دين الله المُنزل على رسله وأنبيائه المكرمين وليس على نبينا وحبيبنا محمد صل الله عليه وسلم فقط ، مثلما يحلو لكثير من الشيوخ أن يصوروا أو يروجوا ، قال الله تعالى: (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) ، فنحن مسلمون لا إسلاميون والإسلام ملة أبينا إبراهيم والله سماه وسمانا المسلمين وما نبينا محمد إلا خاتماً في سلسلة شريفة كريمة من الأنبياء دعوا أقوامهم إلى الإسلام ، قال الله تعالى (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم(( وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ((مثلي ومثل الأنبياء كمثل قصر أحسن بنيانه ترك فيه موضع لبنة ، فطاف به النظار ، يتعجبون من حسن بنائه ، إلا موضع تلك اللبنة ، فكنت أنا سددت موضع اللبنة ، ختم بي البنيان وختم بي الرسل وفي رواية : فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين)) متفق عليه .
إن كثير من شيوخ المسلمين جنحوا بالإسلام وأنزلوا علينا مفاهيمهم الظلامية وفكرهم القاصر وتأويلاتهم المغلوطة وقرءوه قراءة خاطئة فى كثير من جوانبه وأحكامه ، فجعلوا الأمةَ تتخبطُ ذاتَ اليمينِ وذاتَ الشمال وكلفونا الشيء الكثير وحادوا بنا عن الطريق المستقيم الذي أراده الله لنا وللآخرين ، وما الجرائم والمصائب التي ترتكب اليوم ومنذ حقب باسم الإسلام إلا نتيجة لما فعله هؤلاء الشيوخ بنا .
الكاتب . حامد الأطير.jpg
لا وقت للتلكؤ أو التباطؤ ، فالثقب الأسود يزداد والفتق السيئ يتسع ، آن الأوان لأن نغلق سوق عكاظ للفُتيا التي تجرأ عليها وتصدى لها كل من هب ودب وكل من حلا له أن يدلو بدلوه في أخطر ما يخص المسلمين وهي عقيدتهم ، الأمر جد خطير ولا وقت لدينا نضيعه في ظل تلك الفوضى العارمة والظلال القاتمة التي صنعها المُفتون بفتاواهم التي نالت منا ومن إسلامنا الحنيف وحيرت عقول المسلمين وشتت فكرهم وأضلت سعيهم وجعلتهم فرقاً وشيعاً على غير مراد الله ورسوله ، لقد أصبحت الفتوى يسيرة وسهلة على كثير من السفهاء والجاهلين الذين قرءوا قليلاً من الآيات أو بعضاً من الأحاديث النبوية ، فأطلقوها ليصبغوا الشرعية على أفكارهم المنحرفة التي تخالف قرآننا الحكيم وهدي رسولنا الكريم محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ ، ومن أسفِ أن الناس وسط هذا الضباب انخدعوا بالبعض واتخذوا رُءُوسًا جُهَّالًا شيوخاً يسألونهم فيفتوهم بِغَيْرِ عِلْمٍ فيضلوهم .
لقد كانَ سلفُ الأمةِ من الصحابةِ والتابعين , يتورعونَ غاية الورعِ من الفُتيا ويتحسبون لها ويُقدرون خُطورةَ الافتئات والقولِ على اللهِ بغير علم , ويودُّ الواحدُ منهم أن يكفيهَ غُيره شأن الفتيا ، واضعين قول الله وقول رسوله الكريم في هذا الشأن بين أعينهم ، ولم يغب عنهم قول الله: (( وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) (النحل:117,116) وقوله تعالى: وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ )) (يونس:60,59) وقوله تعالى: وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ )) (لأعراف:33) .
ولم يغب عنهم قوله صل الله عليه وسلم : ((من أفتى فتيا بغير علم كان إثم ذلك على الذي أفتاه)) . وقوله صل الله عليه وسلم: ((من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)).
يجب علينا أن نفيق من الغفلة التي غشيتنا مئات السنين ، وحان الوقت لتطهير الإسلام مما علق به من تفسيرات خاطئة وتأويلات ضالة ، حان الوقت لمراجعة دقيقة لكل التفاسير التي تتكئ على الموروثات والأثر والسير والإسرائيليات والمرويات التي تصطدم بقرآن الله ، فلا حصانة إلا للنص القرآني ثم الأحاديث الصحاح ، عدا ذلك فالكل مردود عليه والكل قابل للتخطيء والتصويب .
إن ما يحدث للإسلام اليوم أمر جلل ، فالمسلمون هم أنفسهم من يطعنونه طعنات نجلاء وهم من يهدمونه ويحاربونه بسوء فعالهم ، ويزهقون أرواحهم ويستبيحون دمائهم وأعراضهم بفتاوى الجماعات الضالة الشاذة المنحرفة وبالفهم الخاطئ لمراد الله من الرسالات السماوية ، فالإسلام رسالة سماوية سامية أراد بها الله سعادة وإسعاد البشر ولم يرد بها تعاستهم ولا حزنهم ولا همهم ولا كربهم ولا تعكير صفو حياتهم ، عكس ما يرد على ألسنة الدعاة وأحاديثهم والتي غالباً ما تذهب في اتجاه واحد ، هو الإرهاب و الإرعاب والوعيد والتوعد من الله على كل صغيرة وكبيرة بما يدخل على النفوس اليأس والنكد والسأم والقنوط من رحمة الله .
الإسلام هو دين الله المُنزل على رسله وأنبيائه المكرمين وليس على نبينا وحبيبنا محمد صل الله عليه وسلم فقط ، مثلما يحلو لكثير من الشيوخ أن يصوروا أو يروجوا ، قال الله تعالى: (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) ، فنحن مسلمون لا إسلاميون والإسلام ملة أبينا إبراهيم والله سماه وسمانا المسلمين وما نبينا محمد إلا خاتماً في سلسلة شريفة كريمة من الأنبياء دعوا أقوامهم إلى الإسلام ، قال الله تعالى (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم(( وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ((مثلي ومثل الأنبياء كمثل قصر أحسن بنيانه ترك فيه موضع لبنة ، فطاف به النظار ، يتعجبون من حسن بنائه ، إلا موضع تلك اللبنة ، فكنت أنا سددت موضع اللبنة ، ختم بي البنيان وختم بي الرسل وفي رواية : فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين)) متفق عليه .
إن كثير من شيوخ المسلمين جنحوا بالإسلام وأنزلوا علينا مفاهيمهم الظلامية وفكرهم القاصر وتأويلاتهم المغلوطة وقرءوه قراءة خاطئة فى كثير من جوانبه وأحكامه ، فجعلوا الأمةَ تتخبطُ ذاتَ اليمينِ وذاتَ الشمال وكلفونا الشيء الكثير وحادوا بنا عن الطريق المستقيم الذي أراده الله لنا وللآخرين ، وما الجرائم والمصائب التي ترتكب اليوم ومنذ حقب باسم الإسلام إلا نتيجة لما فعله هؤلاء الشيوخ بنا .
الكاتب . حامد الأطير.jpg